هيثم كابو

رحيل مُرسي الزناتي


رحيل مُرسي الزناتي
[JUSTIFY] * تظل برمجة الفضائيات العربية في الأعياد واحداً منقوصاً لا يكتمل الا بإعادة عرض مسرحية (مدرسة المشاغبين) التي تمثل (فصلاً استثنائياً) في تاريخ المسرح العربي في العصر الحديث ..!

* لم تقدم (مدرسة المشاغبين) نفسها كمسرحية مختلفة تربعت على سدة عرش الكوميديا فحسب، ولكنها منحت شباباً مسكوناً بالموهبة جواز مرور للساحة الفنية، وسلمتهم طائعة مختارة مفاتيح الصيت والذيوع وفتحت لهم مغاليق أبواب النجومية .

* عرف الناس الزعيم عادل إمام عن كثب عبر (مدرسة المشاغبين)، وقدم الأسطورة أحمد زكي من خلالها أوراق اعتماده للمسرح العربي، وحفظ بعدها الناس اسم ريحانة الكوميديا يونس شلبي، وقال في فصولها المُقِل المجود هادي الجيار كلمته، بينما كانت الابتسامات تلاحق الشاب القادم بسرعة الإفلات سعيد صالح وهو ينحت على الصخر بصبر مستنداً على موهبة فذة في تجربته المسرحية الثانية بعد (هالو شلبي)..!

* أحدثت مدرسة المشاغبين التي تعتبر علامة كوميدية فارقة هزة عنيفة في المسرح العربي في مطلع ثمانينيات القرن المنصرم، واستمر نجاح عروضها المتدفقة لسنوات طوال، وبات اسم سعيد صالح محفوراً في الأفئدة ومحفوظاً لكل لسان، كيف لا وتعليقات الطالب الشقي (مرسي الزناتي) مع أستاذته سهير البابلي ومدير المدرسة حسن مصطفى راسخة في الأذهان ويرددها الجميع في جلساتهم بعدما سارت بقفشاتها الركبان .

* الكوميديان المصري سعيد صالح الحاصل على (ليسانس الآداب) في جامعة القاهرة قبل أربعة وخمسين عاماً لم يكن ممثلاً عادياً وإن كانت فترتا سجنه (سياسياً) عام 1983م، وبتهمة تعاطي المخدرات عام 1991م قد أثرتا عليه كثيراً، وأوقفت النكسة الثانية تحديداً تقدمه المسرحي والسينمائي رغم ثنائيته مع عادل إمام في أعمال خالدة، ونجاحه الكاسح في (العيال كبرت) و(نحن نشكر الظروف) وغيرها من المسرحيات .

* أغمض سعيد صالح إغماضته الأخيرة يوم أمس الأول عن عمر ناهز 76 عاماً بعد صراع مرير مع المرض بمستشفى المعادي للقوات المسلحة بالقاهرة لتتوشح السينما العربية بالسواد ويعلن المسرح الحداد .

* يحسب لسعيد صالح أنه حطم الرقم القياسي بمشاركته في أكثر من خمسمائة فيلم تمثل ثلث إنتاج السينما المصرية منذ انطلاقة مشوارها الحافل بالعطاء والإنتاج، كما أنه عمل بأكثر من ثلاثمائة مسرحية، ورحل عن الدنيا وهو في شوق لنص ساحر وسيناريو ساخر .

* تراجعت أسهم سلطان الكوميديا كثيراً في العشرين سنة الأخيرة، ولو مضت مسيرته بذات تألق ونجاح الثمانينيات الذي لم يحده حدود لما وجد عادل إمام طريق الزعامة مفروشاً بالورود .

* رحل (أبو هند) في وقت أصبحت فيه السينما المصرية تتسابق لإنتاج (أفلام المقاولات)، بينما تراجع المسرح ولم يعد يقود حركة التغيير والاستنارة ويهبش عصب قضايا الناس وهموم الأمة بما يقدمه من كوميديا مليئة بالمواجع وغنية بالرسائل ومحتشدة بالمعاني والمفارقات .

* انسل المشاغب الأكبر (مرسي الزناتي) عن الدنيا في هدوء تام، وفي البال روائعه في المسرح السياسي وحادثة سجنه في عام 1983م بسبب مقولته الشهيرة (أمي اتجوزت تلاتة مرات.. الأول أكلنا المِش، والتاني علّمنا الغِش، والتالت لا بهش ولا بينش) قاصداً بذلك رؤساء الجمهورية الثلاثة الذين تناوبوا على حكم مصر .

* نسأل المولى سبحانه وتعالى لسعيد صالح الرحمة والمغفرة .. (إنا لله وإنا اليه راجعون).

نفس أخير

* سلام يا صاحبي ..!!

[/JUSTIFY]

ضد التيار – صحيفة اليوم التالي