حوارات ولقاءات

في حوار العام والخاص و الأفكار (1-2) .. عصام البشير: التضييق الأمني لنظام مايو دفعني للهجرة إلى السعودية


علاقتي بالشيخ القرضاوي بدأت منذ مطلع السبعينيات

هذه هي أسباب وعوامل انتشار ظاهرة التطرف والإرهاب

الجماعات الإسلامية وسائل وليست غايات

رؤى الغنوشي الفكرية ومواقفه فيها كثير من الحكمة والإتزان

هو الداعية الذي تُشد إليه الرحال من أطراف العاصمة المتباعدة إلى قلب مدينة بحري، حيث منبر مسجد النور الذي كان يطل عليه الشيخ الجليل الدكتور عصام أحمد البشير في إطلالة ثابتة في خطبة فريضة الجمعة، فهو يملك الأسلوب الشيق، والكلم الواضح، والعلم الغزير والرأي السديد، والمناصحة المباشرة التي لا يخشى فيها لومة لائم، كان عصام البشير وما زال منبعاً للدهشة والإبهار، فالرجل يجمع بين العلم والأسلوب والمباشرة، حتى إن الرئيس المصري السابق الدكتور محمد مرسي قد أبدى إعجاباً صريحاً بأسلوب عصام البشير حينما صلى ذات الجمعة في مسجد النور حين زار السودان، مضيفاً أي الرئيس مرسي ـ بأن عصام ظل يمتع الناس منذ أن قابلناه في أمريكا قبل سنوات مضت، يعد عصام البشير قليل الظهور والإطلالة إلا في المنابر الثابتة، حيث أنه مقل في الظهور في سائل الإعلام عاكف على الدعوة التي عرف بها.

الصيحة استطاعت بعد مجهود أن تحاور الشيخ عصام البشير، فجمع الحوار بين العام والخاص وكثير من العلم النافع في شتى مناحي الفقه والتأصيل، فإلى ما قاله الدكتور عصام البشير.

*بداية حدّثنا عن المولد والنشأة.. الزمان والمكان؟

– أنا عصام الدين أحمد البشير عبد الهادي، ولدت ونشأت في تندلتي ولاية النيل الأبيض في 27/11/1956م، وكان والدي – رحمه الله- يعمل في حقل التجارة، أما مراحل التعليم فالخلوة ثم الدراسة الابتدائية والمتوسطة في تندلتي، وكانت لدي رغبة بعد انتهاء المرحلة المتوسطة بأن ألتحق بالمدرسة الفنية، ودرست في الحصاحيصا الصناعية، ومكثت فيها، عاماً ثم انتقلت إلى مدني الصناعية، حيث كان شقيقي يدرس في مدرسة حنتوب، تصادفت تلك الفترة مع ثورة شعبان، كنت حينها نائباً لرئيس اتحاد الطلاب بالمدرسة، وساهمنا في الحراك الطلابي المؤازر لقيادة اتحاد جامعة الخرطوم والقوى السياسية.

*هل من ذكريات عن فترة الدراسة؟

– لعلها فترة كانت من الثراء بمكان، استطاعت أن تترك الكثير من الأثر على مسيرتي في مقبل الأيام، لا سيما في مرحلة الكاملين الثانوية، وكان يؤم المدرسة شيخ جليل وعالم أستاذنا الذي انتقل إلى رحمة مولاه الشيخ محمد حامد التكينة، وكان مديراً للمدرسة، وقد عرفناه عالماً ومربياً وفقيهاً، وبدروسه النافعة أضفى على المدرسة جواً تربوياً وعلمياً، وكنت على صلة وثيقة به، لأنني كنت مهتماً بالجانب الشرعي، وأذكر أنّني كنت أترأس اتحاد الطلبة في المدرسة، وكان كذلك وكيل المدرسة العالم الجليل الشيخ خضر.

*وما علاقتك بالكاملين؟

– اتصلت علاقاتي بكوكبة من أهل الكاملين، وهم أهل مروءة وكرم وكنت ألقي كلمات بعد خطبة الجمعة في مسجد الأنصار ثم أصبحت إماماً لمسجد الشيخ عجبنا قبل أن يكتمل بناؤه، حيث كنت خطيباً للجمعة، كما كنت إماماً للصلوات في داخلية المدرسة، وكان من بين من تعرفنا عليهم من الدعاة وانتفعنا بعلمهم في الكاملين الشيخ عرفة وهو ملم بالفقه المالكي، وآل مراد وآل الشايقي وغيرهم من الفضلاء.

* حدثنا عن انتقالك للدراسة في السعودية؟

– دفعني التضييق الأمني من قبل النظام وقتها للهجرة إلى المملكة العربية السعودية، وكان ذلك في رمضان، وكنت قد ذهبت في البدء إلى المدينة المنورة، ومنها إلى الرياض، وكان لنا جار في تندلتي يعمل موظفاً هناك فقام بأخذ الأوراق والشهادات مني ودفع بها لأحد الإخوة الذين يعرفهم، وبفضل الله تم قبولي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية – كلية أصول الدين- ثم تخصصت في قسم السنة وعلوم الحديث، ثم نلت منها درجة الماجستير وعملت بها محاضراً، وأكملت الدكتوراه بجامعة أم درمان الإسلامية قسم السنة وعلوم الحديث.

*من بين كل هذه المحطات التي تنقلت فيها، ما هي المحطة الأبرز؟

– أعتقد أنّ مرحلة الدراسة الجامعية بجامعة الإمام محمد بن سعود الاسلامية بالرياض كانت من أخصب فترات حياتي، وذلك لأنّ التعليم هو بناء الإنسان، والإنسان أغلى ثروة نملكها، والتعليم هو القاعدة الأساسية التي يمكن أن ينطلق منها البناء الحضاري والنهضة التنموية الشاملة في الأمة، فالتجربة كانت نضرة، والتقينا فيها بعلماء ذوي كفاءات مقتدرة منهم من تلقينا العلم منه كفاحاً في قاعات الدرس مثل العلامة الشيخ عبد الفتاح أبوغدة في علم الحديث، والشيخ محمد الراوي في التفسير، والشيخ البراك في علم العقيدة وغيرهم .

*وماذا عن أخذكم العلم عن المشائخ خارج المنهج الدراسي؟

– أخذنا عن بعض الأعلام الفضلاء خارج المنهج الدراسي منهم سماحة الشيخ بن باز والشيخ مناع القطان والدكتور محمد سليم العوّا والدكتور جعفر شيخ إدريس . كما أفدنا من زيارة بعض الدعاة الكبار ومن محاضراتهم منهم الأستاذ محمد الغزالي والاستاذ محمد قطب، والشيخ الشعراوي، والشيخ الألباني والشيخ سعيد حوى، والشيخ يوسف القرضاوي، والأستاذ يوسف العظم وغيرهم، ومنهم من التقينا بهم في ساحة الحرم النبوي الشريف مثل الشيخ المنتصر الكناني، والشيخ أبوبكر الجزائري، والشيخ حماد الأنصاري والشيخ المختار الشنقيطي، فانتفعنا بعلم هؤلاء جميعاً، إضافة إلى من التقيت بهم في مؤتمرات وندوات إقليمية وعالمية ومن زرتهم في مقرّ إقامتهم مثل العلامة الشيخ المودودي والشيخ العلامة الندوي، والشيخ محمد ناصر في إندونسيا، ومن أكثر من أتيح لي صحبتهم من السودان د. جعفر شيخ إدريس، حيث درسنا على يديه الرسالة للإمام الشافعي، وبعض الدراسات الفكرية، ولي صلات واسعة مع كوكبة نيرة من من أئمة الحرمين وعلماء المملكة ودعاتها.

*ليتك تحدثنا عن المواقع التي شغلتها خلال مسيرتك الدعوية؟

– شغلت خلال مسيرتي الدعوية التي امتدت لسنوات طويلة العديد من المواقع داخل السودان

وخارجه منها داخلياً وزيراً للإرشاد والأوقاف (سابقاً)، ورئيساً لمجمع الفقه الإسلامي (سابقاً)، وعضو البرلمان السوداني من عام 1992 إلى عام 2006م.

ـ وماذا عن المواقع خارج السودان؟

شغلت منصب الأمين العام المساعد للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وأستاذاً في العديد من الجامعات، وعضواً بمجمع الفقه الدولي – منظمة التعاون الإسلامي، وعضواً بمجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة.

*كانت لك تجربة في أوربا، حدثنا عنها؟

– نعم، عملت عضواً للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث – أيرلندا، وعضو المجلس العلمي وعضو المجلس الأعلى لمركز دراسات مقاصد الشريعة – إنجلترا، وعضو مجلس أمناء الكلية الإسلامية – بمقاطعة ويلز – بريطانيا، وعضو للكلية الأوروبية للدراسات الإسلامية – فرنسا، وعضو الهيئة العمومية للمعهد الأوروبي للدراسات الإنسانية – فرنسا.

*لك تجربة مماثلة أيضاً في بعض الدول العربية؟

– بالتأكيد، وأبرزها في دولة الكويت، حيث عملت عضواً لمجلس إدارة الهيئة الخيرية العالمية ـ بالكويت، ثم الأمين العام للمركز العالمي للوسطية سابقاً – الكويت، وعضو مؤتمر الحوار القومي الإسلامي – لبنان.

*وماذا عن السودان؟

– عملت عضواً لمجلس أمناء دار مصحف أفريقيا – السودان، وعضو لمجلس أمناء جامعة أفريقيا العالمية – السودان، وعضو مجلس أمناء مركز التنوير المعرفي – السودان.

وأشغل الآن منصب الأمين العام لمنتدى النهضة والتواصل الحضاري – والأمين العام لمؤسسة الكلم الطيب.

*ما هي أهم مؤلفات الدكتور عصام أحمد البشير؟

– خلال مسيرتي العلمية الدعوية وُفقت لتأليف عدد من الكتب والبحوث وهي

أصول منهج النقد عند أهل الحديث، والتجديد مفهومه وضوابطه وآفاقه في واقعنا المعاصر، والتعددية والمواطنة، والجهاد والقتال في الإسلام، والحوار مفهومه ضرورته وأنواعه، والعلاقة بين الحاكم والسلطان، والغلو والعنف منطلقات منهجية وشبهات جزئية.

*ثم ماذا؟

– هناك عدد آخر من الكتب والمؤلفات منها، المرأة المسلمة في عصر التنزيل، والوسطية معالم وضوابط، وتأملات في مدنية الدولة وبعض قضاياها، وكتاب نحو خطاب إسلامي مرتبط بالأصل ومتصل بالعصر، وعالم الإفتاء وعثرات المفتين، والإسلام رحمة للعالمين، والأمن في الإسلام الحق الإلهي والفطرة الإنسانية، وشباب الأمة وتحديات المستقبل (مآزق وآفاق، والزكاة ودورها في محاربة الفقر).

*لديك مؤلفات عديدة تختص بمرتكزات الحضارت، أذكرها لنا؟

– نعم، منها، نحو مشروع حضاري لإحياء القيم الإسلامية، والأطر العامة والمرتكزات الأساسية في بناء الحضارات، وملامح التجديد الإسلامي، والفساد المالي وأثره على الفرد والمجتمــع، وقواعد التنمية الوطنية ومقاصد الشريعة، والجمال رؤية مقاصدية، والشورى في سياق التأصيل والمعاصرة.

