تحقيقات وتقارير

تفاصيل أضخم عمليات احتيال بسُوق الأوراق المالية -4- المُستندات تكشف سُقُوط المسؤولة (ع) ضحية لـ (نازك)


في الحلقات الثلاث الماضية، تناولت (السوداني) بالمُستندات سُقُوط عددٍ من المُواطنين ضحايا المُتّهمة نازك، وتمّ الاستيلاء على أموالهم بطريقة احتيال ذكية وناعمة، في وقتٍ ما زالت تَتَوارَد فيه المُستندات للصحيفة بجانب ظُهُور ضحايا جُدد…

المسؤولة (ع) الضحية..
في الحلقة السابقة، أشار عددٌ من الضحايا أنّهم تعاملوا مع أسواق المال بعد أن تلقّوا إرشادات عن طريق مسؤولة بوزارة الإعلام وتدعى (ع)، إلا أنّ مُستندات توافرت لدى الصحيفة أمس، أشارت إلى أن المسؤولة (ع) هي إحدى ضحايا نازك وفقدت أموالاً طائلة جراء تعاملها مع نازك.
أصل الحكاية..
كشفت المسؤولة (ع) لـ (السوداني) بأنّها بدأت تعاملاتها المالية بأسواق المال مع شركة السودان للخدمات المالية (شهامة) منذ العام 2004م، حيث كانت تتعامل مع أوراق شهامة وقامت بشراء سيّارتها في العام 2010م.. وأشارت إلى أنّها بدلاً من الربح السنوي، اتّجهت للربح ربع السنوي من خلال التعامل مع شركة (ترويج) الحكومية، وبعدها اتّجهت للتعامل مع شركة (مزايا) لعدة أسباب منها، إنّها موجودة بالبرج وكانت بالنسبة لها أقرب من شركة (ترويج) الواقعة بالمُقرن.. وقالت إنّها قامت بإدخال أموالها بعد التّأكُّد من أن نازك هي إحدى شركات الوساطة الموجودة بالسوق.. وأشارت إلى أنّها تأكّدت بنفسها وأكبر دليلٍ أنّ نازك كَانت تتواجد داخل قاعة التداول أثناء ساعات التداول الرّسمية، وكان تواجدها بـ(الديسك) الخاص بشركة مزايا وأنّ لديها شهوداً يُؤكِّدون ذلك، الأمر الذي جعلها تطمئن وتتأكّد من أنّ شركة مزايا، شركة عاملة بالسوق ووقتها كانت الشركة مُجمّدةً نشاطها، ولم يخطرهم السوق بأنّ شركة مزايا مُتوقِّفة أو مُجمّدة، كما لم تخطرهم الشركة نفسها بأنها قد جمّدت نشاطها، الأمر الذي تَسَبّب في ضياع أموالها.
تواجد بالديسك..
وأضافت المسؤولة (ع) بأنهم عقب انتهاء ساعات التداول كانوا يدلفون إلى قاعة التداول ويجلسون إلى جوار نازك بديسك شركة مزايا.. وأشارت إلى أنّها كانت يومياً تدخل صفحة سُوق الخرطوم للأوراق المالية لمُراجعة الأسعار، وكانت تجد اسم شركة مزايا موجوداً بين مجموعة الشركات الناشطة بالسوق برأسمال (60) مليون جنيه (مليار).. ولفتت إلى أنّ وجود اسم الشركة وسط الشركات يعني أنها ما زالت عاملة وليست مُجمّدة، وأنه كان يتوجّب على السوق حذف الشركة من بين الشركات العاملة، فلماذا لم يحذف صفحة شركة مزايا من قائمة الشركات المُساهمة في السوق؟! ولماذا لم يتم إخطار العُملاء بتوقُّف مزايا؟؟ ولماذا كانت نازك تزاول نشاطها داخل قاعة التداول رغم علم إدارة سوق الخرطوم للأوراق المالية؟؟ ولماذا لم يتم القبض على نازك حتى الآن؟؟ علماً بأنّ إدارة سوق الخرطوم للأوراق المالية طلبت من كل الضحايا إيصالاتهم التي سلّمتها لهم نازك.. وأشاروا إليهم بأنّ حُقُوقهم محفوظة فلماذا تنصّلت إدارة السوق عن ذلك؟؟
صحفية ضحية..
