هيثم كابو

محاصصة الأحزاب والتداوي بـ(الأعشاب)..!


وماذا يعني تنازل أحزاب الحوار الوطني عن نصف حصتها من الوزارات أو ترك (الكعكعة) برمتها طالما أن الأحزاب السياسية تنشطر يوماً تلو الآخر حتى بات من الصعب على الناس حفظ الأسماء المشتقة للكيانات المنشقة.. تغيب منظمات المجتمع المدني المختلفة عن المشهد فلا نسمع لها صوتاً ولا نرى لها جهداً.. تنقسم الحركات المسلحة من بعد تراشق بيسر يجعلك تشك في سرعة ذوبان علاقات الخنادق ورفقة النضال.. ينشق قائد ميداني ليطرح نفسه زعيماً ملهماً ويتبعه آخر لدرجة أن حصر ما لدينا من حركات بات يمثل (أصعب حركة)..!
* تدهور اقتصادي مريع, وغلاء فاحش, وتسابق محموم على الكراسي وركض خلف المناصب والميزة الأساسية لأحزابنا السياسية أنها باتت تنقسم في اليوم الواحد عشرات المرات وتتكاثر ساعة بعد أخرى عن طريق (الانشطار الأميبي) في ظل جُرأة غريبة و(قوة عين) تدفع الفرد للإعلان بين طرفة عين وانتباهتها عن انسلاخه من الحزب الفلاني والانضمام إلى الحزب (الموازي) له تماماً من ناحية الأفكار والأيديولوجيا والتخطيط والرؤى و(المنفستو) والخطاب السياسي.. وذلك ملمح من عبقرية الحزب السياسي في السودان ونبوغ الكادر.. (والله قادر)..!!
* ما قيمة المحاصصة وجدواها?, وماذا تستفيد البلاد من ترضيات السادة والبيوتات و(أحزاب الفكة) و(كيانات تمامة الجرتق)? طالما أن قبائل بأكملها وأُسر وجماعات تنسلخ عن حزب وتنضم للآخر – دون أن يرتجف لها جفن – مع أن المنطق يقول إن لكل شخص رؤاه الخاصة وقراءته المختلفة وقناعاته المغايرة، إذ إن البيت الواحد يمكن أن يضم شقيقين أحدهما في أقصى اليمين المتطرف والآخر يتقدم صفوف معسكر اليسار.. (وسلم لي على القناعات والبرامج والأفكار)..!!
* كان الاستقطاب ومحاولة الإقناع بوسائل شتى هو مهمة النبهاء وعباقرة الأحزاب السياسية في الجامعات قبل وقت ليس بطويل، ولأن لكل طالب (مدخلا مختلفا) فقد تمضي أسابيع وشهور على مجموعة حزبية في محاولة إقناع طالب معين.. ولكن متغيرات زمن المصالح والمطامح دفعت تروس عجلة العمل السياسي للدوران عكس حركة دوران عقارب ساعة المنطق، فبات من الطبيعي أن ينسلخ (زعيم بكل أفراد قبيلته) وأن ينضم (قائد بجماعته) دون أن يرفع أحد حاجبي الدهشة أو يبدي شيئا من الذهول والاستغراب.. (قام بجماعتو وقعد بجماعتو وحال البلد واقف)..!!
* قال مساعد رئيس الجمهورية نائب رئيس المؤتمر الوطني لشؤون الحزب، فيصل حسن إبراهيم، إن المؤتمر الوطني والأحزاب والقوى المشاركة في الحوار اتفقوا على التخلي عن عشر وزارات لتكون مناصفة بينهما, فأحسست بحجم المأساة إذ أن معظم هذه الأحزاب لا وزن حقيقي لها ولا تستند على أية قواعد جماهيرية وعدد أفرادها محدود، وإن برعوا في الحديث باسم الشعب السوداني الصابر مع إن هتافهم لا يتعدى حناجرهم واهتمامهم بالهم العام مجرد حكي و(مخطئ من يظن أن القبة تحتها فكي)..!
* الحقيقة المؤلمة أن عدد الأحزاب المنشطرة و(المنشغلة)، والمتكاثرة و(المتكاسلة) أضحى أكبر من عدد أفراد المنضوين تحت لواء شعاراتها المتغيرة وأطروحاتها المتبدلة..!!
* كان الله في عون البلد.. (ومدد يا ساسة مدد)..!!
* الحزب (الوطني) فرخ حزباً (شعبياً) وكأنما (الشعب) و(الوطن) خطان متوازيان لا يلتقيان.. والغريب أن الحزب (الاتحادي) نفض يده عن الاسم ومدلوله وبات يمثل (اتحاد) أحزاب منفصلة لكل واحد اسمه وكنيته.. أما (حزب الأمة) فقد تحول ما بين الانقسامات ودعاوى (التجديد) إلى (أمة من الأحزاب)..!!
* لا أحد يعرف عدد الأحزاب المسجلة إن كانت (تمامة عدد) أو (أحزاب كورس)، وإنه لعمري أمر جدير بالإشادة.. (ويا أحزاب المحاصصة والرشاقة عينا عليكم باردة)..!!
* طالما أن الطب السياسي عجز عن معالجة مشكلتنا الاقتصادية المزمنة ومداواة عللها، فمن الأفضل لنا ولكم أن تدعوا الأحزاب وتفكروا في التداوي بالأعشاب..!
نفس أخير
* ولنردد خلف العميري:
أبقى دار لكل لاجئ.. أو حنان جوه الملاجئ
أبقى للأطفال حكاية..
حلوة من ضمن الأحاجي
بيها يتحجوا وينوموا..
وأحرسهم طول ليلي ساجي

صحيفة اليوم التالي