*كيف تعرف الغلو والتطرف خاصة وانها أصبحت ظاهرة خلال الفترة الأخيرة؟

– لابد، عند التعـرُّض بالدرس لأية ظاهرة اجتماعية، من البحث عميقاً في أسبابها القريبة والبعيدة؛ لئلا نُشغَـل بعلاج العوارض، بينما تتفاعل أسبابها مؤذِنـةً بتجـدُّدٍ لا نهائـيٍّ من الظواهر المماثلة، وعند تأمل ظاهرة الـغُـلُـوّ والعُـنـْـف (أو ما يُـعبـَّـر عنهما في وسائل الإعلام بـ «التطرف والإرهاب») ندرك أن ثمة أسباباً وعواملَ أدت إليهما، تتراوح بين كسبٍ ذاتي، وتدافع خارجي، وتمازج بين هذا وذاك، أفرز آثاراً بالغة الاحتقان على الـصُّـعُـد كافـةً. وإذا أردنا أن نحاول حصر هذه الأسباب والعوامل يمكننا ردُّها إلى محاور أساسية، تندرج تحتها بعض التفاصيل، ولعل من المناسب تكثيفها في هذا المقام في أبعاد عديدة.

*وما هي تلك الأبعاد؟

– أولاً البعد السياسي والاقتصادي ويتمثل في الاستبداد، غياب الشورى، القمع ويشمل إقصاء المختلف وعدم الاعتراف به، الانتقاص من حقوق الإنسان، الفساد المالي والإداري الذي يتمثل في انتهاب الثروات، احتكار الموارد، الاحتلال الأجنبي، التقاعس عن رفع الظلم وإنصاف المظلومين.

*والبعد الثاني؟

– هو البعد الاجتماعي، ويشمل غياب العدل الاجتماعي، إخفاق مشاريع التنمية، انعدام تكافؤ الفرص، البطالة، الفقر والحرمان، غياب دور فاعل لمؤسسات المجتمع المدني، الانسحاب من المجتمع، العنف الأسري، التشرد، ارتفاع نسبة الأمية (الـحَـرفيـَّـة والحضاريـَّـة) وإخفاق دور وسائط التعليم، انحراف وسائل الإعلام عن دورها في التوعية والتثقيف.

ثالثاً: هو البعد الثقافي، ويضم التعصب، وغياب ثقافة الحوار والتعددية، وعجز البرامج والمناهج عن تقديم ثقافة متزنة منفتحة، غياب النقد والمراجعة، عدم تأصل ثقافة الاختلاف وغياب أدبه، محاولات الهيمنة الحضارية، تحلل مفهوم الـهُـويـَّـة وتفشي التقليد الأعمى .

*وماذا عن البعد الرابع؟

– البعد الرابع، وهو الاخطر، وهو التحيز العالمي ضد قضايا الأمة العادلة مثل قضية فلسطين وغيرها، وتسخير المنظومة الدولية لخدمة مصالح الدول الكبرى أكثر من إقرارها للسلم والأمن.

وليس بعيداً من ذلك البعد الخامس، وهو البعد الفقهي والشرعي، فيشمل غياب الفقه السديد الملبي حاجاتِ الأمة والموافـقِ مقاصدَ الشرع، ومصالحَ الخلق، ومقتضياتِ العصر، الافتقار إلى الفهم السليم لأبعاد خطاب التكليف وإدراك حدود الاستطاعة، والمجازفة في إسقاط الأحكام على الشرعية على واقـعٍ غير مستـوعَـبٍ إدراكاً وفهماً، التعصب المذهبي، والتحزب الطائفي والعنصري، المفاهيم الخاطئة والممارسة المنحرفة للمصطلحات الشرعية مثل الجهاد والتكفير والولاء والبراء والجاهلية والحاكمية.

*هل من عذر أو إعذار لممارسي التطرف؟

– ما يهمني في هذا السياق، أن أؤكد على أن تـَـعدادنا مثل هذه العوامل والأسباب، المؤديـَّـة غالباً إلى الغلو والعنف، لا يعني ـ بحالٍ ـ أيَّ تسويـغٍ أو اعتذارٍ يخفف من جُـرْم الغلاة وأهل العنف. بل .. تبقى مسؤوليتُهم كاملةً عما اقترفوا، وتتعاظم هذه التبعـةُ التي عليهم بما لبسوا به وسوغوا انحرافَـهم بما توهموه أدلـةً وحججاً، وهي لا تعدو أن تكون شبهاتٍ كان واجباً عليهم أن يسألوا عنها أهلَ الذكر.

* تُعد من دعاة الوسطية الأوائل في عالمنا العربي والإسلامي، حدثنا عن الوسطية وما هي أهم الضوابط والأسس التي يجب أن تقوم عليها؟

– ترجع الوسطية إلى معاني العدل والخير والتوازن المحمود الذي يعصم الإنسان من الوقوع بين طرفي الإفراط والتفريط، وفي معناها الكلي أن نقدم الإسلام منهجاً هادياً للزمان والمكان والإنسان، موصولاً بالواقع، مشروحاً بلغة العصر، مستلهماً للماضي، معايشاً للحاضر، مستشرفاً للمستقبل. جامعاً بين النقل الصحيح والعقل الصريح، محافظاً في الأهداف والغايات، متطوراً في الوسائل والآليات، ثابتاً في الأصول والكليّات، مرناً في الفروع والجزئيات، منتفعاً بكل قديمٍ صالح، ومرحباً بكل جديدٍ صالح، عاملاً على تعزيز المشترك الإنساني والحضاري، مرتبطاً بالأصل، ومتّصلاً بالعصر.

* كيف تنظر إلى واقع الجماعات الإسلامية الآن، وما هو المطلوب منها حتى تحقق الغاية من وجودها؟

– الجماعات الإسلامية هي وسائل وليست غايات، نشأت لتنزيل هداية الدين على واقع الحياة المتجدد، وقد تباينت رؤاها في توصيفها للواقع وفي تحديدها للاسبقيات، وفي أساليبها لتقديم نماذجها، ونظرتي إليها أنّها جماعات أخذت من نهر الإسلام الواسع وقامت بجهد مبارك، ولا ندعي لأحدها عصمة أو قداسة، بل هو اجتهاد بشري فيه صواب كثير وفيه ما يقتضي المراجعة والتصويب لمناهجها ومسالكها، ومطلوب منها أن ترتفع لمستوى هموم الأمة الكبرى وقضاياها المصيرية في ظل صفاء النفوس ومعالي الأمور، تعاوناً في المتفق عليه وتحاوراً في المختلف فيه بالتي هي أحسن، وإعذاراً في موارد الاجتهاد، كما أرى ضرورة تعزيز المبادرات المجتمعية بين الجماعات التي تذكي القيم بعيداً عن لغة التضليل والتكفير.

* يمثل القرضاوي علامة مضيئة في حياة الدكتور عصام البشير، حدثنا عن علاقتك به وأكثر ما لفت نظرك فيه؟

– علاقتي بإمامنا الشيخ العلامة يوسف القرضاوي بدأت منذ مطلع سبعينيات القرن المنصرم، حيث كان منطلقها اطلاعي على كتاب الحلال والحرام، ومسرحية يوسف أيها الصديق، وعالم وطاغية. ثم واليت الاطلاع على كتبه ثم سعدت بلقائه في نهاية السبعينيات، فتوثقت العلاقة، وأرى أنّه علامة عصرنا وشيخ الدعاة وفقيه الأمة، توافرت له المعرفة الموسوعية والنظرة المتوازنة، والوعي بواقع العصر، والاهتمام بقضايا الأمة الكبرى، والتجافي عن التعصب، وتغليب روح التيسير، والصدع بكلمة الحق، وقد أتيحت لي صحبته لما يقرب من أربعين عاماً في أسفارٍ ومشاركات في مؤتمرات عالمية في مختلف القارات، وساهمت معه في إنشاء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، والكليّة الأوروبية للدراسات الإسلامية والعديد من المشاريع الدعوية، كما أنّني قد أسهمت في إنشاء رابطة (تلاميذ القرضاوي). وهو يتمتع بتواضع جم وسماحة نفس ودعابة وهمة عالية، وترك ميراثاً علمياً ضخماً في التأليف والممارسة، وهو من كبار علماء التجديد في عصرنا، أمتع الله بعلمه النافع وبارك في عمره وعطائه.

حوار: محمد أبو زيد كروم
صحيفة الصيحة.