إحدى الصحفيات المعروفات أودعت مبلغ (489) ألف جنيه وهي عبارة عن مبالغ، جُزء منها خاص بالضحية، ومبالغ أخرى خَاصّة بأشقائها، وكانت أموالها تدخل وتربح وتعود إليها بطريقة سليمة عبر إحدى شركات سوق الأوراق المالية، وأضافت الصحفية في حديثها لـ(السوداني) أنّ المسؤولة (ع) أقنعتها بتحويل أموالها إلى شركة مزايا عبر نازك، بحجة أنّ الشركة ستتولّى تصفية أرباحنا وتسليمها لنا في شهر واحد وهو أسرع من إجراءات السوق العادية وهي الميزة الوحيدة التي أقنعتنا بها وأبلغتنا في المرحلة الأولى أنّ نقودنا ربحت المبلغ المطلوب وسلّمتنا شهادات أرباح، وبعد ذلك استمرينا في سحب جُزءٍ من أرباحنا وترك بقية الأموال في تداولها، وفُوجئنا في فبراير عقب التصفية وفي طَريقنا لاستلام أرباحنا باتصال هاتفي من المسؤولة (ع)، أخبرتنا فيه بأنّ نازك تُعاني من مشاكل في السوق، وحينما اتصلنا بنازك قالت: “قروشكم حتنزل في حسابكم بتاريخ 15 مارس”، وبعد التاريخ المُحَدّد نازك طلبت مني عبر مكالمة هاتفية أن أحضر إليها بالمنزل، وفي منزلها حدّثتني نازك عن خسارتها لأموالها ومَشاكلها في السوق والتزمت بإرجاع أموالنا وكانت تماطل بحجة بيع المنزل، وبعد 45 يوماً لجأنا للأمن الاقتصادي وروينا القصة لضابط الأمن بالسوق هشام، وبعد فترة راجعناه وقال لنا: “اذهبوا ودوّنوا بلاغات”، وبعدها أصبحت نازك مُختفية وهاتفها مُغلقاً.
إقرار نازك..
سطّرت نازك إقراراً مسُتندياً يثبت تورطها قالت فيه: (أنا نازك علي محمد صالح بطوعي واختياري وإرادتي المُعتبرة شرعاً وقانوناً، أقر بأنّني أمارس العمل باسم شركة مزايا للخدمات المالية المحدودة في فترة تجميد تعمل الشركة بسوق الخرطوم للأوراق المالية وذلك منذ العام 2016م وحتى الآن، وأقر بأنّني بحوزتي أختام ومُستندات قبض مالية باسم مزايا لم أقم بتسليمها للإدارة السابقة، وأقر بأنّ مجلس الإدارة السابق والإدارة السابقة والحالية للشركة ليس لديها أي علم بما أقوم به من عملٍ، وليس لديّ أي تفويض من قبلهم بممارسة العمل باسم الشركة داخل سوق الخرطوم للأوراق المالية أو خارجه، وأقر بتحملي أي مسؤولية تجاه الشركة والعُملاء الذين قُمت بالتعامل معهم واستلمت منهم مبالغ مالية، وأتحمّل كافة المُطالبات المالية الخاصة بسنداتهم، عليه أقر بمسؤوليتي الكاملة الحالية والمُستقبلية عن أيِّ نشاط قُمت بمُمارسته باسم مزايا في الفترة من العام 2016م وحتى 25 مارس 2018م.. وتجدر الإشارة إلى أنّ نازك حرّرت إقرارها وسط أربعة شهود.
خطاب السوق..
خاطبت نيابة الخرطوم شمال، سوق الخرطوم للأوراق المالية للإفادة حول نازك ومُمارستها لأي نشاط داخل السوق، وردت (البورصة) بخطاب للنيابة أفادت فيه بأنّ شركة مزايا شركة مالية مُعتمدة تتعامل بالسوق وتم الترخيص لها منذ العام 2005م، وأنه تمّ تجميد نشاطها في 2015م، كَمَا تمّ فك التّجميد بتاريخ 14 أغسطس 2016م ولم تُزاول أيِّ نشاطٍ داخل أو خارج السُّوق، وأنّها ما زالت في إجراءات التّرتيبات المُتعلِّقة بالهيكل التّنظيمي ولم تَقُم حتى الآن بتعيين أيِّ وسيطٍ لها للقيام بعمليات الوساطة المالية ولم يتم منحها اسم مُستخدم للعمل على أنظمة التداول الإلكتروني فيما يخص عمليات البيع والشراء للأوراق المالية، وفيما يتعلق بنازك فإنّه ومنذ تجميد الشركة في يونيو 2015 وحتى تاريخه لا علاقة لها بالشركة.
تلاعب بالمُستندات..
من جهته، أصدر سوق الخرطوم للأوراق المالية مستنداً عبارة عن كشف حساب مُساهم أثبت فيه تورُّط شركة قنوسر في إجراء عمليات مالية للمتهمة نازك التي كانت تُسلِّم الضحايا سندات قبض باسم مزايا، وحسب المستند الصادر بتاريخ الخميس 25 يناير 2018م، فإنّ نازك تَسَلّمت من الضحية (رجاء) مبلغ (400) ألف جنيه (مليون) تمّ سحبها بشيكٍ بالرقم (6068) من بنك المزارع التجاري فرع بحري السوق، وقامت بتسليمها سند قبض باسم شركة مزايا للخدمات المالية بحجة شراء (800) صك شهامة، وبعد أربعة أيام وبتاريخ 31 يناير 2018م، قامت نازك بشراء (258) صكاً باسم شركة قنوسر للاستثمار المالي وتم شراء الصكوك في ذلك اليوم على مرحلتين، الأولى تم فيها شراء (116) صكاً باسم قنوسر، والثانية تم فيها شراء (142) صكاً وتمت العملية بـ (عقد قاعة) باسم شركة قنوسر وكانت أرقام العقود (167009) و(167021)، وحسب المُستندات التي تَحَصّلَت عليها (السوداني) فإنّ نازك كانت تُسلِّم شركة قنوسر أموال الضحايا بعد تسليمهم سندات قبض باسم مزايا، وكانت قنوسر تمثل الشركة الوسيط في إجراء عمليات التداول داخل قاعة التداول، مِمّا يُشير إلى تورُّطها.
مجلس تحقيق..
وفي تصريحٍ لمساعد مدير عام السوق مجدي محمد الحسن، أفاد فيه لـ(السوداني) بأنه لا يسمح لأحد غير الشركات الوسيطة التواجد داخل قاعة التداول أثناء ساعات التداول الرسمية.. وقطع مجدي باستحالة تواجد غير الوسطاء في القاعة أثناء ساعات التداول، وقال إنّ نازك كانت تتواجد بأماكن تواجد الجمهور ولا تدخل القاعة إلا عقب انتهاء التداول، إلا أن شهود عيان كذبوا حديث مجدي.. وأكدوا لـ(السوداني) رؤيتهم لنازك تتواجد داخل القاعة أثناء ساعات التداول الرسمية وكانت تتواجد بديسك شركة مزايا مِمّا يُعد مُخالفة تورّطت فيها إدارة السوق نفسها.
