عبد الجليل سليمان

الديمقراطية السودانية


[JUSTIFY]
الديمقراطية السودانية

أراهم يخطون حثيثاً نحو تكريس ما يعرف بالأحزاب العائلية، فيأتي أحدهم ببنت عمه في الأمانة العامة ويلحقها بابنته نائبة له، وبطريقة ما سمِها مُخاتلة وإن شئت ملتوية يدفع بابنة من خارج أُطر الحزب مساعداً لرئيس الجمهورية. إنه الإمام (الصادق المهدي) في رحلته الميمونة نحو الديمقراطية الليبرالية المُنبثقة من مفاهيم (إسلام الصحوة)، وبذات الأسلوب، يدفع مولانا الميرغني بابنه إلى ترويكا الرئاسة، وبابن أخيه ناطقاً رسمياً (ربما وزير إعلام) في أول حكومية انتقالية (ائتلافية).

ثمّ، وفي أحزاب أخرى (مُنسلخة) من الأمة والاتحادي يحدث ذلك، أبناء عم وزوجات وأبناء خالات وبنات أعمام وإن نزلن، يُسكنون في مناصبٍ ذات (سنام شحيم) وليس لهم من مؤهلات توليها ناقة ولا جمل، وما قصة الوزير عثمان عمر الشريف وابنته التي احتلت الصحف هذه الأيام إلاّ نموذجاً يُشبه نموذج رئيس مفوضية الانتخابات السابق وابنته التي هي (سكرتيرته).

هذه الأحزاب التي يفعل قادتها كل هذه الأفاعيل ويحتبلون كل تلك الأحابيل، ويهتبلون سانحة وجودهم في كابينة القيادة ليأتي كل واحد منهم بأمه وأبيه وصاحبته وبنيه يلتفون حوله ويشدون أزره ويكرسونه طاغية ومستبداً، هي ذات الأحزاب التي تصدع رؤوسنا بالديمقراطية جهاراً وتثقب بها آذاننا إذ تسر بها إلينا إسرارا، هي أحزاب بينها وبين الديمقراطية كالذي بيني وبين (البامبي).

هي أحزاب تعتور نُظمها الداخلية وتكويناتها مُذ نشأتها الأولى الكثير من التناقضات الأمر الذي يسر للحركة الإسلامية تفكيكها هياكلها وتمزيق أطرها شر ممزق، فأصبحت مزعاً تتناوشها الصقور الجائعة.

تذكرني تلك الأحزاب بحزبي البعث في العراق وسوريا، فبينما كانا يدعيان الديمقراطية كان صدام يعمد ولديه ليرثانه، وكذا كان يفعل القذافي وبالمثل كان يخطط حافظ الأسد. وها هما (الأمة والاتحادي) يمضيان في ذات الطريق المُفخخ وهما لا يدريان أن (الأرض تنضح بالمقادير الدفينة).

إنها ديمقراطية التوريث، لا فرق بينها وبين الأنظمة الملكية العضود، وربما في الأخيرة خير كونها واضحة المعالم، بينما حزبانا الكبيران مطموسان ومنبتان، لا أرض الملكية قطعا ولا ظهر الديمقراطية أبقيا.

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي