رأي ومقالات

لا توجد مهمة معقدة في السودان مثل إعداد تشكيلة حكومية تُراعى فيها جوانب عجيبة ومدهشة تكثُر بمرور الزمن ولا تقل


متشبثون بالكراسي
نبرة قبلية وأخرى “مناطقية” بدأت تظهر مع الحكومة الجديدة، وكشف أصحابها عن أنفسهم وتفكيرهم بلا حرج أو تردد.

بعد إعلان التشكيل الوزاري، همس بعض الذين يعربون عن آرائهم “سراً”، أن التشكيل الحكومي الأخير لم يأتِ سوى بوزير واحد من الشمالية، أو مسؤول واحد من القبيلة الفلانية.

شيئاً فشيئا، ارتفعت أصوات الأحزاب، فأعلنت تسعة منها منضمة للحوار الوطني، رفضها تقليص حصتها، – قبل إعلان التشكيل – تشبثاً منها بالسلطة على ما يبدو، فيما فاجأت أخرى الرأي العام، بانتقادها الحكومة الوزارية الجديدة، لا لشيء، إلا “لإقصائها أبناء شرق السودان من السلطة والمناصب المركزية، وتأكيد حالة التهميش التي يعانيها الإقليم”.

البيان الممهور باسم تحالف أحزاب وحركات الشرق، والمنشور أمس (الاثنين)، ليته لم يتضمن تلك الإشارة، واكتفى بتوجيه النقد كما فعل العامة، دون تضمين “الأسباب الشخصية والقبلية”.

في العام الماضي، أعد الأخ الزميل عبد الباسط إدريس، تقريراً مميزاً رصد فيه بدقة التوزيع الجغرافي في تشكيل الحكومة والذي كان النصيب الأكبر فيه لإقليم دارفور (تسعة وزراء وتسعة وزراء دولة)، وأقلها ولاية القضارف بوزير دولة واحد.

ظننت أن ذلك التقرير يمكن أن يؤجج النعرات القبلية والجهوية، حينما ترى ولاية معينة أن ممثليها في الحكومة قِلة، أو أن تتحدث قبيلة عن عدم إشراك أي من أفرادها داخل مراكز السلطة.

غير أن التقرير، لم يُشعل فتنة، أو يؤجج نزاعاً، ذلك لأن خطابات من بعض القبائل بُعثت إلى رئاسة الجمهورية تحمل طلباً بتعيين أي من أبنائها في الحكومة..!

تفكير بعض المكونات الاجتماعية السودانية لا بد أن يتم تغييره إعلامياً بلا حرج أو تردد.

الكتابة في مثل هكذا موضوع، يمكن أن تُصنف الكاتب بـ”العنصري” أو تُعرضه إلى عداء قبيلة أو منطقة أو إقليم، وأي من الصحفيين والكُتاب هو في منأىً عن ذلك.

لكن إلى متى نظل نحن وحكومتنا نعتمد على هذه المعايير البالية؟

لا توجد مهمة معقدة في السودان مثل إعداد تشكيلة حكومية تُراعى فيها جوانب عجيبة ومدهشة تكثُر بمرور الزمن ولا تقل.

كيف يُمكن أن نطمح في حكومة رشيقة، ذكية، طموحة، خلوقة، مؤهلة، ومعايير الاختيار هي الانتماءات السياسية والتوزيعات الجغرافية والأصول القبلية؟

كانت هناك أحزاب مُشاركة في الحكومة، فماذا قالت أو فعلت، حتى نتحسر عليها بعد الخروج ونؤازرها في محنتها؟

رغم الوضع الاقتصادي المُعقد والنجاح الصعب، والعوامل المنفرة، مازال هناك من يتشبث بالكرسي “المكسور” ويتمنى الجلوس عليه في أي وضع، حتى إن سقط به إلى الهاوية..!

بقلم
لينا يعقوب