تحقيقات وتقارير

تفاصيل أضخم عمليات احتيال بسوق الخرطوم للأوراق المالية – (3) (…) هذه تفاصيل أول ظهور لجرائم الاحتيال


كشف النائب العام عمر أحمد محمد عن مؤشرات تدل على وجود تجاوزات في عمل بعض الشركات المتعاملة مع سوق الخرطوم للأوراق المالية مؤكداًً ضرورة مراجعة سجلات هذه الشركات في المسجل التجاري وفحص إجراءات عملها للحد من عمليات الاحتيال. والتقى النائب العام بمكتبه رئيس تحرير صحيفة (السوداني) ضياء الدين بلال والضحية سناء التي تعرضت للاحتيال في الشركة الوسيطة المتعاملة مع سوق الخرطوم للأوراق المالية مشيراًً إلى أنه تابع القضية عبر صحيفة (السوداني)، وسيتابع إجراءاتها حتى النهاية. وكان رئيس التحرير قد تناول في زاويته (العين الثالثة) قصة تعرض الشاكية سناء للاحتيال واستيلاء سيدة تدعى نازك على المبلغ من الشركة دون أي تفويض أو مكتوب منها.

بدأ أول ظهور لجرائم الاحتيال التي تعرض لها الضحايا مع ظهور أزمة السيولة، وكان أول تاريخ لظهور الضحايا 25مارس2018م، ليتم عقد اجتماع أقرت فيه المتهمة باستغلالها لاسم الشركة المجمدة، وعلى ضوء ذلك تم تدوين بلاغ فى مواجهتها، وبتاريخ الأول من إبريل قدمت عريضة لنيابة الخرطوم شمال بالرقم 3119/2018 ضد نازك علي محمد صالح وبذات اليوم تم حظر سفرها، وبعد يومين خاطب وكيل نيابة الخرطوم شمال مدير سوق الخرطوم للأوراق المالية للإفادة حول مستندات ممارسة الشركة داخل السوق والإفادة عن نازك علي وممارستها لأي نشاط داخل سوق الخرطوم وكذلك صورة من الممارسات المالية التي قامت بها، وفي اليوم التالي رد مدير إدارة الإدراج والتداول على وكيل النيابة بخطاب بتاريخ 4/4/2018م بالرقم : س خ أ م/ إإت /61/2018م حيث أفاد فيه بأن الشركة كانت مجمدة ولم تزاول أي نشاط داخل أو خارج السوق منذ التجميد وحتى لحظة خطابهم بتاريخ 4/4/2018م كما أفاد بأن الأنسة نازك علي لا علاقة لها بالشركة ليتم إصدار أمر قبض وتم القبض عليها والإفراج عنها بالضمانة.

تصفية معاملات ..

عقب تصفية معاملات (32) عميلاً كانت نازك قد سلمتهم سندات قبض باسم مزايا وأجرت العملية في السوق باسم شركة قنوسر وعقب التصفية تم تسليم أصل المال والأرباح لـ(نازك) بشيكات صدرت لها باسمها من شركة قنوسر بكامل استحقاقات العملاء بمبلغ 3,475,000 جنيه بتاربخ 26/11/2017م وآخر بـ 4,000,000 جنيه بتاريخ 28/11/2017م وتم تسليمها سند دفع من شركة قنوسر علماً بأنها ليست وكيلة ولا موظفة بقنوسر وليس لها أي تفويض من العملاء باستلام استحقاقاتهم وفقاً لما نصت عليه القوانين واللوائح المنظمة للعمل داخل السوق والمنصوص عليها بلائحة التداول المادة(9) الفقرة(د) والفصل الرابع المواد 30 إلى 34 والفصل السادس وذلك ما شجعها على التصرف فى استحقاقات العملاء.
تسوية مخالفات ..
ثبت من خلال المستندات أن نازك تصرفت في مبالغ خاصة بالعملاء (انتصار) و(آمنة) وتقدمت العميلتان باحتجاج ليتم استدعاء نازك بسوق الخرطوم للأوراق المالية وتم عمل تسوية وتم إرجاع مبلغ (انتصار) والتسوية للعميلة (آمنة) وكان ذلك بتواريخ (7يناير2018م) حيث أجريت تسوية بمبلغ (310) آلاف جنيه و(10يناير) بمبلغ (330) ألف جنيه و (15يناير) بمبلغ (120) ألف جنيه حيث أشرف رئيس قطاع الأسواق على التسوية، وعلى الرغم من تسوية تلك المخالفات إلا أن سوق الخرطوم للأوراق المالية لم يتخذ إجراءات ضدها مما جعلها تتمادى في عمليات الاحتيال والاستيلاء على أموال العملاء والتصرف فيها، وبعد تلك التسوية تسلمت نازك أموالاً من نحو (7) ضحايا بتواريخ (16-23-25-31 يناير) بلغت (2) مليون و(50) ألف جنيه (مليار بالقديم) .
شركة مزايا ..
حسب المستندات التي تحصلت الصحيفة على نسخ منها فإن شركة مزايا لا علاقة لها بالمدعوة نازك حيث كانت الشركة مجمدة منذ 2015م ولم تزاول أي نشاط بالسوق إلى أن تم فك تجميدها بخطاب صادر من رئيس قطاع الأسواق بتاريخ 24/8/2016م بالنمرة : س خ أ م /د ت ش و /2016م ، علماً بأنه عقب فك التجميد لم يكن للشركة أي وكيل داخل السوق كما أنها ليس لديها أي نشاط تداول داخل السوق وليس لديها اسم مستخدم ولازالت الشركة فى طور التجهيز والإعداد الإداري وحتى هذه اللحظة لم تعين الشركة وكيلاً لها.

