احمد دندش

إستيراد (مستمعين).!


[JUSTIFY]
إستيراد (مستمعين).!

عانى الفنانون كثيراً خلال سنوات مضت من تغيير الفهم السائد عنهم بأنهم مجموعة من (الصعاليك)، وعملوا بجهد شديد لمسح ما تبقى من تلك النظرة من اذهان الجمهور، ومحاولة اذاقته طعما آخر يتسم بالكثير من المسؤولية والابداع، وربما نجحت محاولات الفنانين لدرجة كبيرة في ذلك الامر، وذلك بدليل التقبل الكبير الذي وجدوه في السنوات الاخيرة، والانفتاح الكبير في اذهان السودانيين والذين صار معظمهم لا يمانع أن يصبح ابنه فناناً.
وبرغم الرائحة (الاقتصادية) التى تفوح من آخر نقاط الحديث أعلاه – والتي تدور حول عدم ممانعة الاسر في أن يصبح ابناؤها فنانين- الا اننا بالمقابل لا يمكن أن نصمت ونحن نشاهد على اقتراب عودة الفنانين لذات المربع الاول الذي عملوا في السابق للخروج منه، خصوصاً ونحن نشهد هجرة غير مسبوقة للشباب لامتهان مهنة الغناء، في غياب موجع من الجهات المناط بها ترقية الفنون في البلاد والتي باتت تراقب الوضع بخجل تحسد عليه.
قبيل فترة قال معد برنامج نجوم الغد بابكر صديق إن المتقدمين للبرنامج بلغ عددهم اكثر من (2000) شاب وشابة، وهو امر خطير، ورقم مخيف، ودعوني اتساءل…اذا وصل الامر الى هذه النقطة فيما يختص بعدد المتقدمين لبرنامج مسابقات غنائي، اذاً كم يبلغ عدد الممارسين للمهنة باحترافية حالياً..؟؟…بالتأكيد الارقام ستكون مخيفة في مثل هذه الحالة، ويمكن (عادي جداً أن نجد أن نصف سكان هذه البلد صاروا مطربين)..!!!
مايجب أن يعلمه الجميع أن وصول الفن لنقطة (الامتهان من اجل الرزق) يمثل كارثة كبيرة جداً لابد أن يتم تداركها قبيل الطوفان، فهذا مهدد مباشر للارث والثقافة السودانية، والتي ستضيع ممثلة في الاغنيات التاريخية بعد عدم توفر المؤدي الذي يقوم بإيصالها للجمهور، وبعد أن يفشل المستمع في التمييز بين صوت (فلان وعلان)، وبالتالي يفقد الثقة في المؤدي، وبالتالي يفقد الامل في الاغنية السودانية الى الابد (وهي اصلاً ما ناقصة).
جدعة:
كان على القائمين على امر الفنون وفي مقدمتهم مجلس المهن الموسيقية (النايم على طول الخط) أن يقرعوا جرس الانذار بعد وصول المتقدمين لبرنامج نجوم الغد الى اكثر من (2000)، فهذا الرقم يمثل فقط المتقدمين للبرنامج..اذا ماذا عن فناني الاحياء و(السمايات والختان)..؟؟..وماذا عن فناني الحيرة والعلاقات العامة و(الواسطة)..؟؟ وماذا..وماذا…؟؟
شربكة أخيرة:
الامر خطير يحتاج لردة فعل تتناسب معه، قبل أن نستيقظ ذات يوم ونجد (البلد كلها بقت فنانين) ونضطر لاستجلاب (مستمعين) من الخارج بعقود احتراف شبيهة بعقود احتراف لاعبي كرة القدم…ولا(شنو يا على مهدي)..؟
[/JUSTIFY]

الشربكا يحلها – احمد دندش
صحيفة السوداني