تحقيقات وتقارير

رؤساء الوزارة في السودان منذ الاستقلال


قبيل نيل السودان استقلاله بقليل، تكوّنت أول حكومة وطنية عام 1954، وكان منصب رئيس الوزراء من نصيب الزعيم التاريخي إسماعيل الأزهري، الذي كان يومذاك ينتمي إلى حزب «الأشقاء» الذي كان ينادي بالوحدة مع مصر.

وبعد سنتين من تسنّم الأزهري رئاسة الوزارة، أسقطت حكومته، وخلفه على رئاسة الوزارة عبد الله خليل «بك» من حزب «الأمة»، وهو الحزب الذي كان يطالب بالاستقلال الكامل للسودان. وظل خليل على رئاسة الوزارة إلى أن سلّم سلطته لرجال انقلاب الفريق إبراهيم عبود، في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) 1958، وكان انقلاب عبود أول انقلاب في تاريخ السودان.

ظل الانقلابيون يحكمون السودان حتى أكتوبر (تشرين الأول) 1964. وعندما سقط حكم الفريق إبراهيم عبود، تولى سر الختم الخليفة رئاسة الوزارة في الحكومة الانتقالية الأولى والثانية (1964 – 1965).

ثم عاد المنصب لحزب الأمة مجدداً، وجرى اختيار الشاعر والدبلوماسي الشهير محمد أحمد محجوب لرئاسة الوزارة في 1966. وفي العام ذاته، انتقلت رئاسة الوزارة إلى زعيم حزب الأمة الصادق المهدي. ثم عام 1968، عاد المحجوب رئيساً للوزارة مرة أخرى بعد تغير التوازنات السياسية، وأسقطت حكومة المهدي الأولى.
وفي مايو (أيار) 1969، وقع في السودان الانقلاب العسكري الثاني، بقيادة المشير جعفر النميري، الذي أسند رئاسة الوزراء إلى بابكر عوض الله (1969 – 1970)، وكان عوض الله محسوباً على حركة القوميين العرب.

ثم علق المنصب لعدة سنوات، إلى أن تولاه الرشيد الطاهر بكر، خلال الفترة 1976 – 1979، الذي شغل منصب نائب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، ثم ألغى النميري المنصب.
وبعد الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بحكم النميري، في أبريل (نيسان) 1985، شغل منصب رئيس الوزراء الدكتور الجزولي دفع الله، في الحكومة الانتقالية التي حكمت السودان لفترة سنة.

وبعد أول انتخابات برلمانية شهدتها البلاد في عام 1986، حصل حزب الأمة، بزعامة الصادق المهدي، على الغالبية، وشكلت الوزارة برئاسة زعيمه الصادق المهدي، وظلت في الحكم حتى ثالث الانقلابات العسكرية، أي انقلاب الرئيس عمر حسن البشير في 30 يونيو. وعلى الأثر، ألغى البشير منصب رئيس الوزراء، ولم يشغله أحد حتى العودة إليه في 2 مارس (آذار) 2017، وتعيين بكري حسن صالح رئيساً للوزارة، إلى جانب منصبه نائباً أول لرئيس الدولة. وبالتالي، كان أول رئيس وزارة يجري اختياره منذ تولي الرئيس البشير مقاليد الحكم.
وأخيراً، بعد سنة واحدة من رئاسة بكري صالح للوزارة، فاجأ الرئيس البشير المراقبين، وأعلن حل الحكومة وتقليصها، وفصل منصب النائب الأول للرئيس عن منصب رئيس الوزراء. ويوم الأحد 9 سبتمبر (أيلول) الحالي، اختير وزير الري والكهرباء، معتز موسى، رئيساً جديداً للوزراء، ليدوَّن في سجلات الحكم في السودان باعتباره «رئيس الوزراء العاشر» منذ نيل البلاد استقلالها، وتكوين الحكومات الوطنية.

لقد ظل منصب رئيس الوزراء في السودان خاضعاً للمتغيرات السياسية في البلاد. وبحسب نوع الحكم، فإن الفترات الديمقراطية القصيرة، كان الوصول لهذا المنصب يأتي عن طريق الانتخاب في الغالب، أما إبان فترات الحكم العسكري، فكان الاختيار يتحقق بـ«التعيين»، وذلك في عهدي الرئيسين النميري والبشير.

الخرطوم: «الشرق الأوسط»