عبد اللطيف البوني

شدّ اللجام


[JUSTIFY]
شدّ اللجام

إن كان الترحال سمة من سمات الحياة الرعوية إلا أن هناك أناس جبلوا على الترحال بدون بهائم وهم الحلب فهؤلاء يتنقلون بحميرهم التي يحملون عليها عدة شغلهم فهم في الأصل حدادين ولكنهم في هذه الأيام أصبحوا يترحلون بالبكاسي القديمة المكعكعة التي تسير بالحد الأدنى من المتطلبات وآخر مرة شاهدت فيها حلب يركبون بوكسي استخدم السائق كوم تراب أمامه كفرامل. هؤلاء الحلب كان مجيئهم في قريتنا في ستينات القرن الماضي موسما لإصلاح الأواني الحديدية وتجديدها وموسم للشحدة حيث تطوف نساؤهم على البيوت وموسم لاستبدال وشراء الحمير وأذكر ذات مرة أن عمنا بابكر أحضر حماره لكي يغيره وركب عليه صبي من الحلب اسمه عبيد ليجربه وظهر الحمار في سرعته بمظهر غير طيب فصاح فيه عمنا (شد اللجام ياعبيد) فالتقط القفاز كبير الحلب قائلا (شد اللجام ياعبيد ,, صلاة النبي ,, انزل ياولد مش عاوزين).
تذكرت هذه القصة التي مر عليها أكثر من نصف قرن؛ عندما قرأت قول ياسر عرمان إن المؤتمر الوطني (رخى اللجام شوية) وهو يشير للدعوة للحوار التي ظهرت وتنامت في الآونة الأخيرة ووصلت قمتها في خطاب السيد رئيس الجمهورية في (الليلة ديك) التي حدد أو بالأحرى اقترح فيها أربعة محاور للحوار كما أن أدبيات المؤتمر أصبحت تضج بمفردات مثل الوفاق والإجماع والدستور المتفق عليه والذي منه وفي تقدير الكثيرين أن انفضاض محادثات أديس أببا الأخيرة بين الحكومة وقطاع الشمال الى غير رجعة سوف تدفع من عملية الحوار الداخلي أي بين الحكومة والمعارضة السياسية السلمية.
الأستاذ تاج السر محمد صالح القطب الاتحادي قال في حلقة حتى تكتمل الصورة الأخيرة وهذه لنا معها عودة غدا إن شاء الله قال إنهم يفهمون أن الدعوة للحوار جاءت من رئيس الجمهورية وليس من الحزب الحاكم وبالتالي فإن الأحزاب كلها بما فيها المؤتمر الوطني سوف تجلس للحوار على قدم المساواة وبهذا يكون تاج السر قد افترض قومية منصب رئيس الجمهورية وبعده عن المؤثرات الحزبية أها طيب يامولانا تاج السر هاهو السيد رئيس الجمهورية في ليلة الخميس الأخيرة ومن بورتسودان يطلق عددا من اللاءات وهي لا لتصفية الإنقاذ ولا للحكومة القومية ولا لتأجيل الانتخابات وبتعبير السيد رئيس الجمهورية المافيهات الثلاثة (تصفية للإنقاذ مافي، تأجيل للانتخابات مافي، حكومة قومية مافي).
إن كان هناك إصرار على الحوار من كافة الفصائل المكونة للنسيج السياسي فإن مرحلة ما قبل التفاوض دائما يكون فيها رفع السقوفات ففي مقابل ما قاله السيد رئيس الجمهورية نجد تحالف المعارضة يشترط وقف الحرب وإطلاق كافة الحريات من تعبير وتنظيم وإطلاق سراح كافة المعتقلين والمسجونين وبالمجمل كدا إلغاء كافة القوانين المقيدة للحريات بينما أحزاب الوسط من أمة وشعبي واتحادي لم تشترط شروطا محددة قبل الحوار ولكن رأيها واضح فيما يجب أن يتمخض عنه الحوار فهي ترى أن المطلوبات مكانها طاولة الحوار أي يجب أن نفكر في كيفية عبور الجسر عندما نصله كما يقول الفرنجة بمعنى أن وضع اللجام يتم تكييفه شدا أو ارتخاء يجب تحديده بعد وضع الأرجل في الكبري.
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]