تحقيقات وتقارير

حقوق الإنسان .. أزمة قانون


وقَّع الشريكان (المؤتمر الوطني، والحركة الشعبية) على إتفاق السلام الشامل (نيفاشا) مطلع العام (2005) والذي بموجبه توقف نزيف الحرب في جنوب البلاد بعد أن استمرت لاكثر من نصف قرن من الزمان، تلى ذلك دخول الجانبين إلى مرحلة إنفاذ الإتفاقية وبروتكولاتها على أرض الواقع ولكن ثمة أموراً عالقة تقف حجر عثرة في طريق عملية التطبيق، وعلى خلفية الاتفاق فان بعض من الآليات المتفق عليها في نيفاشا بدأت في الظهور الى السطح، منها انشاء المفوضيات الخاصة بانزال الاتفاقية الى الواقع، ولعل آخرها تكوين المفوضية الخاصة بحقوق الانسان التي صدر قانونها حديثاً هذا العام وصادقت عليه مؤسسة الرئاسة وفي سياق تبادل الرؤي حول القانون اقامت السكرتارية الخاصة بتنسيق منظمات المجتمع المدني بالتعاون مع بعثة الامم المتحدة الإثنين الماضي ورشة حول انشاء المفوضية القومية لحقوق الانسان.
وصوب بروفيسور علي سليمان مقدم الورقة القانونية انتقاده لقانون (2009) الخاص بالمفوضية، مؤكدا في حديثه على ضرورة استقلالية المفوضية في كوادرها وميزانيتها, وشدد علي ضروروة تمثيل كافة الأطراف بأن تشمل احزاب الحكومة والمعارضة والمنظمات المجتمعية كما يراعي التشكيلة المجتمعية المتنوعة، وعاب عليه، اي القانون، ان غالبية الاعضاء فيه غير متفرغين لعمل المؤسسة سوى الرئيس. وان حسنته الوحيدة- حسبما قال- انه راعى التناوب من حيث النوع، أي بمراعاة أن يكون مثلا الرئيس امرأة ينوب عنها رجل وبالعكس , واعتبرها سليمان محمدة وانتصاراً للمراة.
وتطابق رأي ممثل المنظمات معتصم الامير مع ما ذهب اليه من سبقه في ان مبدأ القانون يعطي الاشياء باليمنى ليأخذها باليسري , وتحدث الامير عن ما اسماه بالكوابح التي فصلها بذكر امثلة كـ(قانون الصحافة والمطبوعات).ودلف الامير الى الخوض في تفاصيل القانون حديث التكوين , ووجه له اعتراضات جمة بدأها من تعريف القانون لحقوق الانسان التي اعتبرها منقصة في مفهوم حقوق الانسان نفسه. وقال: لدينا جملة من الاعتراضات منها تشكيل المفوضية من قبل هيئة الرئاسة وتعيين الرئيس ونائبه وقال ان الآخرين يجب ان يتم انتخابهم من اللجنة المختارة نفسها، واضاف: امر التعيين هذا يجعل من المفوضية جهازا يتحكم فيه (ريموت) من يمولها ويختار موظفيها. وتساءل الامير عن مصير مؤسسة كهذه لا يجوز لها النظر في قضية امام الجهاز القضائي؟ وزاد : نحن لا نشك في جهازنا القضائي ولكن ثمة اشياء تخصصية في مجال العمل الانساني لا ينظر لها الا من هم في دائرة اهتمامهم.
ولم تفارق ذات الهواجس د. تهاني يحي مقدمة الورقة الخاصة بتعيين المفوضين، وابتدرت حديثها بالاشارة للعلاقة بين السلطة التنفيذية والاعضاء الذين يتم تعيينهم.
وجاء في ورقة دور منظمات المجتمع المدني في تعيين المفوضين عدم الاعتراف بأية مفوضية لا يتم اشراك المجتمع المدني فيها، واوضح ازهري الحاج رئيس لجنة سكرتارية تنسيق المنظمات في ورقته ان المفوضية شأن وطني وانساني ولا يتعداه الى سواه وعليه يجب ان يتحقق قيامها على مبدأ الاستقلالية.
وقال الحاج ان السكرتارية رفعت مذكرة فنية لرئاسة الجمهورية بشأن تشكيل المفوضية وأكدت فيها على استقلالية المفوضية وأوضحت فيها اعتراضاتها على تعيين مؤسسة الرئاسة لاعضاء المفوضية، واوضح الحاج لـ «الرأي العام» انهم ارفقوا المذكرة بجملة من المقترحات. وطبقاً للحاج فان المذكرة اقترحت تشكيل (3) آليات لمعالجة الامر، منها ان تكون اللجنة مختارة من المجتمع المدني، او تشكل من البرلمان الذي يتلقى ترشيحات للاعضاء وطعونا حولهم، او تكوين لجنة مشتركة من سكرتارية المجتمع المدني ولجنة من حقوق الانسان بالمجلس الوطني والمصادقة عليها من الرئاسة بعد قبولها، أي الرئاسة، اللجنة المعنية.
هكذا بدأ بها حمدتو مختار نائب رئيس لجنة حقوق الانسان بالمجلس الوطني فاتحة مداخلته (القانون اصبح واقعا ويجب ان نعمل وفق ما هو عليه) تجاهل مختار الغوص في عمق القانون مثل ما فعل من سبقوه وقال: علينا ان نحث الحكومة في ان تسرع لانشاء المفوضية. بدلا من الحديث حول المسودة . وأضاف أن الدستور نص على ان المفوضية يعينها رئيس الجمهورية وماعلينا سوى بذل الجهد لكسب العلاقات الخارجية والاعتراف الدولي بالمنظومة.
يحيى كشة :الراي العام