عبد اللطيف البوني

لم تعد أرض المحنة


[JUSTIFY]
لم تعد أرض المحنة

يوم الإثنين الأول من أمس ونحن في رحلتنا اليومية من الجزيرة إلى الخرطوم مرت بشمالنا أي في الاتجاه المعاكس من الخرطوم في اتجاه الجنوب رتل ضخم من عربات اللاندكروزر المي خمج التي تسر الناظرين من حيث المظهر ولنترك مخبرها جانباً ولو إلى حين . كان المنظر غير عادي فطفقنا نتساءل الحاصل شنو ؟ وبعد كذا تلفون أصبح من المرجح لدينا أنها تقل السيد والي ولاية الجزيرة المعين للتو الدكتور محمد يوسف. فاستغربت لذلك لأنه حسب علمي أن الرجل من الجزيرة وأنه كان وزيراً فيها قبل أن يذهب وزيراً للدولة بوزارة المالية وأهم من ذلك سمعت عنه أنه اقتصادي حاذق ويزن كل أموره بميزان العقل، فلماذا لايذهب إلى مقر عمله الجديد بسيارته فقط ؟ الأمر المؤكد أن هذه العربات تقل من يسمون أنفسهم أقطاب الجزيرة أو بالأحرى أقطاب الحزب الحاكم في الجزيرة، فقد يكونوا قادمين من مدني لأخذ الوالي الجديد أو يكونوا متحركين معه من الخرطوم لتوصيله وفي كل الأحوال إنه مشروع احتواء ببطانة جاهزة وأخشى ما أخشاه أن يكون في الأمر مكايدة (الليلة جينا كية للمابينا).
مهما يكن من أمر فإن في هذا المشهد فرصة لتناول موضوع والي الجزيرة أو شئنا الدقة ولاة الجزيرة ففي طوال عهد الإنقاذ لم يمض أي والٍ من ولاة الجزيرة فترته ويخرج من مدني في سلام بل لابد من أن يخرج منها مغاضباً ومشيعاً باللعنات من اللواء عبد الحي محجوب الذي تسلم ولاية الجزيرة أول أيام الإنقاذ بحكم أنه قائد المنطقة العسكرية إلى البروفسور الزبير بشير طه والتشنيع الذي يحدث للوالي ليس من مواطن الجزيرة العادي بل من أقطاب الحزب الحاكم الذين انقسموا إلى شلليات تحركها المصالح الخاصة وكل شلة تحتضن والياً وتكايد الأخرى فأصبح أي والٍ يأتي للجزيرة يأتي بشلته ليجد معارضة جاهزة تتمثل في شلة الوالي السابق وهاك ياحفر وهاك يادفن لذلك ظلت ولاية الجزيرة قابعة في مؤخرة سلم الإنجازات وكل يوم ترذل في خلال الربع قرن الماضي ولم تعد مدني أجمل مدني السودان أرض المحنة بل أصبحت أرض الحفر والدفن والضرب تحت الحزام.
مواطن الجزيرة العادي بقدرما يلوم أولاد الجزيرة المؤتمرجية فإنه يلوم بصورة أكثر قيادة المؤتمر الوطني في المركز لأنها هي التي مكنت للانتهازيين من أبناء الجزيرة وسلمتهم أمر الولاية والأهم من ذلك أمر المشروع للسيطرة عليهما الاثنين وقد كان لها ما أرادت فأصبحت الولاية ملطشة للمركز وما قضية الأقطان أو بالأحرى جريمة الأقطان التي ملأت الدنيا وشغلت الناس إلا دليل على ذلك فباسم قطن الجزيرة خرجت الأموال وباسم قطن الجزيرة تاهت الأموال ودخلت فيما أبعد ما يكون عن القطن فأصبحت واحدة من جنايات المركز على الجزيرة وعلى السودان.
إن ألسنة الخلق هي أقلام الحق فقد سمعنا كل طيب عن السيد الوالي الجديد ولو ربطنا ذلك بما نراه من بئية سياسية في الجزيرة فإننا نتساءل أي نقف منزلة بين التشاؤم والتفاؤل وكل الذي نتمناه أن ينظر الوالي الجديد إلى مواطن الجزيرة العادي (أهل العوض) وأرضها الطيبة المعطأة وشمسها الساطعة ومياهها المتدفقة مباشرة وليس بعيون محترفي السياسة الذين يشربون معه شاي الصباح وشاي العصر.

[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]


تعليق واحد