تحقيقات وتقارير

بسبب المنظومة الخالفة (الشعبي) .. تجدُّد صراع الأجنحة والصقور


حالة من الصراع المكتوم تضرب أضابير حزب المؤتمر الشعبي بسبب الخلاف حول المنظومة الخالفة ومواقيت تنفيذها؛ إذ يرى قطاع عريض داخل الحزب أنه قد حان أوان العمل في إنزال منظومتهم الى أرض الواقع بينما ترى كابينة الحزب أن الوقت غير مناسب ينبغي أن تكون المنظومة الخالفة حبيسة الأدراج إلى حين إشعار آخر.

مخاوف من الانشقاق

في أعقاب رحيل أمينه العام دكتور حسن الترابي تمكن المؤتمر الشعبي من تجاوز عدد من المطبات الصعبة التي كادت أن تعصف بوحدته أبرزها الشد والجذب حول خلافة الترابي عطفاً على قرار المشاركة في الحكومة، ولكن نحج الحزب في الخروج الى بر الأمان دون حدوث انشقاق في صفوفه، بيد أن مراقبين تكهنوا باتجاة الشعبي صوب الانشقاق جراء الخلافات حول المنظومة الخالفة التي تنقسم الآراء حولها خاصة أن التيار الممسك بزمام الأمور في الحزب يصر على تجاهلها بينما تصر قيادات بارزة على إنفاذها . ويفهم كثيرون أن المعني بالمنظومة الخالفة هي الأحزاب ذات التوجهات الإسلامية.

ولمزيد من التخصيص، فالمعنيون بها هم رجالات الحركة الإسلامية الذين تواثقوا على حيازة السلطة عبر وسيلة الانقلاب في العام 1989م، وتوزعوا اليوم أيدي سبأ، حيث افترق حزبا المؤتمر الوطني والشعبي عقب مفاصلة الإسلاميين في العام 1999م، بينما من صلب الوطني خرج قادة كبار وكونوا كيانات مستقلة كحال د. غازي صلاح الدين، والمهندس الطيب مصطفى، وغيرهما، بجانب مجموعات شابة مؤثرة كـ”السائحون”.

اعتراض

رغم قناعة كثيرين بسلامة منهاج دمج الأحزاب السياسية لما فيه من تقوية للأحزاب السياسية ذات الصوت الضعيف، أو التي تفقد المقدرة على منافسة الأحزاب الجماهيرية وتتكئ على رأسمال تمويلي كبير، بحسبان أن دخول الأحزاب الصغيرة في عباءة الأحزاب الكبرى ستكون خطوة فعالة وخادمة في عملية صنع القرار. لكن هناك شخصيات حزبية خاصة أصحاب التوجهات والميول اليسارية ترى أن هذا المشروع مستحيل التطبيق، وظلت تقف ضد أي توجه أو مشروع لدمج الأحزاب.

خميرة عكننة

يبدو أن المنظومة الخالفة ستكون خميرة عكننة لأوضاع داخل الشعبي، إذ يصر تيار عريض داخل الحزب على إنفاذ المنظومة الخالفة باعتبارها واحدة من وصايا الراحل د. حسن الترابي، بينما يرى الأمين العام للحزب د. علي الحاج أن الأجواء غير مواتية لتنفيذ النظام الخالف متعللاً بانعدام الحريات الكافية لإنفاذها، حيث أشار في أكثر من لقاء صحفي أن انعدام الحريات يقف عائقاً وراء تنفيذ النظام الخالف. وهنا تتباين الآراء داخل الشعبي ويرى التيار المساند للمنظومة الخالفة وتنفيذها أن حيز الحريات الحالي يتيح مساحة واسعة من التحرك بغرض العمل على تحريك المنظومة وشرح وتوضيح أهدافها، فيما يرى علي الحاج أن الوقت للعمل من أجل السلام وإيقاف الحرب وليس للعمل من أجل المنظومة .

