عبد الجليل سليمان

ضد التحلل والتباهل


[JUSTIFY]
ضد التحلل والتباهل

ومرة، دعاني الأستاذ (إسحق فضل الله) في زوايته بـ (اليوم التالي) (ولو بعد حين) إلى أن أتباهل معه وأن نجعل لعنة الله على من أفسد البلاد، وكنت أوشك أن (أنسى الموضوع)، لولا أنني قدرت أن في الرد إثراء للحوار، فدعوته بدوري إلى تقديم المتهمين بالفساد أولاً إلى القضاء، وأن ننتظر لنرى حكمه فيهم، فإن أقر بفسادهم، فإنني سألبي الدعوة و(أتباهل) مع (أجعص زول).
جاءت تلك (المحاورة) في سياق ادعائي الشخصي بأن السبب الرئيس للفساد الذي يعم البلاد والعباد الآن، هو سياسية (التمكين) التي اتبعتها الإنقاذ لتوطين منسوبيها الإسلامويين من أهل الولاء (لا الكفاءة) في مفاصل الخدمة المدنية.
بالطبع (صعقت) أن كيف لي أن ارتشف من كأس (المباهلة) التي دعاني (إسحق) لتبادل نخبها معه، وهي ملأى برحيق المفسدين المختوم بختم (التمكين)، وظننت أن في الأمر (مزحة) ما، أو أنه كان اقتراحاً عابراً (نسمة كتابة) في حالة تجلي و(شطح) ربما، لكنني تأكدت أن (المُباهلة) في أمور جِدِّية ينبغي أن يبُت فيها القانون، أمر شائع لدى الإسلامويين، إذ دعا (الطيب مصطفى) أول أمس (حوار الوطن) خصومه في الانتباهة إلى ذات الأمر حتى يتبين من هو الرشيد بينهم.
ولمن (فاته) المعنى، فإن المباهلة لغوياً تعنى: “الملاعنة والابْتِهَالُ والتضرع، بمعنى أن يجتمع المتخاصمون فيتداعَوْا ويستَنْزلوا لَعْنة الله على الظَّالم منهم”.
وهذه طريقة لا تنفع في محاربة الفساد، وحل المشاكل، وإنما تستخدم في ما يتعلق بالأمور الشخصية، والعائلية، وخلافات الأصدقاء والزملاء ما دون أكل أموال الشعب بالباطل واختلاس مقدرات الأمة وتحويلها إلى منافع شخصية.
وما يكتنف (التباهل) ينطبق على مصطلح آخر تفشى هذه الأيام (أيام الحرب الكبرى) ضد الفساد، وهو (التحلل)، لكن ما حدث في قضية الأقطان (تحلل) آخر، لم يسبقنا عليه أحد في الأولين، ولن يأتي به أحد في الآخرين، إذ أنه معلوم شرعاً أن التحلل من المظالم واجب وشرط من شروط التوبة، لا يكتمل إلا برد الحقوق إلى أصحابها كاملة وغير منقوصة مقرونة بطلب العفو منهم.
لكن الجماعة (إياهم) لم يعف عنهم الشعب، ولا هم طلبوا منه ذلك، ولم يردوا إليه ما (بلعوه)، ففيم التحلل وممَّ إذن؟
على كلٍّ، ولأنه (ستُبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً/ ويأتيك بالأخبار من لم تزود)، وإلى أن تأتينا أخبار تلكم الأيام القادمات على (صهوة) التغيير والحريات ومحاربة الفساد، ندعو كل من له أذنين مرهفتين وقلب سليم، إلى الكف عن الدعوة إلى التباهل والتحلل في مواضيع متصلة بالفساد في الخدمة العامة، وعلينا جميعاً أن (نتحلل) من هذين المصطلحين فيما أشرنا إليه، وأن (نتباهل) بأن لا نعود إليهما مرة أخرى.

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي