جرائم وحوادث

لماذا أبطلت المحكمة زواج طفلة عمر ها 11 سنة؟


أصدرت محكمة الشجرة للأحوال الشخصية أمس، حكماً بإبطال زواج الطفلة (ر. ر)، البالغة ١١ سنة بعد زواج دام لبضعة أشهر، في حكم يعيد للأذهان قصصاً أُخرى مثيرة، لزواج قاصرات، آخرها قصة نورا حسين، التي تقضي عقوبة السجن، لمدة 5 سنوات بعد أن أدينت بقتل زوجها الذي أُجبرت على الزواج منه.

وتعود قصة الطفلة (ر) إلى أنها زُوِّجت قبل بداية العام الحالي وهي في عمر الحادية عشرة، لأحد الشباب ويبلغ من العمر 38 عاماً، لكنها لجأت مؤخراً لمحكمة الأحوال الشخصية بالشجرة، مطالبةً بفسخ زواجها، خاصة بعد أن قام زوجها بضربها، ما عرّضها لجروح ونزف، حسب زعمها.
وتسمح نصوص القانون السوداني بزواج القاصرات دون سن الثامنة إلى سن العاشرة؛ لكن القانون نفسه اشترط أن يتم الزواج في مثل هذه الحالة، بإذن المحكمة، التي عليها أن تنظر في المصلحة من الزواج.

وفي الجلسة الماضية لقصة (ر)، طلب قاضي المحكمة من الزوج إحضار وثيقة الزواج، كما أمر بإحضار المأذون الشرعي الذي أكمل عقد القران، بينما طالب محامي الطفلة بإبطال الزواج، استناداً على أن المحكمة لم تأذن بإكمال عقد القران، حسب ما تنص عليه القوانين الحالية، للتعامل مع زواج القاصرات دون سن الثامنة عشرة.

وخلال جلسة الأمس، وبعد عرض وثيقة الزواج، أصدرت المحكمة حكمها ببطلان الزواج، ولم تكتف بذلك، لكنها أمرت في نفس الوقت، بحسب محامي الادعاء، الفاتح حسين، بالتحقيق مع المأذون الشرعي الذي أشرف على عقد القران، كما استكتب والدها تعهداً بحسن رعايتها، فضلاً عن أمرها للزوج بعدم التعرّض للطفلة.

وأوضح محامي الادعاء، أن موكلته قاصر، وتم تزويجها دون إذن المحكمة كما تنص المادة ٤٠ الفقرة (٣) من قانون الأحوال الشخصية، وأقرَّ والدها بأن الزواج تم دون إذن المحكمة.
وأوضحت الطفلة رداً على سؤال المحكمة أنها لم تكن ترغب في الزواج، وأنها تعرَّضت للضرب من قِبَلِ الزوج، وأوضحت أنها هربت ولجأت لوحدة حماية الأسرة والطفل طلباً للحماية.
ودعا محامي الادعاء، الفاتح حسين، لمعالجة ظاهرة زواج القاصرات في كلياتها إلى تعديل وثيقة الزواج الحالية بإضافة عمر الزوجين بموجب المستندات الرسمية وتفاصيل وثائقهم الثبوتية؛ ويجب أن يتم ذلك حتى في إطار القانون الحالي.
ووصف حسين، الحكم الصادر أمس لصالح الطفلة، بأنه منصف ويُطابق صحيح القانون.
وكان الادعاء قد مثّله عدَّة محامين على رأسهم الفاتح حسين،وانضمت اليه المحامية سامية أرقاوي وأميمة أحمد المصطفى.

من جهتها، قالت مدير مركز سيما ناهد جبر الله، إن الطفلة عانت انتهاكا نفسيا وجسديا جسيما، مؤكدة دعم المركز لها، ولفتت إلى أن الحملات ستتواصل من أجل منع وتجريم زواج الطفلات في السودان.
من جهتها رحبت الناشطة، تهاني عباس، في تصريح صحفي، بحكم المحكمة الصادر أمس، الذي اعتبرته خطوة في طريق طويل للقضاء على ظاهرة زواج الطفلات.

وأضافت عباس، التي تنشط في التحالف السوداني لإنهاء زواج الطفلات، وهو تحالف ممتد مع تحالف عالمي، رعاه أيقونة النضال الإفريقي، نيلسون مانديلا، تحت شعار (طفلات لا عرائس)، أضافت أنها سعيدة جداً بالخطوة، لكنها سعادتها لن تكتمل إلا بتعديل القوانين السودانية، على أن تنص صراحة بأنه لا يجوز تزويج فتاة ما لم تصل عمر الثامنة عشرة، كما طالبت في نفس الوقت، بإلغاء المادة 40 من قانون الأحوال الشخصية التي تُبيح تزويج طفلات دون سنة الثامنة عشرة.

وتعيد قصة الطفلة (ر) إلى الأذهان قصة الفتاة نورا حسين التي أجبرت على الزواج في سن السادسة عش، فقتلت زوجها طعنا بالسكين، بعد أن اتهمته باغتصابها بمساعدة أقربائه، لأنها كانت غير راغبة في ممارس الجنس معه، وحكمت عليها محكمة أولية بالإعدام، إلا أن محكمة الاستئناف، ألغت الحكم، وأمرت بسجنها 5 سنوات مع دفع الدية كاملة لذوي الزوج القتيل، ووجدت نورا حسين تضامناً محلياً وعالمياً، خاصة حينما صدر عليها الحكم بالإعدام.
كما تعيد القصة ذاتها، إلى الأذهان قصصاً أخرى مشابهة، مثل قصة زواج طفلة عمرها 5 أعوام، اسمها أشجان يوسف، من رجل يكبرها بأكثر من أربعة عقود، وتم الزواج في 2011، إلا أن محكمة الأحوال الشخصية بمحلية كرري قضت في عام 2014 ببطلان عقد الزواج.
ولا تختلف قصة اشتياق عن قصة أشجان، التي أبطلت المحكمة زواجها بعد 3 سنوات، الأمر المختلف عند اشتياق أنها حبلت وأنجبت طفله، بعد معاناة شديدة في الحمل والولادة.

وعلى عكس كثير من بلدان العالم، لا توجد إحصاءات رسمية بزواج القاصرات، ففي مصر القربية تتحدث جهات رسمية عن تسجيل ما يقارب 104 آلاف حالة زواج لقاصرات، ويلعب الفقر والعادات والتقاليد، عاملين حاسمين في انتشار زواج القاصرات في السودان وغيره.

صحيفة السوداني.