زهير السراج

كش، أمسح، أكشط .. إتضرضر !!


* اكتظت مواقع التواصل الاجتماعى بالسخرية والاستهزاء من صورة لـ (محمد عثمان كبر) وهو بلباس (الضريرة) الذى يرتديه العرسان وأطفال الختان، إحتفاءً بتعيينه نائبا للرئيس، وكانت احدى التعليقات … عَيَّنوا وفرحت أمو ** والعيال فى حوشو إتلموا (إنتهى) .. !!

* لا ادرى إن كان هذا الذى احتفى بالضريرة وحمل السيف ليهز فى المحتفلين الراقصين إحتفاءً وفرحا بتعيينه، يعلم أن سيدنا عمر بن الخطاب لم يقبل بالخلافة عندما أخبره سيدنا أبوبكر الصديق وهو على فراش الموت بوصيته أن يكون أميرا على الناس، إلا بعد أن هدده ابوبكر بالسيف، ثم اشترط أن تكون توليته بموافقة أهل الحل والعقد، وعندما أخذ ابوبكر البيعة من الناس ذرف (عمر) الدمع خوفا من المسؤولية الجسيمة التى وضعت على عنقه .. موش لبس الضريرة وشال السيف يهز فى مَن يرقصون حوله فرحا وابتهاجا بتعيينه، والناس يموتون فى بلده بالجوع والمرض وسيف السلطان الجائر .. !!

* وعندما ولى عمر الخلافة وصعد المنبر بعد وفاة أبى بكر (رضى الله عنهما) قال: (أيها الناس، إن لكم عليَّ خصالاً أذكرها لكم، فخذوني بها، لكم عليَّ أن لا أجتبي شيئاً من خراجكم وما أفاء الله عليكم إلا من وجهه، ولكم عليَّ إن وقع في يدي أن لا يخرج إلا بحقه، ولكم عليَّ أن أزيد عطاياكم وأرزاقكم إن شاء الله تعالى، ولكم عليَّ ألا ألقيكم في التهلكة، ولكم عليَّ أن أسد ثغوركم إن شاء الله تعالى، ولكم عليَّ إن غبتم في البعوث (المعارك)، فأنا أبو العيال حتى ترجعوا إليهم، فاتقوا الله وأعينوني على أنفسكم بكفها عني، وأعينوني على نفسي بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإحضار النصيحة فيما ولاني الله من أموركم) .. هذا ما قاله عمر، موش إتضرضر واتعطر وقعد يهز !!

* وكما نعرف، فلقد كان (عمر) دائم القول وهو يبكى (بئس الخليفة أنا، إن بت شبعانا والناس جياع)، وكلنا يحفظ عن ظهر قلب قولته الشهيرة ( والله لو عثرت بغلة فى العراق، لخشيت أن يسألنى ربى عنها، لماذا لم تسوِ لها الطريق يا عمر) ..وهى لم تكن مجرد أقوال، وإنما اسلوب حياة حتى سارت بسيرته الركبان فى كل عصر وزمان..(حكمتَ فعدلتَ فأمنت فنمت يا عمر) .. هكذا تفوه رسول كسرى عندما رآه نائما قرير العين تحت ظل شجرة .. موش ساكن فى قصر مسروق من عرق الشعب .. وهز ورقيص وعرضة على جثث الضحايا الأبرياء .. ولكن من كان قدوته راقصا، فلمَ لا يرقص مثلما يرقص ولا يصنع مثلما يصنع .. (وإن لم تستحِ، فاصنع ما شئت) .. اسرق، اقتل، كش، أمسح، أكشط، اتضرضر، هز، أرقص، أعمل زى ما عايز .. ولكن تذكَّر .. فللحساب يوم!!

* ومثلما كان ابن الخطاب زاهدا، عادلا، رحيما بالناس وقاسيا على نفسه، كذلك كان حفيده الخليفة الأموى عمر بن عبدالعزيز .. الذى قال عندما علم باستخلاف (هشام بن عبدالملك) له .. (إنا لله وإنا إليه رجعون) .. وكأنه سمع خبر موت أحد، وعندما سئُل لماذا يقول ذلك، أجاب ..( نعم، إنا لله وإنا ليه راجعون، حين صار إلىَّ لكراهتى له ) .. ولم يفرح ويتبوبر ويتضرضر، ويهز فى الراقصين !!

* الوظيفة مسؤولية وأمانة وحمل ثقيل، لا يخشاها ويهرب منها ويستدبرها إلا من يدرك عواقبها، أما من يظنها تشريفا وتعظيما و(خم ولغف)، فلا غرو أن يستقبلها بالضريرة والحنة، والزغاريد والرقيص .. (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ) صدق الله العظيم .. تأباها السموات والأرض والجبال إشفاقا منها، ويحملها (كِبِر) بغبطة وسرور، بل ويحتفى بها ويتضرضر كأى طفل فى احتفال طهوره .. ولا أدرى ماذا سيصنع عندما يطهروه !!

مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة