حوارات ولقاءات

بخصوص مشروع الجزيرة .. كمال النقر رئيس النقابة: مــا تمّ ليـس بخصخصــة.. إنّما صياغة جديدة للمشروع


* المحالج كانت تقوم بحلج القطن لمساحات تبلغ 400 ألف فدان.. واليوم المساحة لا تتجاوز الـ90 ألف فدان!!.
* الهندسة الزراعية من 500 تراكتور.. لا تملك اليوم غير 7 تراكتورات!!
* السكة الحديد.. لا تملك اليوم قطاراً ولا مقطورة!!
* والعمال في هذه المصالح الثلاث.. ظلوا يطاردون مرتباتهم.. والأحوال تسوء لتصل إلى قطع التيار الكهربائي ومن المنازل!!
* والأخبار تأتينا بأنّ قطار الخصخصة يصل محطة مارنجان ويستقبله العاملون بالتهليل والتكبير.. وآخرون بالمشروع لم يصلهم القطار.. ينتظرون في محطات الوقاية والورش والإرشاد والغيط!!.
* ولفك طلاسم هذه المسائل المتداخلة والمتشابكة.. بحثت عن كمال النقر – عرّاب هذه الخبطة النقابية – التي ملّكت العاملين منازلاً وجعلت آخرين يطالبون بوصول قطار المحالج، الهندسة الزراعية، السكة الحديد إلى محطاتهم.. فعلاً أدب جديد في الخصخصة.. تنتهجه نقابة عمال الجزيرة التي يقودها النقابي الضليع كمال النقر.. وبعد يومين من البحث.. عثرت عليه بالصدفة.. عند الصيدلية العالمية جوار مستشفى مدني.. وعلى الهواء الطلق حبسته لساعات عبر هذا الحوار المثير.. فأجاب على كل أسئلتي عدا سؤال واحد يتعلق بمجلس إدارة المشروع.
فتعالوا لنقرأ ماذا قال كمال محمد محمود النقر.. رئيس نقابة عمال مشروع الجزيرة..

* على أي أساس تمت خصخصة المصالح الثلاث – السكة الحديد – المحالج – الهندسة الزراعية – وكيف تمت الخصخصة؟!.
– أولاً نحن في نقابة عمال المشروع نعتبر ما تم ليس خصخصة.. باسمها المرعب.. الذي يهابه العاملون، فما تمّ إعادة صياغة لمشروع الجزيرة.. في إطار إنفاذ قانونه الجديد.. صياغة جديدة يستفيد منها الوطن.. والعمال والمشروع.. بوصف أن هذا المشروع واحد من مكونات الإقتصاد الوطني.
* ولماذا كانت الصياغة كما سميتها بدأت بهذه الثلاث مصالح.. وماذا نال العاملون منها؟!.
– البداية كما ذكرت بهذه المصالح الثلاث الأكثر تأثراً من الضمور والتراجع الذي أصاب المشروع وللحقيقة فإنّ الهزة التي ضربت المشروع بدأت في عام 1982.. بعد التحول من الحساب المشترك إلى الحساب الفردي.. فمثلاً السكة الحديد كانت تملك 125 وابوراً و750 عربة جر.. تهالكت.. ولأواخر الثمانينيات لم يتبق منها إلاَّ 12 وابوراً.. والآن لا يوجد ولا وابور واحد.. والهندسة الزراعية من 500 تراكتور تبقى منها الآن 30.. ومن 75 منجزرة تبقت 6 مجنزرات والمحالج كانت تحلج 3 ملايين قنطار وطاقة حليج بلغت مليون و800 ألف قنطار.. في وقت كانت فيه مساحات القطن ما بين 400 ألف فدان إلى 350 ألف فدان.. فاليوم المساحة لا تتعدى 90 ألف فدان.. فأصبحت هناك عمالة – بدون عمل – وترتب على ذلك بيئة عمل غير صالحة.. أثرت على أوضاع العاملين بالمشروع.. أصبحت الرواتب مشكلة وشبحاً يطارد العاملين.. استحقاقات العاملين بلغت أرقام فلكية.. كل هذا انعكس على حياة العاملين.. الإدارة اصبحت عاجزة عن تسديد الرواتب.. وتسديد فواتير الكهرباء.. فكان لهذه الأسباب من اعادة صياغة لصالح العاملين ولصالح المشروع والوطن فتمت الصياغة للمصالح الثلاث برضاء وقبول العاملين أنفسهم.
* يعني أردتم أن تقولوا إن هذه المصالح الثلاث مرافق خاسرة؟!.
– نعم خاسرة.. لكن بفهم أنها بحاجة لصياغة تختلف عن الفلسفة التي تقوم عليها الخصخصة.. وفعلاً استطعنا أن نقدم تجربة جديدة للخصخصة.. تجربة تجاوزت مثالب الخصخصة.. التي ترمي بالعاملين في الشارع.. نحن بهذه التجربة حفظنا للعاملين كرامتهم.. لذا كانوا أسعد الناس بهذه الصيغة الجديدة.
* لم أفهم ماذا تقصد بالخصخصة الجديدة..؟!.
– طيب.. أقول ليك.. نحن عبر حوار طويل مع الدولة خرجنا بمشروع تمليك المنازل للعاملين في المحالج، ففي احتفال كبير بمارنجان زغردت فيه نساء وهلل فيه العاملون.. تم تسليم العاملين استحقاقاتهم غير منقوصة مع شهادات تمليك المنازل كأول مبادرة في تاريخ السودان.. تملك الدولة العاملين منازلاً.. حيث تسلم العاملون 667 منزلاً.. في مارنجان والحصاحيصا والباقير، والعاملون بالهندسة الزراعية 170 منزلاً.. والعاملون بسكة حديد الجزيرة 140 منزلاً، ونحن نعتبر هذا التكريم للدولة لعمال مشروع الجزيرة، فالدولة منحت العاملين حقوقهم كاملة في خطوة غير مسبوقة.. إضافة لتمليك العربات بأسعار معقولة..!.
* ولكن هناك متأخرات رواتب؟!.
– نعم هناك متأخرات شهرين.. وعلى وشك أن تنتهي، وقد التزمت وزارة المالية الاتحادية بتسديدها، وهنا لابدّ لنا أن نشكر المالية.. وعلى رأسها د. عوض الجاز.. فقد التزمت بتوفير رواتب كل العاملين بالمشروع وعددهم «3.303» وبنهاية شهر أغسطس تنتهي عقود العاملين بالمشروع.
* لماذا لم تدفع الإدارة رواتب العاملين؟!.
– امتنع عن الاجابة عن هذا السؤال!!
* الدولة منحت العاملين المصالح الثلاث المنازل، هل هذه منحة؟!.
– نعم.. منحة من عوض الجاز للعاملين الذين سكبوا عرقهم لهذا المشروع القومي.. فهل هناك ما يمنع أن توفّر الدولة المأوى لمواطنيها.
* هل نعتبر هذا نموذجاً جديداً للخصخصة؟!.
– كما قلت لك، نحن لا نسميه خصخصة.. بل هو صياغة جديدة لمؤسسات الدولة.
* أنتم كنقابة وقفتم وراء هذا العمل.. هل أنتم راضون عن ما تمّ؟!.
– نعم.. نحن راضون ونستطيع أن نقول إننا نجحنا في تهيئة الوضع الجديد لقبيلة عمال الجزيرة.. هذه القبيلة التي تكوّنت عبر مجموعة أسر جاءت من كل أنحاء السودان.. منذ عام 1911م.. فأصبحت أسر ممتدة عاشت في ترابط وتجانس في وسط السودان هنا في الجزيرة.. حافظت على استقرار المشروع الذي عمره تجاوز 80 عاماً.. فالجيل الموجود الآن هو الجيل الثالث.. تصوّر كيف يكون حال هذه الأسر لو أخذت الدولة هذه المنازل منهم وكسرتها.. أو باعتها.. فماذا يساوي منزلاً لا يساوي صفر للدولة!! نحن نعتبر أن الدولة كرّمت مواطناً سودانياً باستقراره.. فالمكسب هو الاستقرار لهذه الأسر.
* يعني ذلك هذا انتصار لنقابة عمال الجزيرة؟!.
– هذا مكسب للحركة العمالية.. لأن نقابة الجزيرة وحدها.. التي انتهجت مبدأ الحوار، للحقيقة مكاسبها. ونحن حين أردنا هذا الملف لم ننظر لأنفسنا ولا حتى لكسب نقابي ضيق.. نظرنا لمصلحة البلد ومصلحة عمالنا.. وكان معنا اتحاد عمال السودان في كل صغيرة وكبيرة وقائده النقابي الفذ بروفيسور غندور.. وضعنا مصلحة الوطن في خط مع مصلحة عمالنا.. حتى وصلنا لهذه الغايات.
* الشارع يقول إنّ 31 أغسطس هو تاريخ تشريد عمال الجزيرة؟!.
– 31 أغسطس هو تاريخ تضريب حقوق المتبقي من العاملين.. وهم تقريباً حوالى ألف عامل.. فهو ليس تشريداً.. إنما ستكون بعد هذا التاريخ عقود جديدة.. تُنهي لائحة شروط خدمة قانون 1984م.. فأنت إذا أردت تنتقل من قانون إلى قانون جديد لابدّ أن تصفّي حقوق الناس.. ثم تطرح الشروط الجديدة.. فهناك شروط خدمة ستطرح للراغبين.. شروط لصياغة المشروع وفق نظم جديدة تواكب المرحلة.
* وماذا عن معاشات عمال مشروع الجزيرة؟!.
– هذا السؤال وإن كان يخص اتحاد معاشيي مشروع الجزيرة.. لكن استطيع أن أقول إنّ مشكلة معاشات عمال الجزيرة.. قد وصلت لبر الأمان.. فقد تحملت وزارة المالية مسؤولية المعاشات كاملة.. فهناك وحدة لمعاشات العاملين بمشروع الجزيرة سنقوم بدفع المعاشات.
* طيب على صحيح أن الدولة قد منحت العاملين بالمحالج الأصول..؟!.
– نعم الدولة ممثلة في رئيس الجمهورية قد اصدرت قراراً بتمليك الأصول للعاملين بالمحالج!!.
* لكن قل لي هل يستطيع العاملون تشغيل هذه المحالج؟!.
– طيب.. وفي خطوة غير مسبوقة قام عمال المحالج بتأسيس شركة تحت مسمى شركة أرض المحنة لأعمال الحليج والخدمات الزراعية المحدودة.. شركة تأسيس وفق قانون الشركات لعام 1925 – يملك أسهمها العاملون بالمحالج ومساهمون آخرون شركة عامة.. وهي الآن جاهزة للعمل.. ونخطط لاستجلاب محلج جديد يعمل بطاقة حلج 2 ألف قنطار في اليوم.. ونخطط لخفض قيمة الحلج وبالمواصفات المطلوبة واستجلاب محالج.. تحلج وتغزل لنغزو الأسواق العالمية بالخيوط ونعتقد أننا قدر التحدي.
* هناك أصوات من المزارعين تقول إن المحالج أصول تملكها الدولة.. فكيف تمنحها للعاملين؟!.
– العاملون جزء أصيل في المشروع.. فهم واحد من مكوناته.. فالدولة التي تنازلت للمزارعين عن حقها فقامت شركة الأقطان أن تتنازل للعاملين عن المحالج.. وافتكر الزول لو ساكن في بيت إيجار وصاحب البيت داير يبيع البيت – المؤجر له حق الشفعة فنحن نشكر الدولة على هذه المنحة.. ونعتبر هذا تكريماً لنا.. وفي نفس الوقت مسؤولية تقع على اكتافنا.. مسؤولية تطوير وترقية صناعة الحليج وبإذن الله نحن بقدر التحدي.
* تفتكر إنو هذه التجربة استفادت منها الدولة أم العاملون؟!.
– الطرفان استفادا.. فالعاملون كسبوا منازلاً وحقوق والدولة تخلصت من أعباء كانت تدفعها.. مقابل التزامات من غير عائد.. فمثلاً الدولة تخلصت من فاتورة كهرباء وماء في حدود مليار جنيه «بالقديم» شهرياً وصيانة منازل سنوية تصل إلى قرابة 6 مليار.. والآن بعد تمليك العاملين للمنازل.. أصبحت فواتير الكهرباء والمياه من مسؤولية أصحابها.. والمحليات جاءتها ايرادات جديدة – عوائد – ورسوم مياه وخلافه.
* وسألنا كمال كباجه – من مصلحة الحسابات بالمشروع – عن رأيه في ما تم في المصالح الثلاث؟!.
فقال: إنّ ما تم إنجاز غير مسبوق وراءه النقابي العملاق كمال النقر.. وإنه مكسب كبير للعاملين.
* أما – علي حسن – فقال إن الهيئات النقابية بالمشروع وموافقة على هذه الصياغة ونعتبر ما تم انجازاً تاريخياً يدوّن في كتاب الحركة العمالية!!.