يقول المستشار القانوني للبورصة عبد الحليم أمين إنه لكي يكون العميل مُستثمراً بشركات أوراق المال، فهنالك شروطٌ يجب توفُّرها وأهمها أن تكون هنالك اتفاقية لفتح الحساب مُوقّعة بين العميل وشركة الوساطة، فإن كانت هنالك اتفاقية فهنا ستكون الشركة ملزمة قانونياً بالتّعاملات التي تَتم بَينها وبَين العميل والسّداد له، أما إن لم تكن هنالك اتفاقية فهنا تصبح شركة الوساطة لا علاقة قانونية تربطها بالمُستثمر، هذا التّصريح يُؤكِّد جلياً تورُّط شركة قنوسر في عمليات استيلاء على الأموال نسبةً لإجرائها مُعاملات مالية دُون إجراء عُقُودات مع المُستثمرين وهُم الضَحايا، بجَانب سَحبها لأموال أحد العُملاء وتَسليمها لشَخصٍ لا علاقة له بشركة قنوسر أو حتى العميل، وهذا يُعتبر أمراً مُخالفاً لقوانين السوق ويجعل شركة قنوسر مُتورِّطة ويتوجّب تغريمها مبلغ (4) ملايين جنيه لصالح العميلة (سناء)، كما أنه يجب على الجهات الحكومية التي يتبع لها السوق (وزارة المالية وبنك السودان المركزي) أن تُشكِّل لجنة تحقيق إدارية فورية لإدارة (البورصة) واستجوابها حول أكثر من (7) مُخالفات تتعلّق بالسماح لـ(نازك) العمل في السوق رغم توقُّف شركتها، بجانب أن ّإدارة السوق سمحت لـ(نازك) بالتواجد وإدارة العمليات من داخل قاعة التداول وأثناء ساعات التداول الرسمية انطلاقاً من ديسك شركة مزايا المُجمّدة، رغم أنّها لا علاقة لها بالشركة فلماذا تم ذلك ولصالح مَن كانت نازك تستولى على أموال المُواطنين؟؟ أضف إلى ذلك أنّ البورصة لم تخطر العُملاء بتوقف شركة مزايا عن العمل، بالإضافة إلى إجرائها تسوية لاثنتين من الضحايا بعد أن احتالت عليهما نازك واستولت على أموالهما، وقامت إدارة السوق بإجراء جلسة تسوية بحُضُور المساعد مجدي لثلاثة أيام مُتتابعة في يناير الماضي، وتسلّمت العميلتان الضحيتان نقودهما وبعدها لم يتّخذ السوق إجراءً لإيقاف نازك، بل سمح لها بالتمادي واستولت بعدها على أموال (7) من الضحايا.. فمن المُستفيد إذاً من ترك نازك تستمر في الاحتيال على الضحايا داخل السوق؟؟
أيضاً من أهم مُخالفات سُوق الخرطوم للأوراق المالية عدم قيامه بحذف أو إشارة إلى أنّ شركة مَزايا مُجمّدة وترك صفحتها نشطة بين صفحات الشركات وكأنّها ما زالت تَعمل ويُعتبر ذلك تضليلاً للعُملاء وأسهم السوق بطريقة أو بأخرى في وقوع عمليات الاحتيال تلك، لذلك يتحمّل السوق المسؤولية جنباً إلى جنب مع نازك، بجانب أنها كانت تُسلِّم العملاء إيصالات باسم مزايا وتجري عمليات من الداخل باسم قنوسر وإدارة السوق تعلم بذلك ولم تتدخّل.
أخيـراً..
مازالت نازك خارج قبضة العدالة مِمّا يُشير إلى أنّ هنالك أيدٍ خفية تقف خلفها وذات مصلحة في الإبقاء عليها بعيداً عن المُساءلة القانونية.. فيا ترى مَن المسؤول عن إخفاء نازك؟؟ وهل هو من المُتورِّطين في الاستيلاء على أموال الضحايا واقتسامها مع نازك أم أنه من جهات أخرى؟؟.



تحقيق: هاجر سليمان
السوداني.