تحقيقات وتقارير

على ذمة الاتهام في القضية كم حصل الشرطي من مال لتمرير الذهب المُهرَّب؟


20 ألفاً يتقاضاها شرطي في مطار الخرطوم، مقابل تهريب شحنة من الذهب تقدر بنحو 13 كيلوغراماً، وتمريرها بين الحواجز الأمنية المختلفة قبل تسليمها لصاحبها في غرفة التفتيش الشخصي قبل صعوده للطائرة، وفقاً لعريضة الاتهام التي قدمها جهاز الأمن والمخابرات أمس في مواجهة الشرطي المتهم والذي يحمل رتبة (المساعد) في أول قضية تهريب ذهب تحال لمحكمة جرائم الفساد ومخالفات المال العام التي يترأسها القاضي المشرف ياسر بخيت، ويواجه الاتهام فيها إضافة للشرطي، تاجر.

جواز هولندي

ضابط بجهاز الأمن والمخابرات الوطني مثل بالمحكمة كشاكٍ في القضية، وقال إن معلومة توفرت لهم عن شخص يقوم بتهريب ذهب عبر مطار الخرطوم بمعاونة نظامي بالجمارك بالمطار مقابل (20) ألف جنيه سوداني بعد تنفيذ كل عملية؛ وأنهما التقيا قبل الشروع في التنفيذ بمطعم سمك بمنطقة بري بالخرطوم واتفقا على منح المتهم الثاني المبلغ بعد عودة الأول من دبي التي يهرب لها الذهب؛ منبهاً إلى أن المتهمَين نفّذَا ثلاث عمليات عبر الخطوط الجوية الإثيوبية المتجهة لدولة دبي؛ أولها بشهر سبتمبر للعام 2016م وبعد ستة أيام نفذت الأخرى والثالثة بعد أسبوع منها؛ لافتاً إلى أن المتهم الأول يحمل جواز سفر هولندياً؛ مشيراً إلى أنه يوم الواقعة ظل مراقباً للمتهم الأول (التاجر) حتى داخل دورة المياه وبخروجه منها لاحظ تبادل للنظرات بينه والشرطي المتهم الذي دخل خلفه للدورة.

وأضاف الشاهد: بعد دخول التاجر لصالة السلامة ومروره عبر جهاز التفتيش الشخصي تم توقيفه واتضح أنه يرتدي خاتماً وساعة وحزاماً وبعد خلعها مرّا دون إنذار من الجهاز، وبصالة التفتيش حضر الشرطي، وسأل التاجر عما يحمله معه وأخبره أن بحوزته (5) آلاف دولار، عندها طلب منه الدخول لغرفة التفتيش الشخصي وعند صعوده إلى البص أشار الشاكي إلى أنه أوقفه وسأله عما بداخل الحقيبة فأخبره عن سبيكتَي ذهب بجانب مبالغ مالية لعملات أجنبية مختلفة، منوهاً إلى أن العاملين والموظفين والقوات النظامية بالمطار لا يتم توقيفهم عند مرورهم عبر جهاز التفتيش الشخصي حتي وإن أطلق إنذاراً عدا المواطنين المسافرين.

الشاهد الأول

شاهد الاتهام الأول صلاح الدين عبد الرحمن محمد، عضو بجهاز الأمن والمخابرات الوطني، أفاد في المحكمة بأنه يعمل في المطار منذ العام 2012م، ومسؤول عن مكافحة التهريب والجرائم التي تضر بالاقتصاد، وكشف عن ورود معلومات اليهم تفيد أن المتهم الأول يهرب الذهب إلى دبي عبر مطار الخرطوم الدولي، ونوه إلى معلومات أخرى وردت إليهم كذلك أن المتهم الأول قام بعمليات تهريب ذهب وصلت إلى نحو ثلاث عمليات سابقة، ونبه إلى أن جميع عمليات التهريب للذهب تتم في المراحل النهائية لإجراءات التفتيش في صالة السلامة الجوية بمطار الخرطوم وذلك بمعاونة نظامي برتبة مساعد شرطة يعمل في التفتيش الشخصي في آخر غرفة للسلامة الجوية للمطار، لافتاً إلى أنه وبحكم وجودهم العملي بالمطار رصدوا المتهم الأول المسافر لدبي، وأنه وفي يوم الواقعة في أواخر العام 2016م ورد إليه اتصال هاتفي أخطر خلاله من أحد أفراد الأمن أن لدى المتهم الأول رحلة خارجية عبر الخطوط الجوية الإثيوبية، وأن هناك نظامياً متورطاً في الأمر.

وأفاد الشاهد بأنه وعقب ذلك الاتصال وزع أفراداً تابعين لجهاز الأمن على قسمين بالمطار أحدهم مهمته مراقبة بوابة السلامة الجوية بعد تمليكه اسم التاجر، وآخر مهمته المراقبة داخل صالة السلامة.

وأضاف: بعد ضبط المتهم الأول ذهب إليه ووجده مرتدياً بدلة وفي يده حقيبته الشخصية، وقال إنه استفسر فوراً عن ما يحمله وأجابه بأن بحوزته ذهباً عبارة عن (4) سبائك. الشاهد لم يتوقف عند ذلك بل كشف للمحكمة أنه عند فتح بدلة المتهم الأول وجده يرتدي بداخلها (صديرياً) عليه (جيب) ملحق بها وبداخله سبيكتان ذهبيتان، منوهاً إلى استدعاء العضو الآخر من جهاز الأمن وهو المبلغ في القضية، وقاموا برؤية الذهب في حضور ممثل الطيران المدني بمطار الخرطوم الدولي، ومسؤول التفتيش الشخصي، لافتاً إلى أنه وعقب ذلك ألقوا القبض على التاجر ومن ثم تم اقتياده إلى مكاتب جهاز الأمن لأغراض التحقيق حول الواقعة واستجوابه ميدانياً داخل المطار، وأقر بأن الذهب سلمه له نظامي -مساعد شرطة- وهو المتهم الثاني في القضية.
وأوضح الشاهد أن المتهم الثاني النظامي يعمل في التفتيش الشخصي داخل غرفة السلامة بالمطار وأن الغرفة مغلقة، لافتاً إلى أن المسموح لهم بالتفتيش داخل هذه الغرفة فقط هم شرطة الجمارك.

يشار إلى أن الشرطي المتهم ترافع في جلسة الأمس عن نفسه دون محامٍ، فوجه أسئلة عدة لشاهد الاتهام الأول حول رصد الكاميرات داخل المطار لأدق الحركات فيه وفي نطاق واسع، وهنا أجابه الشاهد أن الكاميرات الحديثة داخل المطار تم تركيبها داخل في العام 2017م، منوهاً إلى أن هناك ضابط جمارك وضابطاً آخر يتبع للطيران المدني يكونان موجودين على جهاز كشف الأشعة الخاص بفحص الحقائب، مشيراً إلى أن المتهم الثاني مسؤول عن غرفة التفتيش.

قاضي المحكمة ياسر بخيت، استجوب شاهد الاتهام الأول حول رؤيته المتهم الثاني داخل المطار عند القبض على المتهم الأول وفي المقابل أجابه بالنفي المطلق.

شاهد ثانٍ

شاهد الاتهام الثاني نور الدين حسين – عضو بجهاز الأمن والمخابرات الوطني أيضاً – أفاد المحكمة عند مثوله أمامها بأن توجيهات وردته من مديره المبلغ في القضية بمراقبة المتهم الأول، منبهاً إلى أن دوره انحصر في مراقبة وإيقاف المتهم الأول في آخر نقطة لصعوده البص المؤدي للطائرة المغادرة وذلك بعد أن راجع جواز سفره وتأكد من أنه الشخص المطلوب، فيما نفى شاهد الاتهام الثاني رؤيته للمتهم الثاني النظامي بالمطار طيلة عمله فيه لأربع سنوات، مبرراً ذلك بأن ورديته مختلفة عنه، بينما تعرّف الشاهد في ذات الوقت على المتهم الأول عند نهوضه ووقوفه على قدميه بقفص الاتهام على الرغم من أن الشاهد قد أخطأ في اسمه واستبداله بآخر خلال الإدلاء بإفادته، وأضاف للمحكمة: (لو كان المتهم الأول وسط ألف نفر بطلعه، ياهو ذاتو).
وحددت المحكمة جلسة أخرى لسماع آخر شهود الاتهام في الأيام القادمة.

تقرير: رقية يونس
صحيفة السوداني.


تعليق واحد