عالمية

سلام جنوب السودان.. تفاصيل آخر 24 ساعة قبل التوقيع


ما أن حملت الأنباء إعلان وزير الخارجية الدرديري محمد أحمد عن توقيع اتفاق نظام الحكم وتقاسم السلطة اليوم، حتى ارتفعت حواجب الدهشة لجهة غياب أي مؤشرات معنوية إيجابية لدى فرق التفاوض من الأطراف الجنوبية المتعددة؛ في وقت بدا فيه من الواضح أن الوساطة السودانية بقيادة الدرديري تخفي أمراً ما خصوصاً بعد عودة الأخير من زيارته المباغتة لكمبالا وجوبا الجمعة الماضية؛ لتحمل الأيام اتفاقاً جديداً عرضته الخرطوم على الاطراف شفاهة.. وسمّته بالوثيقة النهائية. (السوداني) رصدت تفاعلات الساعات الأخيرة قبيل التوقيع وما حدث فيها.

بين مصدق ومكذب استقبلت وفود الأطراف الجنوبية دعوات الوساطة لاجتماع عاجل التأم أمس، بقاعة التفاوض في أكاديمية الأمن العليا بسوبا. الجميع يرحل صوب قاعة الاجتماعات مُمنِّياً نفسه بأن تغير الخرطوم ما أوردته شفاهة من اقتراحات، قادة الوفود التفاوضية يتحركون بسرعة صوب القاعة ويقطعون على منسوبيهم (الونسات) الجانبية مع بعضهم البعض ليسبقوا في الدخول وزير الخارجية د.الدرديري محمد أحمد الذي ما أن حضر في الواحدة تماما حتى بدأ الاجتماع.

مقترح أم وثيقة؟

الخرطوم لا يبدو أنها تعبث هذه المرة أو على استعداد لأي تمديد، وهو ما قال به وزير الخارجية لجهة عدم استخدامه مفردة (مقترح) وإنما (وثيقة) مردفاً المفردة بكلمة نهائية، تاركاً انطباعاً لا يُختلف حوله بأن الوثيقة غير قابلة للتعديل. وذهب الدرديري إلى أن الوثيقة المقدمة سيتم التوقيع عليها اليوم.. الجميع تسلم مقترحه وسط همهمات الحضور بمجرد اطلاعهم على الرقم (5) المقابل لعبارة (نواب الرئيس)، قبل أن يطالبوا الوزير بمهلة للتشاور لتخرج الوفود وسط توتر ملحوظ.

وبحسب التسريبات فإن معظم الوفود كان تململها بفعل استيعابها أن الوثيقة غير قابلة للتعديل، بما يعني أن أي تحفُّظ أو رفض لن يُجدي نفعاً في تغيير ما تمت صياغته طيلة الفترة الماضية بناءً على آراء الأطراف ومواقفها.
الدرديري لم يجامل وهو ينطق بحروف متباطئة، وهو يخاطب الوفود بأن هذه الوثيقة فمن شاء فليوقع ومن شاء فليرفض. محللون نظروا لتصريح الدرديري بأنه يأتي مقروءاً مع ما نقلته مستشارة الرئيس موسيفيني نجوى قدح الدم عن الرئيس البشير بأن الوثيقة المعروضة نهائية وإذا تم رفضها يتم الانتقال إلى نيروبي فوراً.

وفد مشار بمجرد خروجه من قاعة الاجتماعات غادر إلى مقر إقامة د.مشار لعقد اجتماع طارئ للمكتب السياسي للحركة، تبعه بفارق زمني ضئيل موكب وفد حكومة الجنوب إلى مقر إقامته بفندق كورينثيا، فيما عقدت جبهة الخلاص بقيادة توماس سيرليو اجتماعا منفصلاً بفندق الأكاديمية، وانخرط د.لام أكول مع مجموعته في اجتماع لتقييم الوثيقة.
الوساطة السودانية بدورها وعقب مغادرة وزير الخارجية، لملمت أوراقها وانزوت لتُقيِّم الموقف فيما كان السفير جمال الشيخ يتحرك بنشاط بائن بين المجموعات الجنوبية مجتمعاً مع هذا أو راداً على استفسارات ذاك، قبل أن يجلس طويلاً مع المبعوث الخاص للإيقاد إسماعيل وايس.
وما أن حلت الـ7 مساء حتى كانت الوفود تعود إلى مقر التفاوض مرة أخرى لجهة أنها مطالبةٌ بردود مكتوبة على الوثيقة والجميع ينتظر حضور وزير الخارجية الدرديري محمد أحمد.

من مثل الوفد؟ وماذا قالت الوثيقة؟

أكبر الوفود التي حضرت إلى قاعة الاجتماعات والتفاوض بأكاديمية الأمن العليا بسوبا كان وفد المعارضة الجنوبية المسلحة برئاسة أنجلينا تينج والأمين العام للحركة تينقو بيتر بعد سفر رئيس الوفد هنري ادوارد منذ الأسبوع الماضي. ثاني اكبر الوفود التفاوضية كان وفد التحالف برئاسة قبريال شامسون ود.لام اكول وتوماس سيرليو.. ثالث الوفود وأبرزها كان وفد أحزاب الداخل برئاسة بيتر ميان، ووفد مجموعة المعتقلين السابقين بحضور كوستا مانيبي وعاطف كير، ووفد منظمات المجتمع المدني بحضور أدموند ياكاني. أما أهم الوفود وأبرزها كان وفد حكومة جوبا برئاسة وزير الخارجية المكلف مارتن ايليا.
وتأكيداً لما انفردت به (السوداني) أمس، قالت الوثيقة النهائية التي سلمتها الوساطة لفرقاء الجنوب، إن مؤسسة الرئاسة تتكون من رئيس + 5 نواب للرئيس، يكون فيها النائب الأول رئيس المعارضة الجنوبية المسلحة د.رياك مشار. أما الوزارات فتتكون من 35 وزارة نصيب الحركة الشعبية بالحكومة 18 وزارة فيما يكون نصيب المعارضة 17 وزارة تنال منها حركة مشار 10 وزارات بينما تنال بقية المعارضات وزارات.

بينما يتكون البرلمان القومي من 550 نائباً يقسم وفقاً للنسب 55% الحركة الشعبية بالحكومة، بينما تنال المعارضة كلها 45% منها 25% لحركة مشار و20% للمعارضات المتبقية. كما يتكون مجلس الولايات من 50 نائباً، تنال منه الحركة الشعبية في الحكومة 30 نائباً، بينما للمعارضة 20 نائباً، منهم 10 نواب لحركة مشار.

وتنص الوثيقة على بقاء الولايات في 32 ولاية على أن تحسم دراسة تعدها مفوضية ترسيم الحدود خلال ستة أشهر من توقيع الاتفاق، وأن تستمر الولايات بـ32 أو تذهب إلى 21 أو 10 ولايات، وأضافت الوثيقة أنه حال فشلت المفوضية في حسم الأمر يعود الجنوب للعمل بثلاثة أقاليم. وتتكون المفوضية من كل الأطراف على أن تترأسها دول الإيقاد، وتتشكل بعد التوقيع مباشرة وقبل بدء الفترة الانتقالية المحددة بـ 36 شهراً.

أبرز الملاحظات على الاتفاق – بحسب معلومات (السوداني) – أنه جاء في تحديد الجهاز التنفيذي بتحديد 10 وزارات تحتاج إلى نواب والمتمثلة في وزارة مجلس الوزراء والخارجية والداخلية والدفاع والتعليم العام، والمالية، والعدل، الخدمة العامة وتنمية الموارد البشرية، ووزارة الإسكان، والزراعة. ورجح مصدر رفيع في الوساطة لـ(السوداني) أمس، تقسيم وزارات الجهاز التنفيذي على المجموعات بتطبيق قاعدة (القرعة) كما نصت على ذلك اتفاقية 2015م.
البرلمان تم تحديد أن يكون من 550 نائباً على اساس استبعاد الـ332 نائباً الذين كانوا يشكلون برلمان الجنوب قبيل أحداث ديسمبر 2013م والمتكون بالأساس من 170 عضواً منتخبين لبرلمان الجنوب في 2010م+ 96 نائباً منتخباً في برلمان السودان القومي قبل الانفصال + 66 عضواً عينهم الرئيس سلفا كير ميارديت، ومن ثم تكون الإضافة الجديدة هي الـ218 نائباً، ليتم تقسيمها وفقاً للوثيقة 128 نائباً للحركة الشعبية في المعارضة + 50 نائباً للتحالف +35 للأحزاب الأخرى + 5 للمعتقلين.

صحيفة السوداني.