أصدمونا وريحونا!

الصدم هو ضرب الشيء الصلب بشيء مثله (حديد لاقى حديد) وصدمة صدماً أي ضربه بجسده فتصادما واصطدما، وصدمهم أمر: أي أصابهم أمر صادم كقولهم (صدم الوزير عندما علم أنه خارج التشكيلة)، والتصادم يُقصد به أيضاً التزاحم والرجلان يعدوان فيتصادمان أي يصدم هذا ذاك وذاك هذا، والصدم هو الدفع، ويقال: فعل فلان الأمرين صدمة واحدة (أي سواهم الأتنين مع بعض)، كتب عبد الملك بن مروان إلى الحجاج: إني وليتك العراقين صدمة واحدة (يعني دفعة واحدة) وذلك كما في قولنا نال فلان المالية ورئاسة مجلس الوزراء صدمة واحدة!
وصدام هو إسم القائد العراقي البطل، كما أن الصدام هو حاجز متين يوضع في مقدمة العربة ومؤخرتها ليقيها شر الصدمات، ويقال أن فلان مصدوم أي أن نفسه تأبى الأكل وتعافه وربما إنفتحت إذا ما وجد قليلا من (السمك أوالشية).

 

والصدمة بكل أشكالها هي شيء سيئ يحدث لنا، فيفقدنا الوعي والتركيز، ويجعلنا في حالة سيئة متردية، والشعوب (المصدومة) تسهل عملية إستغلالها (ذينا كده) ومن ثم ممارسة (الحكومات) عليها أفعالاً بالغة الضرر من أجل (الإستمرار) في إمعان سلطتها عليها ومن ثم ضمان (الإستمرار في الحكم) رغم الإنهيارات التي تعانيها وهذا هو بالضبط ما يفعله أسلوب (الصدمة) الذي بشرنا به السيد معتز موسى في أولى التصريحات التي نسبت إليه.
ما هي نظرية الصدمة التي تم تبشيرنا بها؟ هي ببساطة عملية تهدف لتطبيق سياسة الاستغلال الأقصى للصدمات والكوارث والمحن (بإختلافها) التي تتعرض لها الشعوب سواء كانت هذه الصدمات بفعل الكوارث الطبيعية كالزلازل والفيضانات أو كوارث مفتعلة كالحروب والانقلابات، أو (الإنهيار إقتصادي) كما في حالتنا!

 

تؤمن هذه النظرية بأن الطبقة الرأسمالية التي تقبض على الثروة هي وحدها المؤهلة لدفع عجلة النمو الإقتصادي وأن جميع العراقيل و(المطبات) التي تعيق مسيرة هذه االطبقة يجب أن تزال وتختفي ولو كانت هذه العوائق تتمثل في حق المواطن العادي في أن يعيش حياة كريمة تتوفر له فيها مقومات العيش الكريم الأساسية من فرص عمل مرضية وتعليم وعلاج إلخ، وقد ولدت هذه السياسة (الخطيرة) في كلية الاقتصاد في جامعة شيكاغو على يد المفكر الاقتصادي ملتون فريدمان، (مفروض يكون حمدي)!

لإعطاء مثال واقعي لتطبيق هذه النظرية ففي (اغسطس/آب 2005) غمر الفيضان مدينة نيواورلينز في ولاية لويزيانا الأمريكية بسبب إعصار كاترينا المدمر كان نحو 80% من هذه المدينة قد غمرها الفيضان تماماً وعلى أثر ذلك تم إخلاء نحو 90% من سكان جنوب شرق لويزيانا في عملية إخلاء لم تشهد لها الولايات المتحدة مثيلاً من قبل، فوجدها (القوم) هنالك فرصة لتطبيق سياسة (الصدمة) حيث قال حينها عضو الكونجرس الجمهوري ريتشارد بيكر، الذي ينتمي إلى تلك المدين قولته المشهورة (لقد نظفنا نيواورلينز أخيراً من المساكن الشعبية. لم نكن نستطيع فعل ذلك، ولكن الله فعله)!

وعلى أثر البدء في تطبيق نظرية الصدمة إزدحم المجلس التشريعي لولاية لويزيانا بممثلي الشركات والبيوتات بعد أن أعلن المجلس عن مساعدات وحوافز كبيرة للمستثمرين والشركات عن طريق خفض الضرائب، وتسهيل الاجراءات، والحصول على عمالة رخيصة وهذا بالطبع يعني من الناحية العملية إزالة مشاريع الإسكان العامة واستبدالها بمباني وشقق (إستثمارية) وكذلك تحويل (المستشفيات) والمدارس إلى مرافق خاصة وكذلك جميع الخدمات وبذلك تخرج (الدولة) من أي إلتزامات تجاه المواطن سوى (توفير الأمن)!

والحال هكذا ونحنا (مصدومين خلقة) فيا جماعة الخير (بلو راسكم) وإنتظروا (الصدمة الما خمج) حيث سوف تصبح كل (الخدمات) إستثمارية (تماااماً) وسوف يتم بيع جميع (الحتات) الما إتباعت، نعم أي حاجة ح تكون للمواطن (بمقابل) فقط سوف تترك لك الحكومة (الشرطة) مجاناً (بس أعمل حسابك وكده)!
(بلا أدنى شك فإن (نظرية الصدمة) تعني الحریة المطلقة لرأس المال وحریة السوق وهي (شعراً ما عندنا ليهو رقبة)، بل تعني حرية الاستغلال والإحتكار والإحتقار، فكما نعلم أن الرأسمالية مسموح فيها الإتجار في أي شيء مادام مربح (أكرر أي شيء) حتى وإن كان عبر وسائل غير أخلاقية ولا غرو في ذلك إذ أن الرأسمالية هي السبب الأساسي بل (المسؤول الأول) في امتلاك حفنة من سكان العالم ثروات العالم كله لتترك البقية يقتاتون على الفتات وهذا ما يرفضه (الإسلام) بس ما تقولو ليا (الإسلام ياتو!)

 

كسرة:
بالله أصدمونا وريحونا.. عشان صدموك ولا جوك!!

• كسرة ثابتة (قديمة):
أخبار ملف خط هيثرو العند النائب العام شنو؟ 101 واو – (ليها ثمانية سنين وخمسة شهور)؟

• كسرة ثابتة (جديدة):
أخبار تنفيذ توجيهات السيد الرئيس بخصوص ملف خط هيثرو شنو؟ 60 واو (ليها خمسة سنين).

 

 

 

ساخر سبيل – الفاتح جبرا
صحيفة الجريدة

Exit mobile version