تحقيقات وتقارير

مجلس الوزراء والعصاة السحرية معاش الناس.. اجتماعات لتغيير الراهن الاقتصادي


ذات يوم؛ قال وزير مجلس الوزراء هاشم علي سالم إن الحكومة لا تمتلك عصاة سحرية لإنهاء الأزمة الاقتصادية التي تواجهها البلاد، ولكنه رأى فى الحلول سنوات وسنوات من بينها مواصلة رفع الدعم الحكومي بجانب تحويل المواطنين من مستهلكين إلى منتجين. كل ذلك الحديث وحكومة الوفاق الوطني لم يمر على أداء وزارء اقتصادها أشهر، حتى شهدت أكبر تغيير قام به مجلس الوزراء، ركز بصورة أساسية على الطاقم الاقتصادي إلا أن ذلك التغيير لم يكن موفقاً ــ بحسب كثيرين ــ فى الوقت الذى تدهور فيه قطاع الصادر، وعجزت الميزانية عن تلبية كثير من الضروريات، وانخفضت قيمة الجنيه مقابل الدولار لأكثر من 40 جنيهاً.

تغيير وضع

بالعودة الى الوراء قليلاً؛ نجد أنه وقبل إجازة موازنة العام الحالي تغير الوضع الاقتصادي بالبلاد بصورة كليَّة بعد أن تسرَّب خبر برفع السعر التأشيري للدولار الجمركي لــ”18″ جنيهاً بدلاً عن “6.9”، الأمر الذي أدى لارتفاع الأسعار في السوق وانخفاض قيمة الجنيه مقابل العملات الأجنبية، الحكومة عقدت عدة اجتماعات لمناقشة الأزمة، لكن ما زال الوضع متأزم دون حلول.

اجتماع استثنائي

الأيام الماضية كشفت رئاسة مجلس الوزراء عن ترتيبات لعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأوضاع الاقتصادية بالبلاد ومعاش الناس، وقال نائب رئيس المجلس وزير الإعلام أحمد بلال، إن الاجتماع سيقف على معاش الناس، وضرورة إيجاد طرق لحل الضائقة المعيشية. وأضاف: “معاش الناس يعتبر من أولويات الحكومة، لذلك سنعمل جاهدين على حل الضائقة”.

إقرار حكومي

في يونيو الماضي؛ وخلال حديثه في جلسة للبرلمان أقرَّ رئيس مجلس الوزراء القومي، الفريق أول ركن بكري حسن صالح بوجود ضيق في معاش الناس، وقال إن أداء الموازنة العامة للدولة في الربع الأول للعام الحالى “يناير ــ مارس” لا يشير إلى وجود انفراج ظاهر. وقال بكري إن الحكومة تُقرُّ بوجود معاناة لدى المواطنين، الأمر الذي يتطلب توزيع الموارد بتوازن. إقرار رئيس مجلس الوزراء بوجود مشكلة في معاش الناس اعتراف واضح من الحكومة، إلا أنها ومنذ ذلك الوقت لم يشهد الوضع استقراراً، بل تفاقمت الأزمة، وارتفعت الأسعار، وانخفضت قيمة الجنيه، الأمر الذي يفتح باب التساؤل حول جديَّة الحكومة في وضع حلول للإنفراج.

تفاقم الأزمة

منذ إجازة الموازنة، ظلت الحكومة تعقد اجتماعات متواصلة لتدارك الانهيار الاقتصادي، حيث عقد الرئيس عمر البشير اجتماعات حول هذا الأمر، بمشاركة جهاز الأمن والمخابرات والقطاع الاقتصادي، فضلاً عن مناقشة الأمر بصورة مستفيضة في اجتماعات مجلس الوزارء، إلا أن نتيجة هذه الاجتماعات كانت تواصل الارتفاع في الأسعار بالسوق، ومواصلة انخفاض الجنيه مقابل العملات الأجنبية، الأمر الذي دفع الحكومة لإصدار توجيهات جديدة في الاطار الاقتصادي، بينها تحجيم الكتلة النقدية، وتقليل التعامل بها بين المواطنين للحد من تجارة العملة، وصحب هذا الإجراء تجفيف الصرافات الآلية من المال، فضلاً عن الإجراءات الأمنية المتمثلة في القبض على تجار عملة، ومحاربتهم بالأسواق، ورغم ذلك ظل الوضع الاقتصادي بالبلاد يزداد سوءاً يوماً بيوم، حيث بلغ الدولار “48” جنيهاً، ووصل التضخم الـ”60%”.

