أبشر الماحي الصائم

“قطار الوالي”


[JUSTIFY]
“قطار الوالي”

*إحدى جداتنا لم تغادر القرية بعيداً، وكانت ترى ألا أمان في وسائل المواصلات إلا وسيلة القطارات، وهي تسمع من حين لآخر عن حوادث سقوط الطائرات وتصادم وانقلاب السيارات، ولو قدر لها أن تسافر لا محالة ستختار القطارات.
*وقد جاءها ذات يوم من يصدمها بحادثة قطار فظيع في إحدى المحطات نتجت عنه خسائر بشرية كبيرة، فقالت بحزن أثير.. (دي انت المتكلين على الله وعليك)!
*بعد حوادث السير الكثيرة التي سجلتها طرقاتنا البرية وتسجلها يومياً في كل الاتجاهات، رأى كثيرون أن البديل الأمثل في ظل ضيق طرقات الأسفلت يكمن في سعة أمان قطارات هيئة السكة الحديد، على أن تتوسع وتتعدد رحلاتها التي اخترعتها بين عطبرة والخرطوم ومن ثم تتمدد في كل الخطوط والاتجاهات الأخرى.
*لم تختمر هذه الأشواق بعد والتطلعات حتى جاءهم من يخبرهم بأن (القطار قد خرج عن غضبان مساره) لتتجدد هواجس جدتنا.. دا انت المعتمدين عليك!
غير أن هذا الخبر لم يثبت لا من جهة رسمية ولا من شهود عيان كان على متن ذلك القطار، مما عدة مراقبون أنه أحدى شائعات شركات النقل البري التي ترى أن تمدد القطارات يقلل من فرص نجاحها وأرباحها.
*والرأي عندي كما في جميع أنحاء الدنيا أن تسير الأمور باتجاهين، أن نذهب في توسعة وتهيئة طرقنا البرية ونقيم لها وعليها كل الاحترازات والرادارات والتحوطات التي تقلل من فرص الحوادث.
*لكن في المقابل علينا أن نذهب بقوة وفعالية كبيرتين في (إعادة تأهيل هيئة السكة الحديد)، فمن جهة أن الخطر الأكبر على المواطنين وحافلات النقل هو هذه القاطرات البرية التي لم يكن لها أن تنتشر وتستشري إلا في غياب الناقل الوطني هيئة السكة الحديد، على أن الهيئة في حالة عودتها بسعة نقل ممتازة فهي لعمري الأرخص والأضمن، ولن تستطيع أي جهة منافستها، فاضمنوا لي عودة طاغية لقطارات نقل البضائع أضمن لكم تجفيفاً هائلاً لمواعين النقل البرية، فقديماً قيل “إن البلد الما فيها تمساح يقدل فيها الورل”.
*وعن قطارات الركاب فحدث ولا حرج، وعلى رأي جدتنا هي الأكثر أماناً، فعلى الأقل إن الوسلة المعتمدة الآن في أوروبا وبين دولها ومدنها، والعالم كله الآن يتجه إلى تطوير وتحديث وتفعيل ثقافة السفر عبر القطارات المكيفة المريحة التي تسير في غضبان أكثر أماناً وتحتدم ما جئنا لقطارات الركاب في ظل تدني طرقاتنا الأسفلتية البرية، فضلاً على أن هنالك ولايات بأكملها لا تتوافر فيها خدمة الأسفلت.
*على الحكومة في هذه الحالة أن تصين وتصلح من خطوطها الحديدية في كل الاتجاهات، وإن لم تكن قادرة على استقدام قطارات عليها أن تستعين برجال القطاع الخاص لنرى يوماً قريباً قطار الوالي وقطار صلاح إدريس وود الجبل، وذلك وفق شراكة استثمارية بين الحكومة والقطاع الخاص.
*لم يكن بمقدورنا أن نتحدث عن عمليات تعافي اقتصادنا وعن نهضتنا وطفرة أمتنا السودانية بمعزل عن عودة جادة وحاسمة لهيئة السكة الحديد..
*فعلى الأقل إن القطار الواحد الذي يجره وابور واحد يستخدم الوقود، يعادل حمولة خمسين جراراً، كل واحد يملك من الوقود ويدمر من الطرقات والبيئة ما يدمر ويهلك.
*مخرج.. نحتاج إلى عقلية شاب سوداني جبارة في مقام عبقرية المهندس أسامة عبد الله التي صنعت سدي مروي وتعلية الروصيرص وستيت، لتعيد الهيئة إلى فعاليتها وتاريخها.
على أن يصبح رصيف عطبرة من جديد بأربعة قطارات في لحظة واحدة إلى بورتسودان وكريمة وحلفا والخرطوم، ويتهيأ لاستقبال أربعة، وعن قطارات النقل حدث ولا حرج.

[/JUSTIFY]

ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي