ضياء الدين بلال

الحرب في الجنوب (صورة عن قرب)


[JUSTIFY]
الحرب في الجنوب (صورة عن قرب)

جلسة بأحد الفنادق بالخرطوم.. الراوي القادم قبل ثلاثة أيام من ملكال، كان يروي قصصاً من العنف والفظاعات لا تخطر ببال بشر.

لا شخص آمن من الرصاص، ولا مكان بعيد من أظافر الحرب، حتى المرضى في المستشفيات كانوا هدفاً سهلاً المنال للقتل والاغتصاب.

جثث الموتى على الطرقات، لا أحد يحميها من مناقير الطيور، وأكثر الجثث احتوتها المقابر الجماعية (10×10) أمتار، القتل على الهوية القبلية، يعرفون بعضهم ولو في الظلام، الجار يقتل جاره والزوج يقتل زوجته، والمليشيات تفتح نيرانها على الجميع.
محدثنا الذي كان يدق بسبابته تربيزة الرخام، قال إنه خلال ثلاثة أيام فقد تسعة من أفراد أسرته الصغيرة. الرجل صاحب مقام سياسي في دولة الجنوب، ويعرف الكثير من التفاصيل، ولديه كثير من المعلومات التي توفر له خلاصات تحليلية واضحة.

لأهمية الحديث، سأذكر لكم بعضاً مما أدلى به في تلك الجلسة المسائية من معلومات وتحليلات، يُؤخذ منها ويُردّ ويُظنّ:
*الحرب متقلبة الأطوار. اليوم لمصلحة مشار، وغداً لصالح سلفا كير.
* في هذه الأيام الغلبة لمشار: سيطر على ملكال وهدد بور، واتجه إلى حقل فلج، أكبر حقول البترول وأكثرها أهمية.
*سلفا كير يملك الأسلحة الثقيلة، ومشار يمتلك قوات مشاة ذات حماسة عالية في القتال، ويسعى للسيطرة على ملكال وبور، لاستقطاب مزيد من المقاتلين من المناطق المجاورة للمدينتين.
* لولا اليوغنديون لكان سلفا كير قابلاً للسقوط. موسفيني بعد زيارته السرية لمواقع العمليات بدولة الجنوب، بدأ يفكر في الانسحاب. تكاثفت عليه الضغوط الدولية وتآكلت الدولارات التي سحبها من بنوك جوبا، وارتفعت نسبة الخسائر وسط قواته.
*الجبهة الثورية انحازت لسلفاكير بضغط من يوغندا، وحصلت على (300) سيارة لاندكروزر، (200) منها تم استيرادها عبر رجل أعمال سوداني معروف، و(100) عبر وسيط كيني.
* مليشيات الشلك التي كانت على الحياد، بدأت في الانحياز إلى سلفا كير، وحينما احتلّت قوات مشار ملكال، انسحبت مليشيات الشلك للمنطقة الشرقية.
* الاستوائيون بقيادة جيمس واني ايقا، كانوا الأقرب لسلفا كير، ولكن في الفترة الأخيرة خبا صوتهم وأصبحوا أقرب للحياد، مواقفهم تتغير مع تقلبات ميزان القوة.
* أبناء أبيي رغم صلاتهم القبلية بسلفاكير، لكنهم أقرب لمشار سياسياً، رغم حيادهم العسكري.
*كينيا وإثيوبيا قلقتان من الوجود اليوغندي في دولة الجنوب، وهما أقرب لتبني مجموعة الخيار الثالث، التي يقودها دينق ألور ومانيبي وجون لوك ومجموعة باقان المحتجزة في مباني جهاز الأمن في جوبا.
* المجموعة الثالثة نأت بنفسها عن الحرب، واحتفظت بموقفها المعارض لسلفا كير، وهي الأقرب لأن تصبح بديلاً للطرفين في حال انتهاء الحرب عبر تدخل دولي أو إقليمي.
* السودان أكبر دولة في الإقليم، قادرة على تغيير موازين القوة في الجنوب، لمصلحة أحد الطرفين، بحكم الجغرافيا وعوامل أخرى.
* السودان لا يزال على الحياد -في الظاهر- ولكن مع استمرار الحرب، سيصعب عليه البقاء طويلاً في هذا المقام، وسيجد نفسه مضطراً للانحياز لطرف وفق حسابات المصالح والمخاوف.
[/JUSTIFY]

العين الثالثة – ضياء الدين بلال
صحيفة السوداني