داليا الياس

صداقات.. زائفة


[JUSTIFY]
صداقات.. زائفة

الخيانة فعلٌ مذموم من الجميع.. ورغم ذلك نجد بيننا دائماً من يمارسها ويرتكبها في حق علائقنا الإنسانية المختلفة ويجعلنا نُصدم في الآخرين ونفقد الكثير من إقبالنا على الحياة وثقتنا في الناس. وتزداد فداحة الأمر إذا أتت الخيانة من شخص قريب نعرفه عن كثب أو هكذا نعتقد، سواء أكان قريباً أو صديقاً أو حبيباً. وحيث يشعر الإنسان بأنه غير قادر على التصرُّف بشكل سليم تجاه هذه الضربة التي جاءته من حيث لا يحتسب.

ونماذج الخيانة كثيرة ومتعددة، منها على سبيل المثال خيانة أحد الزوجين، أو خيانة شريك العمل، أو خيانة الصديق لصديقه أو الصديقة لصديقتها، وفي هذا الإطار تتفرع خيانات الصداقة لتشمل إفشاء الأسرار والفتنة مع الغير وسرقة الأزواج وإقامة علاقات مع الأخوات والخداع والنصب والاستغلال وغيرها من تفاصيل مريعة لا تمت إلى الصداقة الحقيقية بصِلة، لذلك فهي في الأصل صداقات زائفة لا تحمل من اسمها الكثير.

عموماً.. الخيانة موجودة في كل أشكال العلاقات الإنسانية المتعارف عليها، والإنسان الذي يتجه للإتيان بفعل الخيانة يكون لديه استعداد مُسبق لها، وهذا ما يجعلنا نلاحظ أن الأسرة الواحدة أو المحيط الاجتماعي الواحد قد يكون به فرد خائن وآخر مخلص، والأمر لا يتعلق بجينات وراثية أو جنس معيّن، ودراسة حالة الشخص الخائن في إطار ظروفه المجتمعية والأسرية والبيئية قد تُعطي تبريرات وتفاسير لإقبال الشخص على فعل الخيانة ومنها قد يمكن إيجاد مخرج لحل المشكلة، سواء أكان دينياً أو اجتماعياً أو نفسياً، فكل إنسان لديه نواحٍ إيجابية يمكن تنميتها للقضاء على الأخطاء. والشخص الخائن الذي يُفكّر في استغلال ثقة أصدقائه مثلاً لتحقيق مكاسب شخصية أو إشباع رغبات سالبة، هو بالطبع إنسان غير سوي، يقوم بتدمير قيمة غالية في حياته وهي الصداقه.

وبهذا فإن قيامه بأي فعل آخر مُشين أمر وارد, فالخيانة فعل غير مستحب في كل الأديان والأعراف الاجتماعية، وتقابل دائماً بالاستهجان والسخط حتى من الذين يأتون بها أحياناً

لذلك لابد من وجود ثقافة مضادة للخيانة، من خلال إستراتيجية طويلة المدى، تُخاطب كل فئات المجتمع وتنبِّه إلى مخاطر الخيانة وعواقبها، وتحدِّد لكل شخص دوره في حماية نفسه ومجتمعه من كارثة الخيانة التي قد لا تظهر فجأة ولكن تكون لها غالباً جذور موجودة في نفسية الفرد منذ طفولته. فالتنشئة هي التي تُحدِّد ميول ورغبات الفرد وجنوحه نحو تبخيس قدر العلاقات الإنسانية النبيلة واغتيال الثقة والاحترام.

إذن.. الخيانة سواء أكانت بالعلاقات غير المشروعة أو غيرها تبقى قاصمة الظهر لكل أنواع الصداقة، والمؤسف أنها استشرت ونمت في مجتمعنا فأصبح لبعض الزوجات عشيق هو في الغالب صديق الزوج الحميم، ولمعظم الأخوات علاقات بأصدقاء إخوانهن مع كامل تقديرنا للعلاقات ذات البُعد الإيجابي والأغراض الشريفة. بل إن الأمر ذهب أبعد من ذلك إذ أنه أصبح هناك أصدقاء آباء يطمعون في بنات أصدقائهم اليافعات. وهنا يجب أن نتوقف عند هذا النوع القذر من خيانة الصداقة لنفتح أعيننا على جانب خفي يندرج ضمن المسكوت عنه، فالآفة الحقيقية التي نُعاني منها هو اتباعنا لسياسة الصمت تجاه ظواهر وقضايا تغتال براءتنا وتفت في عضد تماسكنا وقيمنا الاجتماعية الفاضلة، فاحذروا من أصدقائكم على أعراضكم وعودوا إلى الدين الحنيف ولا تجعلوا الزيت قرب النار بادعاء الصداقة الزائفة.

تلويح:

ما لقيتي غير صاحبي الوحيد؟! كان تمشي إنتي مع السراب, وتسيبي لي صاحب العمر أشكيلو هم قلبي البريد!!

[/JUSTIFY]

إندياح – صحيفة اليوم التالي