زاهر بخيت الفكي

وداعاً (Sara Rahma) ..!!


يعيش بعضاً من رُواد مجتمع الفيس في سوداننا الموبوء بالأوهام هذه الأيام في حالة من الحُزن على فراق شخصية فيسبوكية نادرة شغلت مُجتمعهم بعد تفاعلها وتواصلها الكبير معهم أسفيرياً غير أنّ ظروفها لم تُسعفها قط في أن تُشارك أحدهم مع كثرتهم (الملح والمُلاح) في الواقع ، شخصية مؤثرة كانت اتضح لاحقاً بعد الردحي والنواح عليها وبعد أن نصبوا لها سُرادق العزاء التي تليق بشخصيتها في صفحاتهم عدّدوا فيها مآثرها وأكثروا من مدحها ومن ذكر محاسنها وكلها محاسِن كما قالوا عنها ولم يُقصروا في سرد تفاصيل حياتها القصيرة المليئة بالنشاط والحميمية الأسفيرية وصفات أخرى بعد أن جاء يوم شُكرها..

رحلت سارة رحمة (ٍ(Sara Rahma بعد حياة فيسبوكية حافلة شغلت فيها حيزاً كبيراً في عالم الفيسبوك الافتراضي لا سيّما وسط النساء وقروباتهِنّ والدخول إليهنّ في الخاص (الإنبوكس) لمعرفة تفاصيل حياتهُنّ وتقديم ما يلزم من مُساعدة لهُن ، وبما أنها صاحبة شخصية طيبة مرحة تعشِق العلاقات فقد دخلت إلى قلوبهنّ وأدخلت فيها حُزناً كبيراً بفراقها والمرحومة لم تنسى لاستدرار العطف وكسب المزيد من الصداقات في أن تُضيف لحياتها صور حزينة كإصابتها بمرض السرطان (المُفترى عليه) وظروفها الأسرية المُعقدة وغربتها الطويلة وحزنها الدفين لوفاة زوجها (الحبيب) وذكراه التي لم تُبارِحها منذ رحيله المُفجِع..
الحكاية وما فيها شاب سوداني جاء بشخصية (وهمية) من نسج خياله أسماها Sara Rahma صنع لها سيرة ذاتية ووظيفة محترمة في الأمم المُتحدة تصدّرت صفحتها وبدأ يستجدي بها في العلاقات يتقرّب ويدخُل بها في وسط النساء بعد أن ارتدى جُلبابها واستلف منها لسانها واستخدم مزايا وظيفتها المزعومة في الأمم المتحدة وظل يُعلِن عبرها في وظائف لا وجود لها (للنساء) اتخذها مطية للوصول بها إلى كُل (حسناء) طموحة تتمنى العمل في المنظمة وتفاصيل أخرى وحقائق تضيق المساحة عنها..

لسنا من يُحاسِب أو يُحقق في مثل هذه الجريمة الأخلاقية التي اعترف المُتهم (صديقي في الفيسبوك) بها في صفحته وأبدى أسفه بكُل استخفاف ، كم هائل من المعلومات والأسرار الشخصية جمعها الله وحده أعلم في ماذا يُفكِر أن يفعل بها وبلا شك أنّ من فعل هذا وخطط له واعترف به قطعاً إن لم تردعه القوانين والضوابط الصارمة لن تحول أخلاقه بينه وفعل ما هو أسوأ من فعلته هذه ، وكم يا تُرى هم من دخلوا إلى عالم الفيس بفيس غير حقيقي وأسماء مُستعارة تُحقق لهم مأربهم وكم من مُصيبة يا تُرى حدثت من وراء هذه الحسابات الوهمية وكم هم عدد ضحايا هذا الشاب المُستهتِر وأمثاله والأيام حُبلى بالمزيد ..
حتى لا ننسى..
في عتبات العام التاسع وضعت الجريدة أرجلها في ثباتٍ لم تُزلزله المُصادرات ولم تُعرقله المطبات ، تهانينا للقراء أصحاب الدعم الأوفر في مسيرتها وللزملاء فرداً فردا..

بلا أقنعة – زاهر بخيت الفكي
صحيفة الجريدة