زهير السراج

وراق والباز .. فى الحشا والضمير


[ALIGN=CENTER]وراق والباز .. فى الحشا والضمير !![/ALIGN] منذ أول أمس يقبع الزميلان عادل الباز والحاج وراق فى غرفة بمركز شرطة الخرطوم شمال ، تمهيدا لترحيلهما الى السجن ، لعدم سداد مبلغ التعويض الذى حكمت به عليهما محكمة الصحافة لصالح ( الدكتور لام أكول وشخص اخر) كان الاستاذ وراق قد انتقدهما فى مقال بجريدة ( الصحافة ) الغراء عندما كان يعمل بها وكان الاستاذ عادل رئيس تحريرها ، ففتحا بلاغا بنيابة الصحافة ، وكان ما كان من امر المحاكمة وصدور احكام بالغرامة والتعويض ضد الزميلين وجريدة ( الصحافة ) ، ثم السجن للزميلين بعد اصرار الشاكيين على عدم التنازل عن مبلغ التعويض !!
لا اريد الحديث عن الحكم الذى صدر ضد الزميلين ، فلمثل هذا الحديث خبراؤه وكتابه الكثيرون مثل استاذنا الجليل نبيل اديب الذى تتشرف صحيفتنا بنشر مقالاته التى هى بمثابة دروس فى القانون لا غنى عنها لاى قانونى او صحفى او اى شخص اخر ، كما لا أريد الحديث عن قانون الصحافة ، الذى تحدثنا عنه بما يكفى ، وقد بشرنا الناطق الرسمى لمجلس الوزراء الموقر السيد عمر محمد صالح قبل يومين باجازة المجلس للقانون الجديد الذى جعل اقصى عقوبة غرامة للصحفى خمسين الف جنيه ( خمسين مليون ) وهو مبلغ اكبر بكثير من اية غرامة حكمت بها محكمة على اى صحفى من قبل ، كما أبقى على سلطات المجلس القومى للصحافة فى ايقاف الصحف !!
ما أريد الحديث عنه هو مسؤليتنا الجماعية والفردية تجاه الزميلين العزيزين اللذين كان لهما دور بارز فى توسيع هامش الحرية وتقديم العون للصحفيين فى مواقف مماثلة، والتصدى بكل جرأة وشجاعة لمحاولات مصادرة الرأى مما أكسبهما احترام الجميع ، حتى المعارضين لهما فى الرأى ، علما بأنهما يختلفان حول كثير من الامور ، الا انهما ظلا على الدوام نصيرين لحرية التعبير وقضايا الحرية والديمقراطية.
لقد عملت مع عادل الباز طيلة عامين كاملين لم يحدث ان امتنع مرة واحدة فيهما عن نشر اى مقال لى ، برغم اختلافنا فى كثير من القضايا ، أما الانسان النبيل المترع بالقيم الجميلة العاشق للوطن والمهموم بالانسان السودانى ، بل بالانسان أينما وجد الاستاذ الحاج وراق ، فقد كان ولا يزال الشمعة التى تحترق لتضىء الطريق للاخرين والمنارة التى يلجأ اليها الكل للاحتماء من الغرق ، فهل مثل هذين الشخصين الكريمين النبيلين العزيزين مكانهما الغرف الموصدة والسجون ؟؟!
لابد ان نتحمل سواء على المستوى الجماعى مثل اتحاد الصحفيين والتنظيمات المهنية والسياسية ، أوعلى المستوى الفردى، مسؤوليتنا الكاملة تجاه الاستاذين وراق والباز ، وعندما نفعل ذلك ، فإننا لا نتكرم عليهما بشىء ، بل نوفى ببعض الدين الكبير الذى لهما علينا ، ونتصدى بشكل عملى ومباشر لنصرة قضايا الديمقراطية وحرية التعبير التى نحتاج اليها كلنا مهما اختلفت آراؤنا وافكارنا !! وعلينا فى الوقت نفسه ان نتحمل على الدوام مسؤوليتنا الكبرى فى تصحيح واصلاح البيئة القانونية والمهنية للمهنة النبيلة التى ننتمى إليها لتنتفع بذلك الاجيال القادمة !!
ايها الصديقان العزيزان لا أقول لكما انها (خطى كتبت علينا ) ، فقد تعلمنا منكما كيف نمشى هذه الخطى ، ولا شك انه كان بامكانكما دفع ثمن حريتكما، ولكنكما آثرتما ان تخطا على جدار الزمن درسا اخر ورسما اخر ونورا اخر ينير لنا الطريق ، فلكما كل الاحترام والتبجيل، ( وربنا يعينكم وينهى محنتكم ويقر بكم اعين أبنائكم واسركم واصدقائكم وملايين محبيكم ، وكل محنة وانتو بألف خير ) !

drzoheirali@yahoo.com
مناظير – صحيفة السوداني – العدد رقم: 1206 2009-03-22


تعليق واحد

  1. شكرا يا دكتور على هذا المقال الرائع الذى يدل على خلق عظيم وايمان كبير بالحرية ، والحمدلله الذى كتب للاستاذين وراق وعادل الخروج الى افاق الحرية وانشالله دايما منصورين وسالمين، الله يقويكم وينصركم وانتو الفضلتو لينا.