تحقيقات وتقارير

سلسلة من الانقسامات وقدر من الدماء :قصة توحيد الحركات المسلحة من أروشا إلى طرابلس


بعد مشاورات مكثفة واتصالات مكوكية قامت بها الوساطة المشتركة وبعض مكونات دارفور وضغوط اقليمية ودولية من جانب واشنطن والقاهرة وطرابلس فى غضون الاشهر القليلة الماضية يلتئم اليوم الإثنين بالعاصمة الليبية طرابلس وفد من الحكومة وثمانى من الحركات المسلحة لمناقشة امكانية وكيفية المشاركة فى المحادثات المقبلة ومن المنتظر ان ينضم الى المحادثات كمسهلين الوسيط المشترك للامم المتحدة جبريل باسولى والمبعوث الخاص للرئيس الامريكى للسودان الجنرال سكوت غرايشن فضلا عن وفد من هيئة شورى قبيلة الفوربقيادة الدكتور ادريس ولفيف من قيادات تنظيمات المجتمع المدنى والاهلى بدارفور المتواجد بطرابلس.
وستتركز المحادثات على موقف ووجهة نظر كل طرف على منهج المفاوضات وكيفية المشاركة وليست حول القضايا محل البحث ( قسمة السلطة ، الثروة ، الترتيبات الامنية ) وغالبا ما تثير الحركات قضية اعلان المبادىء باعتباراتفاق سلام دارفور مرفوض لديهم والمشاركة بوفد منفصل فى المفاوضات بينما تتمسك الحكومة باتفاق سلام دارفور كمرجعية وان تكون مقر المحادثات الدوحة ،لقاء طرابلس هو لملمة وترتيب اوضاع الحركات المسلحة وتهيئتها للدخول فى المفاوضات اكثر منه لتجسير الهوة بينها والحكومة التى لا يعنى لها اللقاء سوى الاستماع لوجه نظر الحركات والمعروفة لديها مسبقا بل اعتبره كبير مفاوضى الحكومة وزير الدولة للشباب والرياضة الدكتور امين حسن عمر فى حديث له للزميلة ( الاحداث ) رحلة استكشافية حول امكانية فتح مسار ثانى مكمل لمفاوضات الدوحة الذى قال سيتم تحديد مصيره بشكل نهائى نهاية الاسبوع الجارى ويأتى اللقاء فى وقت وظرف اختلف فيه الدور الاقليمى والدولى حيث نجد الانفتاح على الحوار مع الخرطوم جنبا إلى جنب مع الحركات المسلحة والفرقاء الآخرين من القوى السياسية فضلا عن الميل إلى الضغط على الحركات المسلحة لتكون أكثر جدية والتزاما بالتفاوض وليس على الخرطوم فقط ،ويبدو ان الفصائل الثماني بحاجة إلى بناء الثقة فيما بينها عبر حوار معمق قبل توحيد موقفها التفاوضى لان هذه الفصائل خرجت من رحم حركتى تحرير السودان والعدل والمساواة ثم انقسمت وتشرذمت هى نفسها الى عدة فصائل نتيجة تنافس على الزعامة السياسية أو القبلية أو العسكرية لذا فإن بناء الثقة عبر الحوار وتحت رعاية طرف له ثقل وتأثير مثل ليبيا ووسطاء ومسهلين كبار مثل باسولى وغرايشن وبعض مكونات دارفور يعد مدخلا مناسبا للوصول الى محادثات شاملة.
الانقسامات والتشرذم لم تخلُ منه اية حركة ثورية خاصة فى افريقيا وامريكا اللاتينية وقد اتخذت بعض قيادات الحركات وسائل دموية للتغلب على تلك الانقسامات عبر سحق الطرف الآخر واتخذ البعض الآخر اسلوب الحوار بالتنازل عن بعض طموحاتها ومصالحها فالفرصة مواتية لمجموعة الثمانى من اى وقت مضى للتجاوب مع افكار مكونات دارفور للتوحد فى كيان واحد أو توحيد رؤيتهم التفاوضية والدخول بوفد تفاوضى واحد فى المحادثات المقبلة يعبر عن مطالب أهل دارفور العادلة التى لم يعد العالم يتذكرها بقدر مايتذكر هذه الفصائل المبعثرة وصور بعض قادتها، الذين يبدون وكأنهم لايبالون بإستمرار المعاناة فى الإقليم ، لايدركون أن الظروف لن تبقى مواتية للأبد،وأن العالم لن ينتظرهم طويلا ،والحقيقة أن الخلافات بين الحركات كما يقر قادتها ليست على أساس موضوعى أو لخلاف بينها فى الفكر أو التوجه أو الأهداف ،وإنما يرجعونها لأسباب خارجية ممثلة فيما يصفونها بمساعى الخرطوم لشق صفوفهم وإضعافهم ،ولايعفون المجتمع الدولى من ذلك ولاينكرون أن الخلافات بينهم تعود أيضا لأسباب داخلية تتعلق بأزمة القيادة ولسعى هذه القيادات أيضا لمصالحها وتغليبها للعوامل القبلية والعشائرية،وأيضا للطموح الشخصى ومحاولة تولى القيادة بأية وسيلة.
وعلى الرغم من ان مجموعة الثمانى لم تكن لها حتى الآن هيكل تنظيمى ورؤية تفاوضية مثل حركة العدل والمساواة بيد اننا نجد من وقت لآخر حديثاً تعبربه عن وجهة نظر بعض قياداتها حول مسائل تفاوضية تتعارض مع قضايا كانت الحركات الرافضة لابوجا متفقة عليها وبالتحديد منصب نائب الرئيس والاقليم الواحد حيث قال مسئول العلاقات الخارجية لحركة تحرير السودان ( الوحدة ) الدكتور شريف حرير عقب انتهاء محادثات القاهرة ان منصب نائب الرئيس والمشاركة فى حكم ولاية الخرطوم ليس من اهتماماتهم وان الحكم الذاتى هو الذى يتصدر اولوياتهم فى اشارة واضحة للرد على اولويات خليل ولخص الناطق الرسمى باسم حركة تحرير الوحدة محجوب حسين رؤيته لحل أزمة دارفور فى حوار له مع الزميل صلاح شعيب ان تكون المفاوضات بين الحكومة والحركات المسلحة و كتلة دارفور المدنية و الأهلية،كمدخل منهجي للعملية التفاوضية وفصل مشاركة مكونات دارفورمتمثلة فى الحركات المسلحة والحركات ذات الطابع السياسي « لأنها عناوين لقبائل»، فضلا عن ممثلين للنازحين واللاجئين والمجتمع المدني والأهلي على ان يتم تحديد اعضائه والإتفاق حولهم بمشاورة الحركات العسكرية الأساسيةوفق معايير وأسس تتفق عليها الأطراف الرئيسية من الحركات والوساطة والدولة المضيفة والدول المجاورة، مثل تشاد، ليبيا، مصر، وإريتريا.وهذا ما يرفضه خليل الذى يصر على ان تكون المحادثات حصريا بين حركته والحكومة ولكى يكون الحل مستداما يرى محجوب يجب ان تتوافر فيه أربعة شروط اعتبرها أساسية و قاطعة ، الاولى أن تتعاطي الخرطوم مع الأزمة بجدية تامة ومصداقية الثانية المشاركة الواسعة لمكونات المجتمع الدارفوري مع إصطحاب الشرعية العسكرية والشرعية الشعبية / الإجتماعية التقليدية الثالثة علي الخرطوم دفع إستحقاقات « سياسية وإقتصادية وتاريخية وثقافية وقانونية لشعب دارفور الرابعة الضمانات الإقليمية و الدولية في إنفاذ أي إتفاق يتم التوصل إليه كمرجعية عليا تلجأ إليها الأطراف فى حالة الاختلاف حتى لايتم نقض المواثيق والعهود.
واعتبر محجوب التوقيع على إتفاق إطاري لوقف إطلاق النار المؤقت المدخل الأول وان تسبق المفاوضات السياسية توقيع إتفاق إطاري لاعلان المبادى لتحديد موجهات واسس ومعايير العملية التفاوضية والسقف الزمني لها وان يتم مناقشة الملفات محل التفاوض عبر بروتوكولات منفصلة اولا بروتوكول الترتيبات الامنية ثانيا بروتوكول وضعية إقليم دارفور ضمن السودان الموحد، وأهم بنوده أن يتم إستفتاء شعب دارفور خلال شهر من توقيع الإتفاق بين خيارين اما الحكم الذاتي للإقليم او الإقليم الواحد وفكرة الاستفتاء يرفضها خليل من اساسها ثالثا بروتوكول السلطة يدعوفيه إنشاء منصب رئيس وزراء بصلاحيات رئيس السلطة التنفيذية في الدولة فيما يطالب خليل بنائب الرئيس ، وطالب محجوب ان يكون الحوار الدارفوري / الدارفوري برعاية دولية وإقليمية وتحت إشراف الأمم المتحدة ودون مشاركة الحكومة .يناقش فيه: مجمل قضايا دارفور، بناء الثقة بين كل أطراف مكونات المجتمع الدارفوري، توقيع عقد بتسليم الإستحقاقات التي تم إنتزاعها إلى شعب دارفور.
.وفي سبيل تعزيز فرص نجاح أية جولة جديدة من المفاوضات اقترحت مجموعة الازمات الدولية ان يقوم فريق الوساطة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي و تتخذ عدداً من الخطوات من بينها:بناء إجماع دولي حول الإستراتيجية التفاوضية وعلى وجه الخصوص مع الولايات المتحدة الامريكية والصين، بغية التأثير على أطراف النزاع والعمل على توحيد الحركات المسلحة، لمساعدة القادة السياسيين والميدانيين على تطوير جدول أعمال مشترك للمفاوضات.وتوسيع نطاق المشاركة عبر تشكيل مجموعة رسمية من الممثلين عن مجموعات النازحين واللاجئين فضلا عن القبائل العربية وإعادة هيكلة عملية الوساطة تماشياً مع النموذج الذي أفرز اتفاقية السلام الشامل، بتشكيل مجموعة اتصال مصغّرة من الشركاء الدوليين تضم الولايات المتحدة والصين والمملكة المتحدة وفرنسا والنرويج والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية وإريتريا وتشاد، بهدف دعم فريق الوساطة المشتركة.
وكانت سلسلة توحيد الحركات بدأت بمدينة اروشا التنزانية عام 2007 لتوحيد اكثر من 15 فصيلا وانتهت بالقاهرة فى الشهرالماضى بمجموعة السبعة قبل ان ينضم اليها القائد كاربينو الذى باتت بموجبه المجموعة الى ثمانى وكانت مجموعة السبعة قد اتفقت في ملتقى بالقاهرة على «تدعيم وحدة الصف الدارفوري من أجل إحلال السلام بدارفور في إطار سودان واحد وموحد»، معتبرة أن توحيد حركات دارفور هو أحد أهم أركان تحقيق السلام المنشود في الإقليم». وذكر بيان أصدرته مجموعة السبعة أن الجانب المصري قدم خارطة طريق لتوحيد الصف الدارفوري «في شكل مقترح حده الأعلى تحقيق الوحدة التنظيمية لكافة الحركات وحده الأدنى توحيد الرؤية السياسية والمواقف التفاوضية للحركات في إطار وفد تفاوضي مشترك».
أبوزيد صبى كلو :الصحافة