عبد اللطيف البوني

لن تنفصل ولكن


[JUSTIFY]
لن تنفصل ولكن

في تقديري أن الذين يتحدثون عن أن تقرير المصير يمكن أن يفضي الى انفصال دارفور عن بقية جسد السودان قد جانبهم التوفيق لعدة أسباب منها أنهم اتخذوا من قصة وقضية الجنوب معيارا وسابقة فقضية الجنوب بدأت بالمطالبة بشكل من أشكال الخصوصية لأن قطار السودنة قد فات الجنوب ثم تطورت الى المطالبة بحكم ذاتي ثم فدرالي ثم كونفدرالي ولكن لعدم الاستجابة والتجاهل والركون للحل العسكري تحرك قطار القضية في خط مواز الى أن وصل محطة الانفصال فهذا لن يحدث في دارفور ليس لأن التاريخ لا يعيد نفسه وإذا حدث تكون الأولى مسخرة والثانية مأساة والنهر لا يجري في ذات المجرى مرتين هذا من حيث المبدأ .
قضية دارفور وإن بدأت بالمطالبة بشيء من الخصوصية والتمييز الإيجابي لكي تلحق ببقية أجزاء السودان التي حاباها الحكم الوطني فتكوين دارفور الديمغرافي والجغرافي والأهم الثقافي مختلف عن الجنوب فدارفور جزء أصيل من نسيج السودان الثقافي الحالي أي سودان ما قبل وبعد انفصال الجنوب لا بل يمكن اعتبارها مرجعية من مرجعيات الثقافة السودانية الحالية. أما من ناحية الجغرافية السياسية فإن كان جنوب السودان منكفئا على نفسه رافعا شعار الهوية الافريقية في مواجهة الهوية العربية فإن دارفور مشدودة نحو العاصمة أكثر من أي إقليم آخر من أقاليم السودان فالأغنياء في دارفور عندما تضيق بهم أسواق دارفور يتجهون للاستثمار في العاصمة وكذا فعل الفقراء والنازحين عندما ضاقت بهم الحياة هناك فقد اتجهوا نحو العاصمة ومن ثم لبقية السودان النيلي حدث هذا ويحدث منذ المهدية الى يوم الناس هذا .
مشكلة جنوب السودان تم تكييفها حقيقة ام تزييفا على أساس قضية مواطنين درجة ثانية ضد جلاديهم فنشأت عقيدة وحدت النخبة الجنوبية ضد الشمال وهذا لم ولن يحدث لأهل دارفور لا بل المكون المحلي لمشكلة دارفور أكبر من المكون الخارجي فالخلافات بين أهل دارفور موجودة أصلا ولكنها كانت تحل في إطار تقليدي لذلك ظلت محدودة فالجديد تدخل الدولة فيها الأمر الذي عملقها وعمقها وشعبها فجناية الدولة في دارفور أنها ناصرت بعض سكان الإقليم على بعضهم فأصبح بعضهم أقرب للمركز من قربه لدارفور من حيث السياسة والمصلحة ولعل هذا كان حادثا في دارفور قبل تفجر أحداث 2003 فحزب الأمة الذي اشترك في حكم السودان ثلاث مرات وكاد أن ينفرد به ذات مرة كان دعمه الأساسي من دارفور.
تطور الأحداث في مشكلة الجنوب مكن الحركة الشعبية من السيطرة السياسية على مجريات الأمور في الجنوب لذلك وقع الجنوب في عبها كدولة مستقلة بكل سهولة وليس هناك فصيلا دارفوريا يمكن أن يصل ما وصلت إليه الحركة الشعبية في الجنوب لكل هذا وغيره فإن أي دعوة لحكم ذاتي او انفصال لدارفور في الوقت الحالي تعتبر غير واقعية لكن إذا استمرات مشكلة دارفور في تفاقمها الحالي فإن كل عقد السودان معرض للانفراط فلن يكون هناك سودان موحد ناقص دارفور بعبارة أخرى دارفور لن تنفصل من السودان ولكن في مقدور مشكلتها أن تفرتق السودان حتة حتة لذلك ينبغي أن تمنح الأولوية في معالجة أوجاع السودان الماثلة والقاتلة في نفس الوقت بعبارة ثالثة دارفور التي تمثل دار حرابة اليوم لن تكون دار انفصال إنما دار تفكيك والشرح الكثير يفسد المعنى.
[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]