عبد الجليل سليمان

حجي جابر.. كيف الحال


[JUSTIFY]
حجي جابر.. كيف الحال

قبل أن التقط بالكاد أول أنفاسي الحُرة خارج (قسمة) روتين العمل اليومي القاتل، رنّ هاتفي، فإذا بالزميل الأسباط يدعوني لجلسة قهوة وشاي و(ثرثرة) حميمة، رفقة محمد مدني (الشاعر الفذ)، وفي ظلال (نيم) أسوار ملاعب كمبوني ناحية الجنوب- فقلت أنهض (أسوق خطواتي) إلى حيث هما و(هن).

وهناك كان هاتف الأسباط يرن ليتحدثا قليلا (مدني وحجي جابر)، ثم نقرر زيارته في فندق كورنثيا نسابق الوقت إذ هناك ساعتان فقط- ويعتذر الأسباط (من أجل الديسك)، وعلى متن سيارة اليوم التالي يقود عمار بمهارة إلى بهو (كورنثيا).

وفي البهو، مجذوب عيدروس وعبد الله شابو، أول من نقع عليهما، كانا ينتبذان مكاناً قصيا يتجاذبان بصوت خفيض أطرافاً من (الدردشة)، وربما أطيافاً من هموم الثقافة والإبداع في بلادنا، حييناهما (مدني وأنا)، واتخذنا مكاناً قريباً منهما ريثما يطل علينا (حجي جابر)، وما إن طل حتى انضما إلينا ولحقهما (بشرى الفاضل) ثم (تهاني عباس) ثم آخرون بينهم (عادل كلر، محمد إسماعيل) و(زهير) كان ينتظر في الخارج.

أول مرة أتعرف على (حجي) كان أن حدثني عنه أستاذي العظيم (فيصل محمد صالح)، حدثني عن ورايته (سمراويت)، لكنني للأسف لم أحصل عليها، إلى اللحظة، فدأبت من لحظتئذٍ على تتبع مسار (حجي) الإبداعي، وطلبت صداقته على (فيس بوك) فاستجاب من فوره، ودردشنا أكثر من مرة، فطلبت منه أن يبعث لي بروايتيه (سمروايت، ومرسى فاطمة) التي أعكف عليها الآن (تحت توقيعه).

وما إن قابلته، حتى شعرت أنني أعرفه منذ زمن ضارب في الزرقة والارتحال كما يقول حبيبنا الذي في كندا- عبد القادر حكيم، تحدثنا وحكينا، وقع على نسخ من (مرسى فاطمة) أهداها إلينا، والتقطنا صوراً تذكارية، ثم انصرف هو إلى فعاليات المهرجان، ونحن كل إلى شأنه.

ثمة أمور لحظتها خلال لقائنا الخاطف، أمور مثل تلك الحميمية والود البالغين اللذين غمرنا بهما، أمور مثل تلك القدرة الفذه على (الحكي) باللهجة الجدواية (الحجازية)، ومثل حركة تلك العينين الذكيتين، وذاك الغمر الملائكي بالمحبة الذي يجتاحهما، غمر كموج البحر (أرخى سدوله) على جلستنا الموقوتة بساعة أو تزيد قليلاً.

حملت (مرسى فاطمة) كتميمة، ورغم الرهق والتعب الشديدين الذين كنت أشعر بهما، داهمته صفحاتها قبل أن يدهم ظهري الموجوع متن السرير، ويا لها من متعة أن تمضي بك الحكايات الساحرة من لدن (سلمى) وطيفها الذي يسري في مفاصل الرواية كلها فيحليها هشيماً مرة، وسديماً مرات، إنها رواية تدين السائد، تدين المفاهيم والعنف والتسلط والجبروت وتدين الحب المجاني، و ترتفع بالإنسانية.

لقد خسفتني قبل أن تختطفني، ولم أكملها بعد. ثم، كيف الحال يا حجي جابر؟!

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي