أبشر الماحي الصائم

عاصمة سبعة “هجوم”


[JUSTIFY]
عاصمة سبعة “هجوم”

*دعوني أبدأ من هناك، كانت الجريرة العظمى التي أطاحت بالوالي الأسبق الدكتور عبد الحليم المتعافي من منصة حكومة ولاية الخرطوم، كانت تتمثل في أنه لا يجيد الاحتفال بمكتسباته، على أن حزب المؤتمر الوطني الذي جاء به إلى هذا المنصب يود أن (يقرّش) هذه المكتسبات ويسيلها إلى أمواج بشرية، وكان السيد المتعافي يذهب إلى كل الجهات في ولايته إلا (دار المؤتمر الوطني) بالمقرن، الذي يفترض أنه هو رئيسه! وكان الرجل يتدثر بعباءة أن أفضل طريقة لاحتدام جماهيرية الحزب هو صناعة المزيد من الإنجازات والخدمات التي لا تحتاج إلى كرنفالات.
*ذهب السيد المتعافي وترك عشرات المشروعات التي تنقصها فقط (اللمسة الأخيرة) والاحتفالات، وأذكر يومها أني استقبلت الدكتور عبد الرحمن الخضر عند قدومه للولاية بمقال قلت فيه “إن الدكتور الخضر سيحتاج إلى عامين كاملين من الاحتفالات والافتتاحات لمشروعات المتعافي التي كانت قيد الإنجاز”..
*كان ولاة الإنقاذ في صدرها الأول لا يجدون في معظم الأحيان والأعياد ما يحتفلون به، لدرجة أن ولاية الخرطوم على مستوى الوالي قد احتفلت يوماً بإنجاز جسر متواضع إقامته على (خور شقلبان) بأم درمان!
*أسوق هذه المسوغات وأريق قارورة عطر الذكريات بين يدي إنجازات عديدة على قارعة المدن والطرقات لا تجد حتى رئيس محلية ليفتتحها أو يحتفل بها، إنجازات لو أنها كانت على عقد التسعينيات وبداية الألفية لأقامت الإنقاذ عليها محفلاً وضجيجاً، والآن يكاد لا يلتفت إليها حتى المواطنون.
*فربما أن معايير سقوفات الاحتفالات قد ارتفعت كثيراً، وأنا هنا أتحدث عن ما يشبه الثورة في عمران سفلتة الطرق وأرصفتها، فالرصفة التي أتحدث عنها ليست في الرياض أو المنشية أو نمرة اثنين وثلاثة فحسب، بل في الحاج يوسف والكلاكلات والثورات.
*وللذن يقرأون بتطرف وأجندة مسبقة، أنا لم أقل هنا إننا نعيش عصر الرفاهية وإن كل الأشياء والمسلتزمات في متناول يد الجميع، بل حتى مسلتزمات الأسر الضرورية هي كل يوم في شأن جديد بحيث أصبحت الأسعار لا تطاق والأسواق لا تحتمل.
*وهذا بيت القصيد، أن حكومة ولاية الخرطوم وفي أصعب الأوقات وأحلك الفترات لم توقف مشروعات التنمية، فعلى الأقل تنتظم كل ردهات الولاية بمحلياتها السبعة (ثورة سفلتة وتسوير وأرصفة) في كل الاتجاهات، وهذا شيء يستحق آيات التقدير والعرفان.
*بعض المهتمين يتمحورون حول أدبيات (الزول بونسو غرضو) على أن هذه الحجارة المرصوصة والأرصفة المصفوفة لا تعني لهم شيئاً ما دامت (صينية الطعام) عصية المنال!
*لكن يا جماعة الخير (أحسن ما يبقن علينا اتنين) اقتصاد منهار واسعار لا تطاق وعاصمة كئيبة حافية حاسرة مثيرة للغبار والأتربة والسخرية فربما من هنا تبدأ ثورة الانتاج والتعافي والتشافي ففي البدء كان الجمال، فالذي نفسه بغير جمال لا يرى في الوجود شيئاً جميلاً.. كن جميلاً ترى الوجود جميلاً.
*على الأقل لم يكن بمقدور الدكتور عبد الرحمن الخضر ولا بمقدور الباشمهندس صديق علي الشيخ نائب الوالي ولا السادة المعتمدين، الاحتفال بهذه الطرق المعبدة بأرصفتها وقناديلها المضيئة في قارعة المحليات، فلقد أصبح للقوم قوم لشيخ الخضر، فيما يبدو (معدلات أكبر) لثقافة الاحتفالات..
*على أية حال، كما نرجم الولاية يومياً بعشرات المقالات الناقمة يفترض في المقابل أن نحرر مقالات يتيمة في شأن هذه الثورة العمرانية التي تشتعل في طرقات الولاية ثورة لا مواكب لها ولا مهرجانات.
*إن لم تحتفل بها الولاية ولم يحفل بها المواطنون في ظل وطأة الأسعار، فمن غير الصحافة من يسطر في حقها بعض العبارات الموجبة المفيدة..
*سيدي الدكتور الخضر، تجدني مع ثقافة أن يتميز كل حراك ببصمة تخصه دون الآخرين ولو انك فقط تركت وراءك بولاية الخرطوم مدينة كاملة الأرصفة والسفلتة والتشجير لكفاك ذلك في سفر التاريخ والأجيال (عملاً صالحاً) مميزاً خالداً، وأرجو ألا تقعدكم همم بعض الذين استمرأوا رؤية الشوك فوق الورود ويعموا أن يروا الندى فوقها أكليلا..

[/JUSTIFY]

ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي