تحقيقات وتقارير

لاءات أمريكية ثلاث في وجه الجنائية


فتحت الأنباء التى تداولتها وسائل الإعلام العالمية حول إتخاذ الولايات المتحدة موقفاً صارماً تجاه المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي الباب واسعاً امام التكهنات حول مستقبل المحكمة وشكل التعاون معها من قبل الدول الموقعة على نظامها الأساسي، خاصة بعد التوقعات بفرض الولايات المتحدة عقوبات على قضاة الجنائية حال شرعوا في التحقيق حول جرائم حرب ارتكبها أمريكيون في أفغانستان.

وحسب كلمة جون بولتون مستشار الرئيس الامريكي دونالد ترامب للأمن القومي أمام الجمعية الاتحادية “وهي جماعة محافظة في واشنطن” والتى تناقلتها وسائل الإعلام فان الولايات المتحدة ستستخدم أي وسيلة ضرورية لحماية مواطنيها ومواطني حلفائها من المقاضاة الجائرة من هذه المحكمة غير الشرعية.

ووفقاً للخطاب فإن إدارة ترامب “سترد” إذا شرعت المحكمة الجنائية الدولية رسمياً في فتح تحقيق في مزاعم عن جرائم حرب ارتكبها أفراد من القوات الأمريكية أو المخابرات خلال الحرب في أفغانستان.

واوضح بولتون أنه اذا فتح مثل هذا التحقيق فإن إدارة ترامب ستدرس منع القضاة ومدعي العموم من دخول الولايات المتحدة، وفرض عقوبات على أي أموال لديهم في النظام المالي الأمريكي، وملاحقتهم أمام نظام المحاكم الأمريكي.

وشمل خطاب بولتون قوله “لن نتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، لن نقدم أي مساعدة إلى المحكمة الجنائية الدولية، لن ننضم إلى المحكمة الجنائية الدولية، سنترك المحكمة الجنائية الدولية تموت من تلقاء نفسها”.

وتأتى خطوة الولايات المتحدة بفرض عقوبات على قضاة الجنائية بعد أن أعلن ممثلو إدعاء المحكمة في نوفمبر من العام 2016م إن هناك أسباباً أولية للإعتقاد بأن القوات الأمريكية ارتكبت جرائم حرب في أفغانستان، وفي منشآت احتجاز سرية بمناطق أخرى في عامي 2003 و2004م، كما أوضح مكتب الإدعاء أن أعضاء من قوات الجيش الأمريكي عرضوا فيما يبدو ما لا يقل عن 61 محتجزاً للتعذيب ، وأن مسؤولي وكالة المخابرات المركزية عذبوا فيما يبدو 27 محتجزاً آخرين ولم يقرر حينها مكتب الإدعاء ما اذا كان سيسعي لإجراء تحقيق كامل.

تسعي المحكمة الجنائية الى استمالة الدول الموقعة على ميثاقها بعدم الإنسحاب بعد ان اعلنت دول الاتحاد الافريقي الانسحاب الجماعي منها، وهو الامر الذي دفعها لاثارة جرائم الأمريكيين و أنها ربما تعثر على ادلة تثبت تورط الولايات المتحدة وإرتكابها جرائم حرب في افغانستان حتى تبين بانها لا تستهدف القادة الأفارقة على وجه الخصوص. لكن جميع المؤشرات تؤكد استحالة ان تقوم الجنائية بإجراء تحقيق كامل حول إرتكاب القوات الأمريكية جرائم حرب في افغانستان بإعتبار أن نتائج التحقيق الكامل قد تؤدي إلى توجيه اتهامات لأفراد وإصدار مذكرات اعتقال بحقهم.

ومن غير المتوقع أن تقدم المحكمة الجنائية على الإنتحار بمثل هذه الخطوة. ولم يكن تهديد بولتون الا من هذا القبيل خاصة وان الولايات المتحدة تتجه الى التفاوض على اتفاقيات ثنائية أكثر إلزاماً تمنع الدول من تسليم أمريكيين إلى المحكمة في لاهاي.

تشهد الساحة الدولية صراعاً قوياً بين الولايات المتحدة التى تحاول الحفاظ على مواطنيها والتستر على جرائمهم وبين المحكمة الجنائية التى تريد الحفاظ على ماء وجهها امام القادة الافارقة لنفي أنها أداة إستعمارية تم استحداثها لتطويعهم خاصة وان قرار الإنسحاب الجماعي منها اثر سلباً في ميذانها كما أن التطورات المتسارعة بين الجنابين تشير الى تطور المواجهة بين الجنائية والولايات المتحدة الى مرحلة العداء لجهة ان الاخيرة سبقت ان امتنعت عن الموافقة على إنشاء المحكمة لخشيتها من ملاحقة المحكمة للأمريكيين والإسرائيليين.

تقرير: رانيا الأمين (smc)