مرافعة

ولمعرفة رأي الحكومة عن نتائج الإجتماعات التي تعقدها على مستوى رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء منذ مطلع العام الحالي، استنطقت “الصيحة” وزير الدولة بوزارة الرعاية والضمان الاجتماعي إبراهيم آدم ليقدم مرافعة عن الحكومة أمام محكمة الرأي العام، التي ترى أن اجتماعات الحكومة تؤدي لارتفاع الأسعار حال فضَّها، بدلاً من انخفاضها. وقال الوزير في حديثه لـ”الصيحة”: إن الحكومة مهتمة بمعاش الناس، وتشعر بما يدور في الأسواق من غلاء، والأوضاع التي يعانيها المواطنون، كما أنها ــ أي الحكومة ــ أيضاً مكتوية بغلاء الأسعار ومتأثره بها أكثر من المواطنين.

وقال الوزير إن الحلول التي يمكن أن تسهم في حل الضائقة الاقتصادية تتمثل في تفعيل الجمعيات التعاونية والأسواق بالأحياء، فضلاً عن امكانية تدخل الحكومة لضبط السوق حال لزم الأمر، وذلك رغم سياسة التحرير الاقتصادي التي تنتهجها، فضلاً عن التفاهم مع المؤسسات الدولية لتوفير قروض ومنح لتوفير العملات الأجنبية لدعم السلع وتوفير الجازولين وغيرها.

وحول نتائج الاجتماعات المتوصلة للحكومة حول معاش الناس وامكانية تأثيرها على الأسواق بإنخفاض الأسعار يقول الوزير إبراهيم إن الاجتماعات أمر حميد يُسهم في وضع الحلول للمشاكل الاقتصادية والتخطيط للمستقبل لمجابهة المشاكل المتوقعة، وأضاف: “صحيح هنالك اجتماعات متكررة وزيادة في الأسعار، لكن هنالك وفرة في السلع، وهذا أمر حميد، لأنه ستكون المشكلة كبيرة حال وجود ندرة في السلع.

بلا نتائج

وخلافاً لحديث وزير الدولة بوزارة الضمان، يرى المحلل الاقتصادي بروفيسور عصام الدين بوب في حديثه لـ”الصيحة”: إن الاجتماعات تعقد بصورة متكررة، وبذات الأشخاص الذين تسببوا في حدوث الأزمة الاقتصادية بالبلاد، الأمر الذي يصعب امكانية وضع الحلول، لكنه نوَّه إلى أن الأزمة يجب عدم وضعها على مجلس الوزراء بصورة كليَّة لجهة أن الأزمة لها أبعاد سياسية إضافة للتصرفات الاقتصادية الخاطئة. وقطع بوب بأن الاجتماعات التي تعقدها الحكومة حول معاش الناس لن تنجم عنها أي حلول إذا لم يتم تغيير في الهيكل الاقتصادي بالحكومة بصورة كاملة، وأن تصل الدولة لتفاهمات مع القوى العالمية لجهة أن السودان معزول اقتصادياً لأسباب بعضها سياسي، إضافة لمصالحة الشعب أولاً، ثم المجتمع الدولي، والعمل على وضع خطة اصلاحية يشرف عليها أشخاص غير الموجودين حالياً. وتابع: “ماذا تفعل هذه الاجتماعات في وقت لا يوجد إنتاج ولا مال”، سوى صرف المزيد من الأموال التي تُقْتَلع من جيب المواطنين”.

الصيحة