أبشر الماحي الصائم

أوعى ينضحك عليكم


[JUSTIFY]
أوعى ينضحك عليكم

*تعود تراجيديا قصة حلايب المتنازع عليها بين السودان ومصر لعام 1985 أو ربما إلى ما قبل هذا التاريخ، كما انعقدت حولها جولات وتفاهمات بين الحكومات المتعاقبة بين البلدين على مدى هذا التاريخ الباهظ.
*غير أن ملف حلايب قد اصبح فيما بعد كترمويتر لقياس حالة العلاقات بين البلدين الشقيقين، فعلى الأقل قد شقيت بنا حلايب وشقينا بها كثيراً، فمن مشهد حلايب تستطيع أن تقرأ حالة العلاقة بين البلدين هبوطاً وارتفاعاً تباعداً واقتراباً.
*فارتفاع وتيرة حلايب وكثافة تغطياتها في ميديا الحبيبة مصر في هذه الايام، تعطيك قراءة حقيقية لحجم المشاعر غير النبيلة التي يكنها النظام هناك تجاه هذا الشطر من الوادي، فالفضائيات المصرية الخاصة التي يمتلكها (رجال أعمال مبارك) قد أصبحت تعبر بصورة مباشرة عن نظرة حكومة الجنرال السيسي تجاه هذا الشطر من الوادي.
*تراجعت أزمة حلايب كثيراً على أيام الرئيس الإخواني محمد مرسي الذي رأي في السودان عمقاً استراتيجياً هائلاً، بل راهن الرجل على مبدأ (صناعة غذاء) كل الأمة العربية في ظل التكامل المفترض بين دولتي وادي النيل، مصر بمكننتها وشغيلتها وخبرتها الزراعية المتراكمة، وفي المقابل السودان بالأرض والماء والرجال والاريحية، ولما قفر الجنرال السيسي إلى منصة الأحداث أوشك البلدان الاحتفال بافتتاح الطريق القاري وتدشين المشروعات الإستراتيجية.
*غير أن لثورة ثلاثين يونيو رأياً آخر، فقد انقلبت في عهدها الإستراتيجيات رأساً على عقب، لم يكتف العهد الجديد في الشقيقة مصر يجعل (جماعة الإخوان) جماعة إرهابية ، بل ذهب إلى اكثر من ذلك وهو يرفع التنسيق مع حماس وقضيتها المركزية إلى (درجة التخابر)، وقياساً على ذلك يمكنك قراءة ما لم يجرؤ الجهر به الدبلوماسيون تجاه حكومة السودان التي تنحدر من جذور فكرية اخوانية.
*لكن لا نملك إلا نقول (شكر الله المصالح) فمصر تحتاج السودان كثيراً سيما في قضية محورية حياتية هي (قضية مياه النيل) ومستقبلها في ظل سد القرن الإثيوبي، فترك الباب موارباً بين البلدين ونحن أيضاً نحتاجها اكثر.
*فثمة ملاحظة في هذا السياق، فكلما تحسن أداء البورصة المصرية وتدفقت لاعانات المليارية الخليجية إلى هناك، فكما في المقابل نشطت عمليات (تحمية ملف حلايب) وبدأ على الفضائيات زيارة مسؤولين وعمليات ترميم خدمات في المثلث المتنازع عليه.
*وعلى إثر ارتفاع الإيقاع الحلايبي في الشطر الشمالي اللواري ترتفع هنا بعض الأصوات مطالبة الحكومة بفعل شيء ذي بال في هذا الملف.
*غير أن دبلوماسيتنا التي يقودها الكادر المصقول الإستاذ كرتي قد أصبحت تمتلك حنكة هائلة وهي ترقد على عقود حصيفة بأكملها في التعامل مع هذا الملف وأنها تفتأ تفوت الفرصة على بعض الجهات التي تسعى لفتح جبهة جديدة في أسوأ توقيت ومكان.
*اطربني جداً أن لا تلفت دبلوماسيتنا إلى ذلك الهرج الفضائي على أن الحق قديم ولا يكن أخذه بوضع السيد وتصميم البرامج الهتافية، وأن العزيزة مصر تعيش مرحلة انتقالية استثنائية، ولئن أساءتنا فيها أزمان فلابد أن تسرنا أزمات والأيام حبلى بكل هو جديد ومفيد.
*(أوعى ينضحك عليكم) عبارة أخذها طازجة من فم الرئيس المحبوس محمد مرسي.. لا ولن ننجر إلى معارك جانبية نحن مع خيارات الشعب المصري ومع العلاقة الإستراتيجية التي لا تتأثر بحادثات الليالي..
*ونحن على يقين أن في المحروسة من الحكمة والمروءة وبعد النظر.. القمح والنيل والتاريخ والمستقبل.. ما يجعلنا نتسامى فوق جراحات مثلث، فالسودان كله تحت تصرف إخوتنا في جنوب الوادي.. زراعة وتداخلاً وأمناً وتدافعاً.. فالقصة بيننا أكبر من مثلث.

[/JUSTIFY]

ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي