ضياء الدين بلال

خبر فاطمة


[JUSTIFY]
خبر فاطمة

بغض النظر عن نفيه أوتأكيده، عزمت على الكتابة عن خبر إيداع القيادية بالحزب الشيوعي الأستاذة/ فاطمة أحمد إبراهيم في إحدى دور العجزة والمسنين بلندن.

كلفت الزميل النابه /خالد أحمد بإعداد تقرير صحفي عن الخبر، بعد ساعات من التكليف سألت خالد عن المعلومات التي توفرت لديه، أخبرني أنه اتصل على الدكتور صديق كبلو مسؤول الحزب الشيوعي ببريطانيا ونفى له جازماً صحة ما ورد، وأن الأستاذة فاطمة لا تزال في شقتها بعاصمة الضباب.

بكل تأكيد جهات عديدة تجد نفسها متضررة-معنوياً- من نشر الخبر بتلك الطريقة التي ربطت بين الإيداع في دار العجزة والموقف السياسي لفاطمة داخل الحزب.

ومن الطبيعي أن يكون أكثر الذين تأذوا من الخبر أفراد أسرتها الممتدة في السودان وخارجه ومن لهم قرابة عائلية بالأسرة.

وبمعرفتي الشخصية بالأستاذين/ مصطفى أبو العزائم رئيس التحرير وعبد العظيم صالح مدير التحرير بالزميلة (أخر لحظة) أرجح عدم وجود كيد سياسي أوغمز اجتماعي بنشر الخبر بتلك الطريقة.

ربما تسرب الخبر عبر منافذ ومسارب الغفلة وهي في العادة تعبر منها مثل هذه الأخبار، وفي العرف والمعروف تلجأ الصحف في اليوم التالي للتصحيح والاعتذار.

ما لفت نظري من خلال تتبع ردود الأفعال المترتبة على نشر الخبر وجود حساسية مفرطة من هذه الدور المخصصة للعجزة والمسنين.

دور العجزة والمسنين في المخيلة الاجتماعية السودانية مرتبطة بالمشردين وباعتبارها تجسيد درامي لعقوق الأبناء ومؤشر للتفكك الأسري لذا يعد الالتحاق بها وصمة اجتماعية تلحق بالأسر وامتداداتها.

التجربة السودانية البائسة في التعامل مع العجزة والمسنين عبر الزج بهم في دور تفتقد لأبسط متطلبات الكرامة الإنسانية رسخت الصورة الذهنية السالبة المتصورة عن دور المسنين في كل مكان.

في أغلب دول العالم وحتى في الدول القريبة (مصر والسعودية) توجد دور للمسنين تتوفر فيها كل احتياجاتهم الضرورية والترفيهية مع عناية صحية فائقة، يتم الترويج لها في الفضائيات ومواقع الشبكة العنكبوتية.

من المهم التعامل مع فكرة وجود دور للمسنين تراعي متطلباتهم الخاصة وتوفر لهم معايشة ومؤانسة من هم في جيلهم (السن بضاحك نديدا)، أمر إيجابي فيه إكرام للمسن وليس فيه انتقاص لحقوق الوالدين، وهو في الغالب يأتي من باب الاضطرار الملح والضرورة القصوى.

كثير من المعمرين لا يجدون الرعاية الضرورية في منازل أبنائهم ويتم التعامل معهم كسقط المتاع، يجدون أنفسهم خارج شبكة التواصل المنزلي، لا يتعدى التعامل معهم توفير المأكل والملبس والعلاج وطلب البركة والدعوات.

الابن في عمله ومشغولياته والأم قد تكون في عملها والتزاماتها المنزلية والأحفاد في مدارسهم وملاعبهم، فيصاب المسن بالاكتئاب والرغبة في الانسحاب من الحياة أو قد يبحث عن تأكيد وجوده عبر أساليب احتجاجية متعددة.

الوضع يصبح أكثر تعقيداً إذا أصيب المسن بالزهايمر وأصبح في حاجة لعناية خاصة تشتمل على جوانب علاجية ونفسية مثل برامج تنشيط الذاكرة.

لا توجد أسباب منطقية للاشتباه الاجتماعي في دور العجزة والمسنين، لماذا لا يتم التعامل معها مثل رياض ودور حضانة الأطفال.

لم يكن مقبولاً في السابق أن تودع امراة طفلها الرضيع لأكثر من عشر ساعات لدى جهة ليست ذات قربى وذلك لدواعي التوفيق بين متطلبات العمل ووأجب البيت.

لماذا لا تشجع الدولة القطاع الخاص لإنشاء دور للمسنين توفر لهم الرعاية والترفيه وكل احتياجاتهم الضرورية لفترات زمنية محددة وفي حالات السفر أو كل ما يجعل أفراد الأسرة غير قادرين-لأسباب عديدة- على توفير العناية اللازمة للمسن.

وعلى الدولة قبل أن تشرع في ذلك أن تبتدر حملة لتأهيل وترقية الدور الموجودة وتفتح باباً واسعاً للمساهمات العامة وستجد من المجتمع ما يسرها.

[/JUSTIFY]

العين الثالثة – ضياء الدين بلال
صحيفة السوداني