هيثم صديق

هنا لندن


[JUSTIFY]
هنا لندن

حينما كان جل السودانيين يتابعون إذاعة البي بي سي ويتحلقون حول الراديو في انتظار نشراتها وبرامجها لم تذكر لندن بكثافة ما أطلق اسمها فتى سودانياً عاش فيها ردحاً من الزمان، وجاء ليعمل مديراً لإحدى القنوات الوليدة يدعى خالد الإعيسر.

كاد الفتى أن يمد يده خارج الشاشة في أيام سابقة ليبوسها الشعب السوداني إجلالاً وإكباراً، كما يفعل المريد مع المراد.

ولا يزال ينفخ أوداجه ويزين هودجه وهو يركب ناقة البسوس.

ناقة البسوس كانت لامرأة تدعى البسوس، وكانت ناقتها هزيلة وجرباء، إلا أنها كانت تعطرها بادعاء أنها بقية من سلالة ناقة النبي صالح، ولا زالت محل إكبار حتى عقرها كليب، فقتل جساس كليباً ثأراً للناقة، واندلعت حرب البسوس الشهيرة.

لم نر سودانياً يملك كل هذا الادعاء والكبر، والآن بخلاف هذا الرجل حتى إن الراحل الكبير وأحد ملوك الأدب في الدنيا الطيب صالح كان متواضعاً ولندن تتباهى به، لا العكس، فقل إنه لا يساوي شيئاً أمام رجال منسيين في رمال الشمال يعرفون أكثر مما يعرف ويصيغون الحكايات بأسلوب يفوق ما يملك.

جاء الفتى متورم الذات إلى السودان، فملأ الدنيا عويلا وهجيجا فأوحى لمخدوعين أنه المنقذ القادم للإعلام، وأن ما يكتب جهل، وما يقال غثاء، وما يذاع سقط متاع.

فإذا ما فشل مرة وأختها اهتاش، وحول منبراً عاما إلى ضيعة خاصة، وعلق كل مخازيه على الرؤوس، رأينا بالونته التي حلقت بالادعاء وهي تعلق في شوك، ثم رأيناها تصدر صفير أنبوبة (مطرشقة) قبل أن تتناقص وتعود بلاستيك.. مسكين كما كان أبداً.

لم يترك الرجل جهة ولا فردا ولا قيمة إلا أرسل إليها رذاذاً من لعاب المنفعل.

هنيئاً لك لندن أيها الوطني الغيور، وستبقى النيلين من بعدك كما كانت من قبلك.

هذا إن قدرت على الفطام

وابتعدت

[/JUSTIFY]

هتش – صحيفة اليوم التالي