نور الدين مدني

الهوية السودانية بين التسبيك والتفكيك


[JUSTIFY]
الهوية السودانية بين التسبيك والتفكيك

*قبل يوم من سفري إلى نيالا كنت حضوراً في دار الأمير نقد الله الكبير بالملازمين بامدرمان تلبية لدعوة من الأستاذة سارة نقد الله رئيس المكتب السياسي لحزب الأمة القومي، في لقاء مع مجموعة رؤساء تحرير الصحف.
*إنتهزت فرصة هذه الزيارة لزيارة الأمير عبد الرحمن عبد الله نقد الله الذي لزم الفراش منذ سنوات، لم أستطع عند مواجهته في فراش المرض إلا الدعاء له، أن يشفيه الشافي الرحمن، وأن يكمل عليه ثوب العافية، فقد كان من القيادات الدينية والسياسية الفاعلة والمؤثرة في بلادنا.
*كان اللقاء مع الاستاذة سارة بهدف التعارف بعد توليها رئاسة المكتب السياسي لحزب الامة القومي، إستمعت منا أكثر مما تحدثت إلينا، وعندما خرجنا من اللقاء قدم لنا السكرتير الصحفي للإمام الصادق المهدي محمد زكي كتاب الإمام الذي صدر في مارس الماضي “الهوية السودانية بين التسبيك والتفكيك”، في رسالة واضحة من الإمام الصادق المهدي الذي كان حبيساً في “كوبر”، أن أفكاره لايمكن حبسها، ليس فقط في السودان وإنما في المحيط الخارجي الرحيب عبر مساهماته المقدرة في أكثر من مجال وميدان في كل الساحات الدينية والسياسية والفكرية.
*بعد قراءتي للكتاب حرصت كعادتي معكم أن أشرككم في بعض الإضاءات المهمة التي وردت فيه حول الهوية السودانية،أبدأها بشهادةأستاذ علم الإجتماع توري نوريستهام التي أوردها الإمام في الكتاب عن القبائل المشتركة بين السودان وكثير من جيرانه الذي قال : إن الذين في الجانب السوداني يظهرون خصالاً إنسانية، إنهم أكثر تسمحاً وأكثر مثاليةً وأكثر ترابطاً إجتماعياً.
*الإضاءة الثانيةجاءت في قول الإمام الصادق المهدي عن الفشل في إدارة التنوع : الواقع أن الوعي القومي السوداني في نشأته الباكرة قام على هوية عربية إسلاميةعلى إفتراض أن كل الهويات الثقافية السودانية الأخرىسيتم إذابتها في هذه الهوية.
*أشار الإمام الصادق إلى ظهور مصطلح “السودانوية” في ثمانينات القرن الماضي، الذي يرى أنصاره أن الهوية السودانية لايمكن وصفها بالعوبية أو الإفرقانية ولا الأفرو عروبية بل يكفي وصفها بالسودانوية الجامعة.
*الإضاءة المهمة الأخرى جاءت عند حديثه عن الهوية في دارفور وإشارته إلى عملية تسليح بعض القبائل،الأمر الذي أثر سلباً على السلام الإجتماعي الذي كان سائداً وسط مكونات دارفور، وخلص إلى أن الفجوة التنموية تداخلت مع التباين الإثني لتغذي هويات جهوية تواجه المركز بإسم التهمبش.
*بين الإمام الصادق في خواتيم الكتاب جذور المشاكل القائمة بسبب الخلل في علاقة الدين بالدولة والسياسة، والخلل في إدارة التنوع، وعدم التوازن في توزيع الثروة والسلطة.
*قال الإمام الصادق في ختام الكتاب أن حل المشاكل الماثلة حالياً ينبغي أن يتم على أساس أن السودان شعب أغلبه مسلمون تساكنهم مجموعات وطنية متعددة الأديان، ولغة الخطاب فيه عربية تعايشها ثقافات زنجية ونوبية ونوباوية وتيداوية، لكل الحق في حرية العقيدة والتعبير.
*أكد الإمام الصادق مجدداً أن النظام الديمقراطي هو الذي يكفل للكافة حقوق المواطنة والحرية والعدالة، لكن الممارسة الديمقراطية ينبغي أن يصحبها إلتزام بمشاركة عادلة لمكونات الشعب السوداني في السلطة المركزية، يكفل لكل مكونات السودان الجهوية حقوقاً فدرالية حقيقية لممارسة حكم ذاتي ديمقراطي.
*أعزائي القراء إسمحوا لي أن اقدم هذه الإضاءات لكم، متزامنة مع عودة الإمام الصادق المهدي إلى مكانه الطبيعي في ساحة العطاء الديني والفكري والسياسي في الهواء الطلق، علها تعين في الإتفاق على بطاقة الهوية السودانية الجامعة اللازمة لتأمين السلام و إستكماله في كل ربوع السودان، وإعتماد إستحقاقتها في دستور السودان المرتقب.
[/JUSTIFY]

كلام الناس – نور الدين مدني
[email]noradin@msn.com[/email]