أم وضاح

عادت “الخرطوم” .. والعود أحمد!!


منذ أن انفض سامر لاءات الخرطوم الثلاث، قبل ما يقارب الخمسين عاماً، والأمة العربية كانت يومها تضمد جراحاتها وقت أن كان السودان هو الملاذ الآمن والحضن الدافئ والعقل الراكز الذي يلجأ إليه الأشقاء والفرقاء في لحظات أفراحهم وأحزانهم، انتصاراتهم وانكسارهم، منذ ذلك الوقت للأسف انكفأت الخرطوم على نفسها وانكمشت على ذاتها وفيها ما فيها من القضايا والأزمات والجراحات، ما جعلها في شغل شاغل عن لعب دورها الطبيعي والريادي والقيادي إلى أن انتفضت كما طائر الفينيق من تحت رماد النسيان لتجمع شمل الفرقاء في جنوب السودان، وتستوعب بصبر وطولة بال خلافاتهم وقضاياهم الشائكة التي حولت الجنوب إلى ساحة حرب وقضت على الأخضر واليابس فيه، وحطمت بالضربة القاضية أحلام الإخوة الجنوبيين في تكوين دولة قوية ومتماسكة داعبت مخيلاتهم بعد الاستفتاء الذي ارتضاه الشمال، بالأنانية والعراقيل والمتاريس قطع بها طريق الأمنيات والأحلام، وخلوني أقول إن احتواء الخرطوم لهذا العرس الجنوبي بعد جولة مفاوضات شاقة وعسيرة مع فرقاء بينهم ما بينهم من الخصومة والمرارات، يؤكد أن المفاوض السوداني من طراز فريد، بدليل النتائج الإيجابية التي تمخضت عنها جولات المفاوضات الطويلة، مما جعل أي سوداني يشعر بما شعرت به أمس الأول، وأنا أتابع عبر الفضائيات جلسة التوقيع الطويلة التي احتضنتها جنبات قاعة الصداقة الفسيحة، من مشاعر الفخر والقيادة والريادة وفرقاء الجنوب يضعون مصيرهم في أيدي أشقائهم في الشمال الذين ما خذلوهم التزاماً ورعاية لهذا الاتفاق ليكونوا أيضاً ضامنين له حتى ينزل على أرض الواقع منهياً بذلك نزيف الدماء وهدر الثروات وضياع الأرواح.
لكن خلوني أقول وبذات مشاعر الفخر التي استحقتها )الخرطوم المكان( وهي تقود هذه الاتفاقية إلى بر الأمان، خلوني أقول إنني شعرت بالفخر تجاه )الخرطوم القيادة والمسؤولية والزعامة( والسيد الرئيس “عمر البشير” أكد من خلال حديثه أمام الحضور أنه قائد مهاب ومحنك وزعيم بمعنى الكلمة، جاءت عباراته المباشرة المرتجلة قوية وضافية وصادقة تقبلها الإخوة الجنوبيون قادة وقاعدة بترحاب وثقة، وهي مشاعر لا تتأتى ما لم يكن المتحدث محل ثقة وثقل وثبات مواقف، ولعلي قد سرحت والأخ الرئيس يتحدث بهذه الأريحية والأفق الواسع والفهم العميق، في كيف أن سيادته وهو رجل سياسة من طراز فريد وسوداني مفتح وود قلبا، عركته المعارك والتجارب والخبرات كيف أنه قادر على قصقصة أجنحة الطامحين والطامعين في خير الشعب السوداني، وكيف أنه قادر على كسر شوكة القطط السمان انحيازاً للمواطن وهو الضامن والضمانة لإصلاح اقتصادي حقيقي وصادق، وأظنه يملك المفاتيح والإرادة لذلك، ويبدو أن اتفاق الخرطوم أعاد لنا الثقة حتى في مسؤولينا وأعدنا اكتشاف ذاتنا وأن لدينا وزراء من الوزن الثقيل هيبة وركوز وفهم ووزير الخارجية “الدرديري محمد أحمد” ذكرني بـ”عمر الحاج موسى” فصاحة وبلاغة وطلاقة لسان مؤكد كانت زاده وذخيرته في هذه المفاوضات، وخلف الكواليس وضحت وبانت بصمة جبل الحكمة وبحر الصبر وزير دفاعنا سعادة الفريق “عوض ابن عوف” الذي وقف على رأس الترتيبات الأمنية المرهقة والمكلفة فكراً وجهداً، وثالثهم الدينمو المحرك ورمانة الميزان الجنرال “قوش” الذي مهد ورتب وآتت مساعيه أكلها سلاماً أخضر يسر الناظرين.
نعم كان يوم أمس الأول، يوماً كله بشائر ومفاجآت سارة أعاد لأهل الجنوب سلامهم المفقود وأعاد لنا ما فقدناه من زعامة وريادة، ليعود السودان الشقيق الأكبر والصديق الذي لا يخلف وعده، والضامن الموثوق به، فليسعد أهلنا في الجنوب بهذا الاتفاق الذي نتمنى أن يعيد إليهم الأمن والأمان ويعيدهم إلى حضننا كما قال الرئيس “شعب واحد في دولتين تجمعنا المصالح وتربطنا المصاهرة ويوحدنا مستقبل ومصير مشترك”.
وعلى ابن الجنوب ضميت ضلوعي
{كلمة عزيزة
لا أظن أن حديثاً عميقاً كالذي قاله والي الشمالية “ياسر يوسف” وهو يخاطب مجلس شورى ولايته، حديث للاستهلاك أو طق الحنك، حيث قال إن الصراع على كراسي السلطة يعتبر خيانة للشهداء، مشدداً على ضرورة تحسين معاش الناس، وقال إن البطون الفارغة لا تذهب للمساجد ولن تكون بطانة صالحة، وحديث الوالي أتمنى أن يكون تحولاً حقيقياً وصادقاً في فهم وفكر الحزب الحاكم تجاه قضايا المواطنين، وأرجو أن يتنزل حديث “ياسر” إلى واقع قضايا أهل الشمالية، وهي قضايا مرحلة ومكدسة على مر سنوات طويلة، ليشهد عهده في الولاية طفرة ونهضة وشحذاً للهمم.
{كلمة أعز
لفت نظري في صور المدرسة الخاصة التي شهدت حادثة مقتل التلميذات بأمبدة، أن اللافتة مكتوب عليها مدرسة “أبوبكر الصديق” الخاصة )للبنين(، والواقع أن المتوفيات والمصابات )بنات( حد فاهم حاجة؟؟.. أنا شخصياً لا!!

ام وضاح – عز الكلام