عبد الجليل سليمان

رجل بلا صفات


[JUSTIFY]
رجل بلا صفات

يبدو بطل رواية (روبرت موسيل) السيد (أورليخ) مثل عنوان الرواية تماماً (رجل بلا صفات) الرواية الأصلية بعنوان (The Man Without Qualities)، وأشرت إلى العنوان الأصل لتحقيق معانٍ ربما تعجز عنها الترجمة.

المهم أن (أورليخ) يبدو إنساناً هشاً لا روابط ثابتة له، ليست لديه علاقات ومنفصم عما حوله وعمن حوله، وبالتالي انتقل الأمر لنسله (سلالته)، فنجم عن ذلك مجتمع متفكك يعاني من وهن غرائبي في الروابط الإنسانية، مجتمع ينعدم فيه الحس بالأمن والسلام، وتعم فيه الرغبات المتصارعة التي تصل حد افتقاد الرؤية والتوهان، فتتخلق عنها صورة مركبة تبدو وكأنها تقريبية ويبدو سطحها شديد التشظي ولا عمق لها.

العلاقات الإنسانية والاجتماعية الناجمة عن السياسة هي بطل الرواية الحقيقي، وعليه، فإن مقاربة الرواية بماثل وراهن السودان يبدو أمراً شيقاً ومنطقياً في آن.

ما يحدث من متناثرات هنا وهناك، يجعلك تجزم بأن السودان صار بلداً بلا صفات بلا كيفيات، والمراقب للأحداث خلال الأسبوعين المنصرم والجاري لا يُعييه الأمر، فمن أحداث كنانة والنزاع المعضد بالعضل، إلى محاولة اغتيال الزميل (عثمان ميرغني) وموقف اتحاد الصحفيين منها، إلى فتوى هيئة علماء السودان التابعة للدولة بشأن الأحداث في غزة، إلى ما يجري داخل اجتماعات (7+ 7) والتسريبات التي تفوح برائحة تسويات تجعل من الحوار وكأنه لم يحدث ومن المتحاورين وكأنهم جاءوا ليبايعوا الحزب الحاكم في المنشط والمكره.

كل ذلك، ولن نتحدث عن تفاصيل العبث اليومي من المعيشة الضنكة وإراقة الدماء في دارفور والصراع بين مجموعات داخل الحزب القابض على الكراسي الفخيمة… و… ما يحدث من تهديدات علنية ومبطنة ضد الصحفيين ومصادرة آرائهم وضمائرهم, بلد يحدث فيه ما يحدث، هو بلد بلا صفات وبلا رائحة أو طعم، بلد طارد بعمق معنى الكلمة.

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي