قير تور

الأخلاق أساس القانون


[ALIGN=CENTER]الأخلاق أساس القانون [/ALIGN] [ALIGN=JUSTIFY]أي قانون يسود في اي مكان من العالم ستجده محكوما بأخلاق الموجودين هناك، سواء ساد العدل أم إنتشر الظلم فليس القانون شخصية حية في ذاته ما لم يكن هناك من ينفذه بالطريقة التي يظهر بها.
موضوع اليوم لا ينفصل عما تناولناه يوم الخميس الماضي، في هذا الباب بتاريخ 12 مارس 2009 م،ولأن ما تحدثنا عنه وجدنا له الصدى الواقعي الذي يعيشه الناس في ظل تردي مشهود يومياً على قيم كنا نفاخر بها وأخلاق حميدة كنا نتماز بها لكنها صارت تتوارى إلى الخلف في الوقت الراهن وكل ما تقدم الزمن وجدنا أشياء جديدة كانت تعتبر محرمات في السابق وكذلك فالمكان صار له كبير الأثر في كل جديد يظهر.
إن كنا تساءلنا في الحلقة الماضية عن غياب قيم في الوقت الراهن وصرنا نخاف القانون أكثر من تمسكنا بالأخلاق، فهذه كلها لا تنفصل عن واقع صار فيه القانون نفسه موضوعا على رف بعيد عن الأخلاق الحميدة أو السيئة. الحالتان مهمتان جداً فالمجتمع الذي تسوده روح التسامح والترفع عن الصغائر ستجد فيه من يقوم بالمساعدة على تطبيق القانون…. نكرر المساعدة على تطبيق القانون وليس تطبيق القانون…أيضاً لا يحيد عن مجتمعه أو عما يسود أغلب افراد مجتمعه.
سؤال بسيط قد يكون بعيدا عن الموضوع في النظرة الأولى: كم منكم تعرض لسؤال مستفز يتقدم به أحد افراد جهة نظامية عندنا عندما يقول لك (الملابس دي انا جايباها من بيتنا؟) وعليه فمثل الذين يسالونك مثل هذا السؤال غالباً ما تجد نفسك أنت المدان وفي أبسط الحالات ستجد نفسك قد تمت إدانتك تحت المادة (90) من القانون الجنائي السوداني وليس لك حق المناقشة لأن ذاك قد حلف القسم والقاضي يصدقه…. والسؤال هنا هل هذا خطأ القانون أم خطأ الفرد الذي غاب عن الأخلاق الحميدة. وفي مثل هذه الحالات ستقول بأن القانون غائب وليست هناك عدالة لأنك تشعر بغبن شديد ولا تستطيع رد الظلم عن نفسك وفي الحقيقة ليس هناك غياب قانون أو عدالة إنما غياب الأخلاق الحميدة عن ضمير من إلتقيته هو الذي غيب القانون.
لدي قناعة تامة بعدم وجود قاضي أو حاكم ظالم ظلما مطلقا دون أن يكون في نفسه شئ من الإنسانية والإنصاف، وإذا إفترضنا وجوده فهو نادر، لكن يوجد من يساعدون على الظلم وهؤلاء هم السبب الحقيقي في الظلم الذي يشعر به بعض الناس فالذين يصوغون البينات هم المسؤولون عن الحقائق التي يتوصل إليها القضاة والحكام.
خصصت القاضي والحاكم لأنهما لا يتعاملان مباشرة مع الجماهير والشعب، إنما هما دائماً يحكمان بما يأتي إليهما من تقارير وتحقيقات وبينات جمعها أفراد آخرون وُضَع فيهم الثقة فيستغلون هذه الثقة لتحقيق أغراضهم الخاصة وفي النهاية يكون القاضي أو الحاكم هو الضحية الذي نرميه باغلظ العبارات.
قد يقول البعض بأن القانون يأتي لتهذيب الأخلاق، فاقول بأن المجتمعات تقاس قوانينها بأخلاق ابنائها. مثلاً زعيم العصابة قانونه النهب والقتل حسب الأخلاق السائدة في بيئته وإلا ما عاد له وجود.[/ALIGN]

لويل كودو – السوداني-العدد رقم 1198- 2009-3-14