صراع التيارات

الشعبي يعاني هذه الأيام من صراع التيارات بصورة واضحة للعيان؛ تيار الأمانة العامة. الذي يقوده الأمين العام د. علي الحاج وأمين الاتصال التنظيمي سليمان البصيلي وآخرون يرون أن الوقت غير مناسب للعمل في إنفاذ المنظومة الخالفة، بينما يري تيار آخر بقيادة أسماء حسن الترابي وعمار السجاد لا بد من تنفيذ المنظومة، وفي سبيل ذلك سعوا للاتصال بقيادات حزبية ناشطة بالولايات مما أضطر أمانة الاتصال التنظيمي للتدخل وإخراج بيان يرفض سلوكيات التيار المناوئ لهم.

بيان ناري

أخرجت أمانة الاتصال التنظيمي بالشعبي بياناً ساخناً حذرت من خلاله عمار السجاد وأسماء حسن الترابي بعدم التحرك في ملف المنظومة الخالفة، وقال البيان المذيل بتوقيع سليمان البيصلي إن السجاد وأسماء تمادا على قيادات الحزب وخالفا اللوائح الحزبية، وفي ذلك عدم احترام لقيادة الحزب المنوط بها إنفاذ المنظومة الخالفة كواحدة من توصيات المؤتمر العام للحزب الذي عقد قبل عام تقريباً، وطالب البيان بأهمية احترام موسسات الحزب والابتعاد عن التحركات الشخصية التي تضر بالحزب .

مشروع عام

ردًا على بيان أمانة الاتصال التنظيمي يقول الدكتور عمار السجاد أن المنظومة الخالفة هي مشروع لكل السودان وهي ملك للجميع وليس ملكاً لحزب المؤتمر الشعبي، ويضيف بالقول (للصيحة): المنظومة الخالفة أنتجها الراحل حسن الترابي من أجل كل السودان وهي فكرة من أجل لم شتات القوى السياسية، وليس من أجل المؤتمر الشعبي، مطالباً الشعبي برفع يده عنها وإفساح المجال للجميع من أجل العمل حول تطبيق المنظومة، وأضاف السجاد: سنعمل مع كل شخص يرغب في أنفاذ المنظومة الخالفة ولا علاقة لنا بما يصدر من الأمانة العامة للمؤتمر الشعبي.

سر التأخير

عقب انتهاء المؤتمر العام لحزب المؤتمر الشعبي الذي أجيز من خلاله قرار ينص بذوبان الشعبي داخل المنظومة الخالفة عقب ذلك المؤتمر بدأت عدة تيارات داخل الشعبي تعمل من أجل تطبيقها كفكرة على الواقع بعد أن تركها الراحل حسن الترابي كفكرة مكتوبة، بيد أن التيارات المتحمسة للمنظومة الخالفة صدمت لاحقاً بتصريحات صادرة من الأمين العام د. علي الحاج يقول من خلالها إن الوقت غير مناسب لإنفاذ المنظومة الخالفة خاصة الجوانب المتعلقة بالحريات، مطالباً بمزيد من الانتظار من أجل تطبيقها بصورة دقيقة في أوقات لاحقة .

بعد ذلك التصريح بدأت التيارات المتحمسة للمنظومة الخالفة تتحرك لإنفاذ وصية الترابي، وهنا يقول عمار السجاد إن كل قيادات الشعبي لم يتحصلوا على المنظومة الخالفة مكتوبة ولم يطلعوا عليها، لذلك يتجاهلونها، مبيناً بأنهم على استعداد لتنفيذ وصية الترابي من خلال العمل الجماعي مع كافة التيارات السياسية

محاسبة تنظيمية

في السياق، يكشف مصدر بالأمانة العامة بالشعبي أنهم بصدد محاسبة كل من يخرج عن الأطر التنظيمية وربما تطال المحاسبة أسماء بارزة ظلت تتصرف بصورة فردية، وقال المصدر للصيحة: الشعبي حزب الكبير ولديه مؤسساته وقنواته التنظيمية وسيحاسب كل من يخرج عن هذه المؤسسات..

في السياق يقول السجاد إنه ليس عضو أمانة عامة حتى تتم محاسبته.

الخرطوم ـ عبد الرؤوف طه
صحيفة الصيحة