نماذج المخالفات ..

تلاحظ من خلال معاينة كشوفات الضحايا الـ(32) الذين أجرت نازك معاملاتهم داخل السوق باسم شركة قنوسر، أن كل الضحايا باستثناء الضحية (سناء) التي سلمت أموالها بنفسها لشركة قنوسر وقامت بسحبها من حسابها الخاص لحساب شركة قنوسر، تلاحظ أن بقية الضحايا الـ(31) سلمتهم نازك سندات قبض باسم شركة مزايا إلا أنها نفذت داخل السوق باسم قنوسر، وبعلمهم وبدون سندات قبض من قنوسر وبدون سندات دفع للعملاء وبدون تفويض من العملاء لقنوسر بالقيام بالبيع والشراء لصالحهم، كما تبين أنه عقب التصفية تم تسليم أصل المال والأرباح للمتهمة نازك بشيكات صدرت لها باسمها من شركة قنوسر بكامل استحقاقات العملاء بمبلغ 3,475,000 جنيه بتاربخ 26/11/2017م وشيك آخر بمبلغ 4,000,000 جنيه بتاريخ 28/11/2017م وتم تسليمها سند دفع من شركة قنوسر علماً بأنها ليست وكيلة ولا موظفة بقنوسر وليس لها أي تفويض من العملاء باستلام استحقاقاتهم وفقاً لما نصت عليه القوانين واللوائح المنظمة للعمل داخل السوق.

بالمستندات والبينات ..

بتاريخ 31/1/2018م تم استلام شيك بالرقم 50154 بتاريخ 29/1/2018م باسم (نادية) لشراء عدد 490 صك شهامة بمبلغ 250,000 جنيه تم إدخاله فى حساب قنوسر وصرفه فى يوم 31/1/2018م ولم يتم التنفيذ لصالح العميلة، أيضاً بتاريخ 25/1/2018م تم استلام شيك بسند قبض باسم مزايا من (رجاء) ورقم الشيك 6068 بتاريخ 25/1/2018م مسحوب على البنك التجاري بمبلغ 400,000 جنيه لشراء 800 صك شهامة تم تنفيذه بواسطة شركة قنوسر بدون تفويض من العميلة وبدون سند قبض ودفع من قنوسر للعميلة. بعد التصفية تم سداد أصل المال والأرباح بشيك مصرفي صادر من بنك أمدرمان الوطني فرع الخرطوم من حساب نازك علي بمبلغ 402,000 جنيه ويوجد مبلغ 279,000 جنيه تم توريده في حساب الشركة بواسطة معتز محمود ببنك البركة فرع البرج.
ظلت نازك تباشر عملها بالسوق منذ تجميد الشركة حسب إفادتها واعترافها أمام التحري بالقسم الشمالي الخرطوم حيث أكد عدد من العملاء بأنهم كلما استفسروا نازك عن أسباب منحهم سندات قبض باسم شركة (مزايا) وتنفيذ عملياتهم داخل السوق باسم شركة (قنوسر) كانت تجيب بأن مزايا وقنوسر وجهان لعملة واحدة وأن صاحبهما شخص واحد الأمر الذي شكل لها تغطية داخل السوق للعملاء وبرر وجودها رغم أن شركة قنوسر تعلم أن شركة مزايا كانت مجمدة ولم تباشر نشاطاً داخل السوق.

ملاحظات المحررة ..

فى الوقت الذي يؤكد فيه مساعد مدير السوق مجدي بأن المدير العام لقنوسر ليس (مزمل) الذي سبق وأن صدرت في مواجهته أوامر بالقبض واعتبر متهماً هارباً، ويشير إلى أن (مزمل) باع الشركة أو تنازل عن أسهمها منذ نحو أربع أو خمس سنوات، في الوقت ذاته تنفي المدير التنفيذي لشركة قنوسر (سمية) اختفاء (مزمل) وتؤكد بأنه مساهم بالشركة ولازال مديراً عاماً لها وأنه موجود وتنفي استلام الشركة لأي أوامر قبض أو تكليف بالحضور وذلك الأمر يثير شبهة حول الموضوع.

أيضاً في الوقت الذي تؤكد فيه سناء حضورها لشركة قنوسر والتعامل معها كانت الشركة تنفي ذلك، وفي الوقت الذي نفى فيه مستشار سوق الخرطوم للأوراق المالية عبدالحليم تلقي السوق لشكوى رسمية من قبل الضحية سناء أو أي شخص من طرفها ووصف مقابلتها مع المدير العام بأنها أحاديث توفيقية واستفسارية. ودحض المحامي أبوسارة حديث محامي السوق وأكد بأنه بنفسه دون شكوى رسمية انطلاقاً من مكتب موظفة كبيرة بالسوق وهي شاهد على الشكوى التي قدمت للمدير العام د. أزهري وبعدها تحرك معهم بنفسه لمساعده مجدي وطالب بتفتيش الشركة المعنية وفوجئوا بثبوت خروج أموال سناء بأربع شيكات لصالح نازك.

الثغرات القانونية بدت واضحة في تعامل شركة قنوسر التي وقفنا على مقرها بعمارة السلام وكان مغلقاً مما يشير إلى أن المكتب ليس شركة وإنما مقر انطلاق، أضف إلى ذلك أنه قانونياً ليس هنالك ما يبريء ساحة قنوسر من القضية ومجرد توريد المبلغ من حساب سناء لحساب قنوسر كان كافياً وأكبر ثغرة هنا هي سحب المبلغ وتسليمه لنازك دون الرجوع لصاحبة المبلغ أو حتى الاتصال بها للاستفسار عن أسباب سحبها للمبلغ.

عالمياً وقانونياً ليس هنالك تعامل بما يسمى بند (الثقة) هنالك تعامل قانوني كان على الشركة أن تتخذه منذ البداية وهو أن تحصر دور نازك كوسيط في إحضار العميل فقط والتعامل رسمياً يجب أن يتم بين العميل والشركة ولا علاقة للوسيط هنا بإيداع أو سحب أموال عملاء وهذا يؤكد جلياً الثغرات التي صاحبت عمل شركة قنوسر وأن التقصير يطالها ومسؤولية ضياع المبلغ لا تتوقف فقط على نازك بل على قنوسر أيضاً ويجب أن تتحمل المسؤولية كاملة طالما أنه لاعلاقة لسناء بنازك ولم تعطها أموالاً.

سوق الخرطوم للأوراق المالية تطاله المساءلة القانونية أيضاً فيما يختص بإلزام الشركات بالتعامل المباشر مع الزبائن وعدم السماح للوسطاء باستلام أموال العملاء بالإضافة إلى عدم وجود ضوابط صارمة تحفظ للعملاء حقوقهم، وتمنع عمل السماسرة والجوكية داخل السوق.

شركة مزايا للخدمات المالية، أشارت إفادات سوق الأوراق المالية بأنه تم تجميد نشاطها منذ 2015م ومع ذلك كانت إيصالاتها متداولة بواسطة نازك وأكد مسجل عام الشركات بأنها تعمل وغير متوقفة وهذه أكبر ثغرة تحسب ضد سوق الخرطوم للأوراق المالية كما وتعتبر شركة مزايا نفسها متورطة في القضية ويجب أن تتحمل المسؤولية.
من خلال الإنكار الواضح من قبل السوق وشركة قنوسر وإصرار الضحايا على اتهامهم ووجود نازك دون أي إجراءات صارمة تتخذ ضدها يتضح أن هنالك جهات أخرى ضالعة في الأمر خاصة وأنه لا ملاحقة للمتهمة نازك من قبل (قنوسر) أو (مزايا) أو (السوق) نفسه باعتبارها أضرت بسمعة تلك الشركات وتهدد بسحب العملاء لأموالهم من السوق خوفاً من سقوطهم ضحايا وذلك يعتبر مهدداً للعملية الاقتصادية وإجراء سحب رخصتها من قبل السوق ليس بإجراء كافٍ وكان على إدارة السوق أن تقيد بلاغاً ضدها باعتبارها أضرت بعملاء السوق وسعت لتخريب الاقتصاد كما أن على السوق أن يتخذ ضوابط أكثر حزماً تمنع وجود الوسطاء بالسوق وتلزم الشركات العاملة معه بعدم التعامل مع أي أموال واردة إلا من أيدي أصحابها مباشرة.

تحقيق : هاجر سليمان
صحيفة السوداني.