حوارات ولقاءات

ألبيرتو فيرنانديز : العلاقات بين السودان وأمريكا انتقلت من الأسوأ إلى السيء و السودان لم يقل يوماً شكرا لأمريكا أبداً


[ALIGN=JUSTIFY]فرانكفورت: سمية سيد
ألبيرتو فيرنانديز لـ(السوداني):
العلاقات بين السودان وأمريكا انتقلت من الأسوأ إلى السيء
لم يقل السودان يوماً.. شكراً أمريكا
ندفع بليون دولار سنوياً لدارفور و(26%) من (يونميد) ومثلها لـ(يونميس)
توجد مبادرات لاستئناف الحوار السابيع القادمة
(90%) من اتفاق دارفور لم يطبق
(يونميد) له أسباب مختلفة
أنا استغرب.. أموالنا حلوة وأمريكا سيئة!؟
نضغط على الدول التي لها دور في تعقيدات دارفور
لقاء غير مرتب له لم يأتِ عبر الاتصال بالمكتب في السفارة بالخرطوم.. كان الوجود والصدفة داخل صالة المغادرة بمطار فرانكفورت هو وحدها التي جمعتنا مع القائم بالأعمال الأمريكي بالخرطوم البيرتو فيرنانديز وهو قادم من بلاده بعد إجازة هناك.. فيما كانت لنا المحطة الأخيرة في طرق عودتنا من رحلة عمل إلى روما ثم بون.. فرصة لقائي به ستكون بداية حلقات حصاد الرحلة.. ناقشته في العديد من القضايا العالقة والمستعصية بين امريكا والسودان.. فقد كانت اكبر خيبات الأمل تلقيتها عبر الفضائيات هي تعليق المفاوضات إلى اجل غير مسمى خلال لقاء مسؤولي البلدين الأخير بالخرطوم بل انها كانت خيبة الأمل والإحباط رقم (2) بعد احباط حريق الأيربص.
كان فيرنانديز هادئاً احياناً وعصبياً متشنجاً احياناً أخرى غير انه لم يحمل كل أسباب الفشل إلى الحكومة السودانية وهذا ما ستجده ضمن حوارنا التالي.
* ما تفسيركم لتعليق الحوار الأمريكي السوداني الثاني رغم التقدم الذي احرزه لقاء روما؟
– تعليق المفاوضات ليس غريباً.. وهناك العديد من التحديات التي تواجه مسار الحوار بين الطرفين.. والتحديات التي كانت قائمة قبل الاجتماع الأخير هي نفس التحديات ولم يحدث تقدم فيها.
* هل هي نفس ما أعلن عند التعليق؟.. اي انها متصلة فقط بموضوع ابيي هذا أليس مفاجئاً؟
– نعم هو موضوع ابيي وعدم تطبيق بروتوكول ابيي إضافة إلى الوضع المتردي والغامض في دارفور وعدم وجود تحسن ملموس على الأرض. وأقصد هنا وضع النازحين واللاجئين.. مليوني نازح.. ما هو مصيرهم؟ هل سيظلون في هذه المعسكرات إلى الأبد؟ هذا سؤال كبير بالنسبة لنا.
* لكن ليس هناك جديد في هذه التحديات، فما الحل الذي طرحته امريكا الآن؟
– امريكا صرفت الغالي والنفيس لحل هذا الموضوع.. امريكا اكبر ممول حتى الآن لدارفور.
* نحن نتحدث عن طرح للحل في مجمل الحوار الأمريكي السوداني؟
– نحن نتمسك بالقضيتين؛ دارفور وتطبيق بروتوكول ابيي، وهذا ليس مفاجئاً.. اي شخص في السودان يعلم الطرح الأمريكي للقضية.. تطبيق اتفاق السلام الشامل وإحداث تقدم ملموس في دارفور لم يحدث فيه جديد، وهذان هما العمودان لإحداث تحسن ملموس في العلاقات الأمريكية السودانية.
* ولكن هذا هو ذات الطرح المقدم في مفاوضات روما وهو ما دفع إلى حدوث انفراج نسبي في بعض القضايا العالقة مما نجم عنه فك احتجاز سودانيين في غوانتانامو ثم تسوية قضيتي السفارة السودانية في واشنطن وفك احتجاز الحاويات الأمريكية.. اذن ما الجديد على مستوى التعقيدات التي تتحدث عنها؟
– انا لا ارغب بالدخول في حديث حول تفصيلات دقيقة لهذه التعقيدات.. لكن اقول توجد تعقيدات.. فالوضع الآن حساس ولن ادلي فيه بتفصيلات لكن توجد عدة عراقيل تحتاج إلى عدة مراحل اساسية لتخطي العقبات.. كل ما يمكن ان اقوله هو هل يمكن احداث تقدم ملموس على الأرض في دارفور.
* لكن الحكومة كررت كثيراً إخلاء مسؤوليتها من مثل هذه العراقيل، فهي حتى اللحظة تقول انها مع الحوار ولا مانع لديها في اي إجراءات للتوصل إلى حل لمشكلة دارفور، بل ان مشكلة ابيي نفسها في طريقها إلى التسوية باتفاق الشريكين في الحكم؟
– جيد.. نحن نؤيد ذلك.
* اذن، اين المشكلة؟
– انا لا اريد ان انتقد طرفا أو طرفين، المطلوب ليس اتهامات من طرف لآخر. انت تعرفين ان لدينا تاريخا طويلا من الاتهامات ضد السودان أو ضد الحكومة السودانية او ضد المؤتمر الوطني أو الحركة الشعبية.
* لكن الا تعتقد ان هذه الاتهامات هي جزء من تعقيدات المشكلة؟
– ايضاً هناك اتهامات من السودان ضد امريكا وغير جيدة لكن انا لا اريد ان اركز على الماضي، انا اهتم بالحاضر وبكيفية ايجاد حلول لهذه التعقيدات القائمة الآن.
* وأنت ترغب في عدم الحديث عن الماضي وعلى خلفية تعليق الحوار بعد آخر اجتماع مشترك هل نعتبر نقطة حوار روما من الماضي؟
– لا اعتقد ذلك. فحسن النية الأمريكي موجود مثلما اعتقد ان حسن النية متوفر لدى مسؤولين حكوميين في السودان، ولكن ايضاً العراقيل موجودة وما زال التحدي قائما.
* لمن تحمل مسؤولية هذا التحدي؟
– المسؤولية بلا شك على الطرفين.. ومن الضروري ان يترجم الطرفان النية إلى واقع ملموس.. هذه هي طبيعة التحدي.
* هل هناك بوادر اتفاق لاستئناف الحوار؟ ام ان التعليق إلى اجل غير مسمى؟
– لا اريد ان اتحدث عن الأمر في هذه المرحلة، لكن اعتقد انه توجد بعض الأفكار وبعض المبادرات وبعض المحاولات في الأسابيع القادمة.. ولكن لا أريد التعرض بالحديث عنها الآن.
* رشحت بعض الأنباء عن زيارة مرتقبة للرئيس الأمريكي بوش إلى السودان في ختام عهده الآن؟
– ليست لدي اي معلومات رسمية عن هذا الموضوع.
* بالرجوع إلى الرؤية الأمريكية حول الحركات المسلحة في دارفور وعراقيل جهود السلام.. هل يوجد تصور واضح على خلفية احداث أم درمان الأخيرة من قبل حركة العدل والمساواة؟
– تعلمون ان الوضع في دارفور معقد جداً ونحن نعترف ان هناك مواقف وعملا سلبيا من بعض الحركات مثل الهجمة الأخيرة على مدينة ام درمان الشهر الماضي، وهناك عدة اشياء اخرى لدينا تجاهها ملاحظات.. مثلما لدينا ملاحظات سلبية على الحكومة مثل الهجمة التي حدثت في فبراير الماضي على بعض القرى غرب دارفور، مما زاد من اعداد النازحين وهذا سلوك سلبي يزيد من تعقيدات المشكلة وهو سلوك سلبي من الحركات المسلحة وأحياناً ايضاً من الحكومة السودانية، وفي ذات الوقت يوجد تحدٍّ للمجتمع الدولي من خلال تشجيع الحل الحقيقي في دارفور، والحل الحقيقي في دارفور ليست بالحرب ولا بالضغط وإنما بالأساس هو حل سياسي عن طريق المفاوضات وهو الحل الوحيد.
* لكن الحكومة السودانية لم تتوقف عن طريق الحوار للحل السلمي الذي تتحدث عنه؟
– هذا كلام جميل.. لكن الكلام لا ثمن له فهو ارخص الأشياء نحتاج إلى الفعل.. توجد مشكلة مليوني نازح.
* لكن الا ترى ان هذه الجزئية تقع مسؤوليتها بشكل أكبر على المجتمع الدولي في تقاعسه عن التزاماته المالية؟
– انا استغرب لطرح مثل هذا السؤال، ليس لزاماً على امريكا ان تنفق لحل هذه المشكلة.
* امريكا هي التي تمسك بخيوط هذا المجتمع الدولي؟
– لكن هناك اتفاق اسمه اتفاق سلام دارفور والمجتمع الدولي التزم بتطبيق اتفاق دارفور.. وهو حتى الآن غير مطبق بنسبة (90%)، وأنا انادي بأن تقوم امريكا والمجتمع الدولي بتقديم دعم اكبر لتحسين الوضع في دارفور، ولكن في النهاية المسؤولية الكبيرة عن الوضع تقع على الحكومة السودانية لا امريكا ولا المجتمع الدولي.
* ولا الحركات المسلحة؟
– انا اوفقك. لكن هل للحكومة السودانية السيادة على دارفور ام لا؟.. وهل لها السيادة على المعسكرات ام لا؟.
* وأين (يونميد)؟
– يعني.. ببطء شديد ولأسباب مختلفة وهي اسباب لها علاقة بالحكومة السودانية.. وأنا اعتقد ان الحل هو حل مشترك مثلما اللوم لوم مشترك، وأحياناً اسمع من الإخوة في السودان لوم كبير على الأمريكان، فماذا تفعل امريكا اكثر مما فعلت؟.
* هل لدى الولايات المتحدة اي ملاحظات على دول الجوار من حيث دعم الحركات المسلحة؟
– يوجد ضغط امريكي وأيضاً حوار امريكي مع الدول التي نعتقد ان لها دور في زيادة العنف وزيادة القتل وزيادة المعارك الدائرة في دارفور، ونحن نرى ان ذلك ليس في مصلحة الأوضاع الإنسانية وليس في مصلحة المدنيين وأمريكا ضد ذلك.. نحن ضد زيادة العنف في دارفور وضد تأييد العنف في تشاد وضد العنف في ام درمان وأبيي.
* هل يمكن ان تسمي دولا اخرى بخلاف تشاد تضغطون عليها؟
– لا أريد ان اعطي تفصيلات، لكن كان هناك ضغط امريكي على كل الأطراف التي نعتقد ان لها علاقة ما بمأساة دارفور.
* هل ستقود امريكا مباحثات مع الدول التي لم تشر إليها انت بوضوح لإيجاد حلول للمشكلة؟
– لا أود الخوض في التفاصيل لكن اقول هناك ضغط امريكي وتوجد اتصالات.. فمثلما يوجد ضغط على السودان نضغط على دول الجوار.
* غير ان الضغط على الحكومة السودانية هو الأشد حتى الآن خاصة وأنتم تلوحون بالمزيد من العقوبات؟
– انا أعتقد ان هناك تناقضا شديدا.. انتم تتحدثون عن الضغوط الاقتصادية، وأنا اسمع من مسؤولين سودانيين يتحدثون عن تحسن الأوضاع الاقتصادية.. يقولون لنا نحن مرتاحون.. اوضاعنا الاقتصادية ممتازة، وكل شئ تمام في السودان… نحن (مبسوطين) مع الصين..
* نحن نبحث عن توازن في العلاقات.. ومصالح مشتركة
– على الرغم من المشاكل فإن وضع العلاقات الآن بين امريكا والسودان نسبياً… نسبياً اقل من السئ.. انتقلنا في العلاقات من الأسوأ إلى السئ ولا تزال هناك معوقات.
* الا ترى انكم جزء من هذا البطء، خاصة ان السودان وباعترافكم تعاون في مجال مكافحة الإرهاب غير ان اسمه لا زال ضمن اللائحة؟
– طبعاً هذا جزء من التعاون الثنائي، ونحن نحترم هذا التعاون وهو تعاون في مصلحة الدولتين وأمنهما.. لكن هناك ابعاد سياسية وأبعاد انسانية في مجمل التعقيدات القائمة، ومن المستحيل ان نحكي عن العلاقات السودانية الأمريكية دون النظر إلى كافة الأبعاد ولنشاهد الصورة الكاملة هناك ايجابيات وأيضاً سلبيات.
* ما تعليقكم على حظر الشركات الأمريكية من العمل في دارفور؟
– انا لم اسمع بهذا القرار.. لكن انا استغرب.. المال الأمريكي مقبول ولكن الشركات الأمريكية غير مقبولة!! الآن (26%) من تكاليف (يونميد) في دارفور و(26%) من تكاليف (يونيمس) في الجنوب تأتي من امريكا سنوياً، بالإضافة إلى بليون دولار سنوياً تدفعها امريكا للمساعدات الإنسانية والتنموية للسودان.. هناك موجة من المال الأمريكي فأكبر مساعدة امريكية للقارة الأفريقية تذهب للسودان.. وأنتم لا ترفضون ولا قرشا من المال والمساعدة الأمريكية.
* لكن هذه الأموال لا تدخل في مساعدة الاقتصاد السوداني ودعمه.. انتم تعلمون اين تذهب؟
– هل تعتقدون اننا ندفع رحمة ومساعدة من الشعب الأمريكي هذا ليست بطاطا ولا شعيرا.. نحن ندعم مليوني مواطن سوداني لأن الحكومة غير قادرة ان تساعدهم.. والحقيقة ان تلك المساعدات من المواطن الأمريكي.. انا اعتقد انها لا تجد التقدير الكافي من السودان.. شكراً امريكا على مدة 30 سنة مساعدات منذ أيام الجفاف وحتى اليوم.
* شكراً لأمريكا التي تضغط علينا اقتصادياً؟
– يوجد الملايين من السودانيين يعيشون اليوم بسبب التضامن الأمريكي مع السودان.
* هل هذا مبرر لكل الضغوط الأمريكية؟
– هناك فرق بين الضغط والتضامن.. الضغط السياسي شئ مقبول.. لكن التضامن والمساعدات تستوجب الاعتراف.[/ALIGN] صحيفة السوداني