تحقيقات وتقارير

“اتفاق الخرطوم”.. بارقة أمل لنازحي جنوب السودان بالعودة إلى ديارهم ‎


“مقر حماية المدنيين ليس موطننا الأخير، لقد أُجبرنا على البقاء هنا”.

بتلك الكلمات المكتوبة على إحدى اللافتات، رحب عدد من النازحين في مقر حماية المدنيين التابع لبعثة الأمم المتحدة في جوبا عاصمة جنوب السودان، باتفاق السلام في الخرطوم بين أطراف النزاع في دولتهم، معربين عن أملهم بالعودة قريبا إلى منازلهم.

واستضافت العاصمة السودانية الخرطوم منذ أسابيع، مباحثات بين فرقاء الجارة الجنوبية لإنهاء الحرب في البلاد، المستمرة منذ 2013، أي بعد عامين من الانفصال عن السودان.

وتكللت بتوقيع فرقاء جنوب السودان الأحد الماضي، الاتفاق النهائي لاقتسام السلطة والترتيبات الأمنية برعاية الرئيس السوداني عمر البشير، تحت مظلة “الهيئة الحكومية للتنمية بشرقي إفريقيا” (إيغاد).

ووقع الاتفاق من جانب حكومة جنوب السودان الرئيس سلفاكير ميارديت، وزعيم المعارضة المسلحة ريك مشار، وممثلو أحزاب سياسية وجماعات مسلحة.

وطالب هؤلاء المدنيون في معسكر النازحين، وينحدرون جميعا من قبيلة “النوير” التي ينتمي إليها زعيم المعارضة المسلحة ريك مشار، بتوفير الضمانات الأمنية حتى يتمكنوا من العودة إلى ديارهم التي تركوها منذ اندلاع المواجهات المسلحة عام 2013.

ومن بين النازحين الذي تحدثوا للأناضول “خسارة قاتلونق” (40 عاما)، وهو أب لخمسة أبناء يقيمون معه داخل المعسكر.

وقال “خسارة” إنهم احتفلوا داخل المعسكر بتوقيع اتفاقية السلام، حيث رفعوا لافتات تطالب بعودتهم إلى منازلهم.

وأشار إلى أنهم يأملون أن تلتزم الحكومة والمعارضة ببنود اتفاقية السلام الموقعة في الخرطوم.

أما مواطنه “ماركو قلواك”، فقال إنهم يريدون أن توفر لهم الحكومة الضمانات الأمنية الكافية كي يعودوا إلى ديارهم.

وطالب قلواك السلطات الحكومية بإخلاء منازلهم التي تركوها منذ عام 2013، من الأشخاص الذين قاموا باحتلالها بالقوة الجبرية، لافتا إلى أنهم تركوها خشية استهدافهم على أساس عرقي، لأنهم ينتمون إلى قبيلة ريك مشار.

وأضاف: “الناس هنا يريدون ضمانات أمنية للخروج من هذا المعسكر، وأعتقد أن حلول السلام سيساعد في تشجيعهم على العودة إلى بيوتهم، فنحن تركناها خوفا على حياتنا من الاستهداف العرقي من قبل الجيش الحكومي”.

وتابع: “نحتاج إلى دوريات من الشرطة والقوات الأممية لحماية مناطق تواجدنا بالأحياء السكنية كضمانة حتى نستطيع العودة إلى ممارسة حياتنا السابقة”.

بدروها، اعتبرت ربيكا نيون (33 عاما)، وهي أم لثلاثة أطفال تقيم داخل المعسكر مع زوجها منذ عام 2013، أن توقيع اتفاقية السلام يمثل فرصة حقيقية لها ولأبنائها للعودة إلى حياتهم السابقة.

وقالت إن “تحقيق السلام سيجعلني أعود لاستأنف حياتي العادية، لقد تعبنا من هذا المكان غير المهيأ، نحن نرغب في أن نعيش دون خوف ومعاناة، لذلك احتفلنا اليوم مع بقية مواطني جنوب السلام بتوقيع اتفاق السلام”.

وأشارت “نيون” إلى أنهم يعانون بصورة كبيرة داخل هذا المعسكر من نقص المرافق الصحية، وعدم توافر الغذاء الجيد، حيث تقدم لهم حصص شهرية من الدقيق وبعض البقوليات والزيت، والتعليم داخل المعسكر يقوم به معلمون متطوعون من النازحين.

ومضت في سرد تفاصيل معاناتهم قائلة: “نحن هنا نعاني يوميا، فليس هناك مستشفى بالشكل المعروف، كما أن المساعدات الغذائية لا تكفي أحيانا لشهر كامل”.

وتابعت: “أما بالنسبة إلى مدارس الأطفال فنحن قمنا بتكوين مدارس داخلية في المخيم، لكنها لا ترتقي إلى المستوى المطلوب”.

وأردفت: “تحملنا هذه المعاناة لحين تحقق السلام، والآن لا يوجد سبب يجعلنا نبقى في هذا المكان، نريد أن تساعدنا الحكومة والبعثة الأممية بتأمين بيوتنا حتى نشعر بالأمان”.

ويوجد داخل مقر بعثة الأمم المتحدة في العاصمة جوبا 38 ألفا من المدنيين الذين فروا من ديارهم خوفا على حياتهم، جراء أعمال العنف التي شهدتها العاصمة جوبا منتصف ديسمبر / كانون الأول 2013.

وكانت الحكومة قد طالبت مرارا المدنيين المقيمين داخل مقر حماية المدنيين التابع لبعثة الأمم المتحدة بالعاصمة جوبا بالخروج منه والعودة إلى منازلهم.

وتعهدت الحكومة بإخلاء المنازل من الأشخاص الذين احتلوها بعد أحداث عام 2013، لأن معظمهم ينتمي إلى القوات الحكومية النظامية، لكن النازحين كانوا يطالبون بضرورة توفير حماية مشتركة من الشرطة والقوات الأممية شرطا لعودتهم إلى بيوتهم.

وتوجد معظم البيوت التي يسكنها هؤلاء النازحون في مناطق “منقتين”، وأحياء (107) وحي (ريفرندوم) الواقعة شمال غربي العاصمة جوبا.

وانفصل جنوب السودان عن السودان عبر استفتاء شعبي عام 2011، وشهد منذ 2013 حربا أهلية بين القوات الحكومية والمعارضة.

وخلفت الحرب قرابة عشرة آلاف قتيل، وشردت مئات آلاف المدنيين، ولم يفلح في إنهائها اتفاق سلام أبرم في أغسطس / آب 2015‎.

الاناضول