جمال علي حسن

الصادق.. الديمقراطي السيِّد


[JUSTIFY]
الصادق.. الديمقراطي السيِّد

الميزة التي يتفرد بها السودان بين سائر الأقطار العربية هي أنه حين يريد أن يمارس تجربة ديمقراطية وبرغم كل عيوب الممارسة في الأداء التنفيذي لكنه وعلى مستوى التطبيق للمنهج الديمقراطي لا يستعين بتلك النسخة العربية المعدلة من الديمقراطية.. نحن الوحيدون في المنطقة العربية الذين حين نمارس التجربة الديمقراطية حين نمارسها بشفافية عالية ولا نستعين بالقرص المدمج والنسخة (الكوبي) المضروبة من التجارب الديمقراطية العربية الملفقة.. نحن الوحيدون في المحيط العربي الذين نمتلك النسخة الأصلية للديمقراطية الحرة بلا منافس.. حتى التجربة اللبنانية تفسدها المعادلة الطائفية التي تشكل عاهة مستديمة فيها.. أما نحن في السودان فبرغم وجود طائفتين سياسيتين بخلفيتين دينيتين وتاريخيتين تعثرتا على مستوى الأداء التنفيذي في التجارب الديمقراطية الثلاث في السودان؛ لكنها ليست تلك الطائفية المذهبية المتقاطعة والمتحاربة والمتطرفة كما في العراق أو في سوريا الآن..

نحن والحمد لله ليست لدينا معادلات سنة وشيعة، لدينا طائفية مخففة نتيجة ثقافة سودانية تاريخية ذات بعد ديني لكن محلول القداسة المركز تتم عمليات معالجته وتخفيفه في كل مرة عن طريق عملية الفرز بين المؤسسة السياسية والمؤسسة الدينية التي لم يعد دورها يتجاوز مستوى الإلهام والدفع وأدبيات الانتماء لكن وعلى المستوى السياسي فإن خلافات وانقسامات حزبي الأمة والاتحادي في السنوات الماضية تؤكد في جانب من جوانبها وجود حالة صحية تتمثل في الرغبة في التحلل من درجة التقديس.

وأمس تابعت فعالية حزب الأمة القومي والخاصة ببدء اجتماعات الهيئة المركزية للحزب واستمعت لخطاب الإمام الصادق المهدي.. والحق يقال إن الصادق المهدي كقائد سياسي تاريخي في السودان يمثل أغرب حالة إنتاج لنموذج القائد الديمقراطي الخارج من رحم المناخ الديني أو الطائفي.

حقاً هو حالة نادرة إذ أن الظروف التي وجد الصادق نفسه فيها ليس من المفترض أن تترك فيه أي رغبة لبناء شخصية ديمقراطية في داخله أو في محيطه القريب دعك من تأكيده وحتى يوم أمس أنه مشبع باليقين الديمقراطي كفكر ورؤية أكثر من أي قائد سياسي لحزب أو تيار ديمقراطي حديث في السودان.

وأنا على يقين أن شخصية الصادق المهدي تتمتع بدرجة من الوعي النادر الذي جعلها تكتسب مناعة استثنائية ضد الحقد السياسي وضد الكراهية وضد الإصابة بأمراض التضخم والنرجسية ومناعة ضد الرغبة في الإقصاء.

نعم قد تكون هذه الحالة التي تطورت عند الصادق الآن لم تكن مكتملة في فترات حياته السياسية الأولى ومعاركه المحدودة القديمة داخل وخارج بيت المهدي لكنها الآن وبالتأكيد بلغت بنضجها درجة من التطهر من تلك النزعات تؤهله لأن يتحدى كل السياسيين الذين يسامروننا بمطالب استعادة الديمقراطية وأشعاراها وأناشيدها..

تعلموا من الإمام الصادق المهدي أصول الديمقراطية فإيمان مثل السيد الصادق بالديمقراطية لهذا الحد يستحق أن يدرس منهجاً في جامعات العالم وكليات العلوم السياسية.

[/JUSTIFY] جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي