عثمان ميرغني

إثيوبيا


[JUSTIFY]
إثيوبيا

قبل يومين صادفت رجل أعمال سودانيا نقل أعماله كلها إلى إثيوبيا منذ تسع سنوات.. سألته: لماذا؟؟ إجابته كانت مفاجئة لي تماماً.. قال لي: (العدل!)..

وكنت قبل حوالي شهر سألت زميل الدراسة الصديق هاشم علي حامد.. والمقيم في إثيوبيا منذ أكثر من (15) عاماً: ما هو سر نجاح إثيوبيا في نهضتها الحالية؟ أجابني: “الخدمة المدنية.. عندما تدخل أي مكتب حكومي.. منذ أول وهلة تحس بالاحترام والكرامة..”

رجل الأعمال سرد لي حيثيات (العدل) الذي يقصده.. قال والعهدة على الراوي- إن إثيوبيا استحدثت جهازاً فعالاً لمكافحة الفساد (Anti-corruption system).. عدة آلاف من المتعاونين السريين.. مهمتهم مراقبة كل الإجراءات الحكومية داخل دهاليز وكواليس المكاتب الحكومية.. في كل مراحل تدفقها.. فأدى ذلك إلى رفع مستوى (الشفافية).. لا شيء يمكن أن ينساب تحت الطاولة أو خلف الغرف المغلقة بعيداً عن بصر القانون واللوائح.. فكل إجراء مرصود.. وكل موظف يباشر عمله بمنتهى (الشفافية).. بإحساس كبير بالمسؤولية عن أي خطأ أو فساد قد تقع عليه الأعين السرية – لمفوضية مكافحة الفساد.. وقال لي رجل الأعمال: “العمل الذي لا يمكن إنجازه بالقانون.. لا يمكن – مهما فعلت – إنجازه بأي وسيلة أخرى”.. معنى العدالة هنا.. أن جميع الناس متساوون في أي إجراء حكومي.. ولا سبيل لإنجازه لا بالوساطة ولا بالرشوة.. ولا باستغلال النفوذ.. أو أي مدخل منحرف – آخر..

وقال لي رجل الأعمال: “في إثيوبيا.. الرشاد بيِّن والفساد بيِّن.. وليس بينهما أمور مشتبهات”.. فالفساد جريمة لا يشفع لمرتكبها وظيفته أو نفوذه أو سنده السياسي مهما كان.. موظف الدولة يخاف من القانون.. تماماً مثلما يخافه رجل الشارع العادي.. فلا أحد فوق القانون..

ولهذا قفزت إثيوبيا في السنوات الأخيرة بقوة إلى الأمام.. الزائر لأديس أبابا يلحظ كيف تتغير كل يوم.. بفضل بيئة الاستثمار الرشيدة الجاذبة.. وكثير من المستثمرين الأجانب تبهرهم سهولة وسرعة إجراءات الاستثمار في إثيوبيا..

الاستثمار لا وطن له إلا (الاستقرار والشفافية).. في أي مكان في العالم يحمل المستثمر أمواله إلى حيث تطمئن نفسه أن (القانون هو السيد).. وليس (السيد هو القانون).. ولأن الخدمة المدنية هي الماكينة التي تحرك العمل في أي دولة .. فصلاحها هو وحده الضامن للمستثمر.. لكن إذا كانت الخدمة المدنية معتلة ومسكونة بالظلام الدامس.. فلا يقترب منها إلا اثنان.. مغامر أو مقامر..!!

بكل تأكيد إثيوبيا موعودة بمزيد من الطفرات العصرية.. وقريباً جداً ستصبح المسافة الفاصلة بيننا وإثيوبيا.. نفس المسافة الفاصلة الآن.. بين الخطوط السودانية (سودانير) التي تملك طائرة واحدة فقط.. والخطوط الإثيوبية التي وصل أسطولها إلى (95) طائرة.. من أحدث الطائرات..

رغم أن الشركتين تأسستا في نفس العام (1946م)..
[/JUSTIFY]

حديث المدينة – صحيفة اليوم التالي
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]