محمود الدنعو

ذكرى غزو العراق


[JUSTIFY]
ذكرى غزو العراق

تمر علينا الذكرى الحادية عشرة للغزو الأميركي على العراق ورغم أن إنزال العلم الأميركي من فوق ساريته في قد تم في الخامس عشر من ديسمبر من العام 2011 في إشارة إلى إنهاء رمزي للاحتلال الأميركي للعراق ومغادرة آخر جندي أميركي العراق بعد ذلك بثلاثة أيام، إلا أن العراق لم يتذوق طعم الاستقرار والأمن، ولم يعد العراق عراقا منذ أن اختطف على يد الرئيس الأميركي السابق جورج بوش في مثل هذه الأيام من العام 2003
وفي العشرين من مارس من العام 2003، قامت قوة مؤلفة من جيوش عدد من الدول، وهي الولايات المتحدة (248000 جندي) والمملكة المتحدة (45000 جندي) وأستراليا (2000 جندي) وبولونيا (149 جندياً)، بالإضافة إلى 36 دولة أخرى؛ بغزو العراق. وفي التاسع من أبريل أعلنت القوات الأميركية بسط سيطرتها على معظم المناطق العراقية، ونقلت وكالات الأنباء مشاهد لحشد صغير يحاول تدمير تمثال صدام حسين في وسط ساحة أمام فندق الشيراتون.
وكان المأمول حسب الترويج الأميركي للغزو أن يتحول العراق إلى واحة للديمقراطية في صحراء العرب الشمولية، وأن يكون جنة للحريات يأوي إليها كل مضهد في البلاد العربية بعد بسط الأمن والاستقرار ورغد العيش، ولكن الواقع أن الغزو الأميركي وما تلاه من أنظمة عراقية تحكم البلاد بعقلية انتقامية انتقائية وبأجندة طائفية مذهبية مقيتة وبالوكالة الإقليمية والدولية، أحالت العراق إلى دولة من القرون الوسطى، حيث ذهبت شعارات الحرية والديمقراطية أدراج الرياح، كما تبعثرت الأكاذيب الكبرى عن امتلاك العراق لأسلحة نووية وارتباطه بتنظيم القاعدة تلك الأكاذيب التي جاء الغزو الأميركي على ظهرها لتدمير العراق من أجل سببين كانا معروفين للبعض، وتأكدا بمرور الوقت من خلال ممارسات سلطات الغزو والسلطات الوطنية اللاحقة للغزو والتابعة له في آن معا، السببان اللذان يعلمهما القاصي والداني هما السيطرة على النفط العراقي وتدمير قدرات الدولة العراقية من أجل موازنات إقليمية، إسرائيل طرفا أصيلا فيها وإيران ليست بعيدة عنها.
تبقى مضاعفات حقبة الغزو وتأثيراتها السلبية واضحة من خلال أوضاع العراق الأمنية والسياسية والاقتصادية المتردية. وبحسب موقع روسيا اليوم، فقد أدى هذا الغزو إلى سقوط مئات آلاف الضحايا، بل تؤكد بعض التقديرات أنهم يتجاوزون المليون، إضافة إلى ما نتج عنه من تفكيك للنسيج الاجتماعي، وتدمير للبنى التحتية، وصولا إلى انتشار العنف الأعمى والطائفي وظهور التنظيمات المتطرفة. وبعدما تساقطت الذرائع والحجج التي سيقت لتبرير غزو العراق مع الفشل في العثور على أي أسلحة نووية أو ما شابهها، اكتفى المسؤولون الأميركيون آنذاك بالزهو من التخلص من دكتاتور، وبمهمة نشر الديمقراطية التي هي الأخرى لا تزال بعيدة المنال.

[/JUSTIFY]

العالم الآن – صحيفة اليوم التالي