تحقيقات وتقارير

زيارة سلفا للخرطوم .. تضع النقاط على حروف تنفيذ اتفاقية السلام


البشير يؤكد ثقته اللامحدودة في التزام الفرقاء بتنفيذ اتفاقية سلام الجنوب

سلفاكير يُعرب عن شكره لجهود الخرطوم في إحلال السلام بالجنوب

اللافت في زيارة رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت للخرطوم، وإجرائه جلسة مباحثات استغرقت نحو الساعتين، أنها كانت لوضع النقاط الأخيرة على ترتيبات تنفيذ اتفاقية الخرطوم بين فرقاء الجنوب وجداولها بداية بالاحتفال بتوقيعها المزمع قيامه في جوبا مروراً بكل مراحل التنفيذ حتى النهاية، فقد غلب على الزيارة أيضاً الجانب الاحتفالي، إذ شهد القصر الجمهوري مساء أمس احتفالاً مصغراً شهد عدداً من الفقرات التكريمية والفواصل الغنائية، وسط حضور نوعي لمواطني جنوب السودان، وعدد من ممثلي البعثات الدبلوماسية المعتمدة بالخرطوم.

وصول سلفاكير

بُعيد الثالثة من بعد ظهر أمس الجمعة، حطت طائرة الفريق سلفا كير على مدرج مطار الخرطوم ملبياً دعوة من رئيس الجمهورية، المشير عمر البشير، للمشاركة في احتفال القصر الجمهوري بمناسبة توقيع اتفاقية تنشيط سلام جنوب السودان.. وقال وزير الخارجية الدرديري محمد أحمد في تصريح صحفي بمطار الخرطوم إن الاحتفال سيشهد تكريم الرئيس سلفاكير ميارديت ود. رياك مشار تقديراً للجهود التي بذلاها مما مكّن الوساطة السودانية من النجاح في تحقيق المصالحة في وقت وجيز وقدماً الكثير من التضحيات التي جعلت السلام أمرًا متاحاً وتسريع الخطى لتوقيع اتفاق السلام بوتيرة سريعة.

مباحثات القصر

عند السابعة مساء انعقدت جلسة مباحثات بين رئيس الجمهورية المشير عمر البشير ورصيفه سلفاكير، تناولت الكثير من القضايا المشتركة بين البلدين خاصة وأن المباحثات ضمت عدداً من الوزراء من كل جانب.

وقال وزير الخارجية الدرديري محمد أحمد في تصريحات صحفية عقب المباحثات المشتركة إن الرئيسين وعدد من الوزراء عقدوا جلسة مباحثات من خلالها، قال رئيس الجمهورية عمر البشير إن هذه الزيارة تأتي احتفالاً بالتوقيع على الاتفاقية، وإن شعبي السودان وجنوب السودان شعب واحد في دولتين، مشيراً إلى أن كل هذه العوامل ساعدت السودان في نجاحه في الوساطة وتجاوز المعضلات.

من ناحيته أكد سلفاكير ميارديت أن الاتفاقية التي وُقعت في السودان ستنفذ فصلاً فصلاً، مرحباً بتأكيد الخرطوم بالوقوف على مرحلة تنفيذ الاتفاق، وأكد الرئيس الجنوب السوداني على أهمية التواصل بين الحكومتين وتعزيز الثقة والعمل من أجل مستقبل مشرق.

ثقة البشير

وقد أكد البشير وقوف السودان ودعمه لدولة الجنوب حتى يتحقق السلام الشامل وتنعم بالأمن والطمأنينة، وقال إنه لا يريد التدخل في الشأن الداخلي لدولة الجنوب بقدر ما سيظل حاضراً لتقديم كل العون والدعم لتنفيذ اتفاق السلام الذي وقعه القادة الجنوبيون، وشدد على أن المسؤولية الأولى في تنفيذ الاتفاق تقع على عاتق القيادات الجنوبية، معرباً عن ثقته بأن كافة الأطراف التي وقعت الاتفاق حريصة على تنفيذه.

وشدد البشير على أن لقاءه مع سلفاكير يعبر عن إرادة سياسية قوية للتوجه نحو السلام، معتبرًا أن المرحلة السابقة كانت تمثل مرحلة التوقيع على المواثيق بينما ستكون الفترة المقبلة أكثر أهمية في مسيرة السلام. كونها الفترة التي ستشهد تنفيذ الاتفاقية، لافتاً إلى أن البلدين يتطلعان إلى مستقبل واعد فيه خير كثير لشعبيهما، لما ينعمان به من موارد غنية وكوادر بشرية مؤهلة وقادرة على استغلالها لبناء الدولتين في الشمال والجنوب.

تعهدات سلفاكير

بدوره عبر الرئيس سلفاكير عن تقدير دولة الجنوب للسودان حكومة وشعباً لما بذله من جهد من أجل تحقيق السلام والاستقرار في ربوعها، ولفت إلى أن الخرطوم نجحت في دفع الأطراف بدولة الجنوب وإقناعهم بالتوقيع على اتفاق السلام في وقت وجيز، لم تستطع دول أخرى تحقيقه، وقال: عندما حضرنا إلى الخرطوم لم نشعر بأننا غرباء بل كأننا في بلدنا ونحن عازمون على إكمال السلام لأنه رغبة شعبنا، ونحن مسؤولون كقادة سياسيين عن تنفيذ هذا الاتفاق.

شعب واحد

وزير الإعلام بجنوب السودان مايكل مكواي أطنب في مدح دور السودان في تحقيق السلام في جنوب السودان، مبيناً أن اليوم يمثل شأناً كبيراً لشعب جنوب السودان بمناسبة التوقيع على اتفاقية السلام الشامل، مشيرًا إلى أن اهتمام السودان بجنوب السودان يمثل اهتمام الأخ الأكبر بأخيه الصغير، وقال: على الرغم من الانفصال ولكن ما زالت العلاقات بينهما قوية وأزلية، ونحن دوما نقول إن الذي حصل لم يكن انفصالاً بين الشعبين وإنما نحن شعب واحد في دولتين”، مبيناً أن ذلك ما دفع حكومة السودان بقيادة رئيس الجمهورية عمر البشير، لتولي مهمة تحقيق السلام في جنوب السودان، وأن يتمكنوا من إقناع الفرقاء بالتوقيع على اتفاقية السلام خلال 81 يوماً، وأضاف “ما زلنا نطلب من حكومة السودان أن تستمر في مساعدتنا في تذليل الصعاب والعقبات التي ربما تقابلنا في طريق التنفيذ”، وزاد “نحن اليوم أتينا مع الرئيس سلفاكير وجميع وفد التفاوض بمن فيهم المعارضة للاحتفال بالتوقيع على الاتفاق، هذا لا يعني إلا البداية الحقيقية في تنفيذ اتفاقية السلام”.

آمال السلام

وقال مايكل مكوي إن السلام سيعود لجنوب السودان قريباً وستعود العلاقات بين البلدين كما كانت وتعود المياه إلى مجاريها، مبيناً أن جنوب السودان لن ينسى وقفة السودان معه في درب تحقيق السلام مبدياً شكره لرئيس الوزراء الأثيوبي آبي أحمد لتحويله الملف إلى السودان ولمنظمة الإيقاد التي رعت الفرقاء طيلة فترة التفاوض غير أنه أعاد الفضل كله لحكومة السودان باعتبار أن السودان يدرك طبيعة الصراع ويعرف كافة الأطراف وقال “لو ما اتحول الملف الى الخرطوم كنا لحدي يوم الليلة بنتعارك في أديس أبابا ونتكلم ونتحدث، ولهذا فإن الشكر كل الشكر لحكومة السودان والرئيس البشير والشعب السوداني لما تحملوه من أجل تحقيق السلام”.

أسباب التفلتات

كشف مايكل مكوي عن أسباب التفلتات التي تحدث في جنوب السودان والهجمات المتبادلة بين المعارضة والجيش الحكومي في الجنوب رغم توقيع الاتفاق، مشيرًا لوجود عناصر في جنوب السودان لم تسمع حتى الآن بأخبار التوقيع على اتفاقية السلام لعدم وجود اتصالات فضلاً عن أن الاتفاقية تتحدث عن ترتيبات أمنية تتطلب أن تعلن كل مجموعة متمردة أماكن تمركزها وعدد قواتها العسكرية وكمية تسليحها موضحاً أن بعض القوات المعارضة المسلحة ليست لها مواقع محددة، الأمر الذي يجعلها تقود هجمات من أجل السيطرة على مناطق محددة تحسب لها عند بداية تنفيذ الترتيبات الأمنية، وقال “هذه المخالفات ليست جديدة، ولكن بصورة عامة الأوضاع مستقرة استقراراً تاماً في الجنوب ومنذ بداية الأسبوع الذي أعقب التوقيع لم تتكرر الخروقات والهجمات حتى اليوم بدأ مفعول وقف إطلاق في السريان على الرغم من الآلية التي يجب أن تراقب وقف إطلاق النار لم تُكوّن حتى الآن، ولكن الأطراف ما زالت ملتزمة بوقف إطلاق النار”.

برنامج اليوم

اتفق الدرديري ومكوي على برنامج رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت خلال اليوم السبت مبينين أنه سيلتقي المعارضة التي وقعت على الاتفاقية لوضع الترتيبات النهائية، وكشف مكوي عن دعوة

فيما يتعلق بتكوين مجلس الدفاع المشترك وغيره من الآليات يفترض أن تكوّن قبل الفترة الانتقالية بـ 15 يوماً ولم تنته، واليوم سيجتمع سلفاكير بكل أطراف المعارضة حتى يناقش عضويتهم في هذه الآليات ويصدر منها قراراً بتكوين هذه الآليات وخلال اليومين ستتكون كل آليات تنفيذ اتفاقية السلام الشامل.

الدعوة التي وجهها سلفاكير عبر الهاتف من جوبا لزعيم المعارضة د. رياك مشار بالإضافة إلى قادة المعارضة لزيارة جوبا والمشاركة في الاحتفال الذي ستقيمه جوبا للتبشير بالتوقيع على اتفاقية السلام على أن يعودوا بعد الاحتفال إلى الجهة التى يرغبون فيها لحين تكوين حكومة الوحدة الوطنية، مبيناً أنهم لم يتلقوا رداً حتى الآن على الدعوة غير أن الاجتماع المقرر قيامه بينهم وسلفاكير اليوم سيحدد موقفهم النهائي من الحضور أو عدمه.

بدوره أبان الدرديري أن الرئيس سلفاكير سيجري اليوم لقاءات مع د. رياك مشار ومجموعة سوا بقيادة قابريال سامسون ولام أكول ولقاء مع مجموعة المحتجزين السابقين بقيادة دينق ألور وبعض الأحزاب المعارضة الأخري.

ولفت وزير الخارجية أن الرئيس سلفاكير سيلتقي مع القادة الجنوبيين للتشاور حول أنجع السبل لوضع اتفاقية السلام موضع التنفيذ والنظر في إمكانية الاتفاق علي حكومة الفترة الانتقالية التي ستدخل حيز التنفيذ بعد 8 أشهر، وخلق أجواء ودية تساعد في تنفيذ الترتيبات الخاصة بوقف إطلاق النار وتجاوز أي خروقات أو إشكالات قد تظهر في وقت آخر.

قلادة شرف

منح رئيس الجمهورية المشير عمر البشير خلال الاحتفال الذي أقيم بالقصر الجمهوري بمناسبة توقيع اتفاقية تنشيط سلام الجنوب، قلادة الشرف للفريق أول سلفاكير ميارديت رئيس جمهورية جنوب السودان ووسام الجمهورية من الطبقة الأولى لزعيم المعارضة د. رياك مشار، كما منح نجمة الإنجاز لوزير الدفاع الفريق أول ركن عوض محمد أحمد ابن عوف، ومدير جهاز الأمن والمخابرات الفريق أول مهندس صلاح عبد الله محمد صالح، ووزير الخارجية د. الدرديري محمد أحمد الدخيري.

ومنح رئيس الجمهورية وسام النيلين من الطبقة الأولى لكل من الفريق الركن جمال الدين عمر محمد إبراهيم، والسفير جمال الشيخ أحمد والسفيرة نجوى عباس أحمد محمد قدح الدم.

مناشدة شعب

شهد الاحتفال حضوراً كبيراً من أبناء جنوب السودان المقيمين بالخرطوم وبدا أبناء الجنوب أكثر تفاؤلاً بما سيؤول إليه الوضع في بلادهم، وأكد عدد منهم تحدثوا لـ(الصيحة) أن الاتفاق يمثل علامة فارقة بين الدمار الذي عم جنوب السودان بسبب الحرب وبين نعمة السلام التي ستحققها الاتفاقية مؤكدين أن أكثر من نصف مواطني الجنوب أصبحوا لاجئين في دول أخرى بينما يعيش النصف الأخر أوضاعاً سيئة داخل الجنوب وطالبوا الأطراف الموقعة على الاتفاق بضرورة الالتزام بتنفيذ بنود الاتفاقية من أجل شعب الجنوب

رصد: محجوب عثمان
صحيفة الصيحة