عبد الجليل سليمان

زغني بلوبلو وشطة السياسيين


[JUSTIFY]
زغني بلوبلو وشطة السياسيين

اعْتبرتْ الفنانة الاستعراضية الأكثر شُهرة، في دردشة أجراها معها الزميل (عبد المنعم شجرابي) نُشِرتْ أمس، على أخيرة يومية (المُستقلة)، اعتبرت نفسها أفضل طاهية زغني في السودان، إذ قالت (زغني بلوبلو ما في أحسن منو)!

بالطبع، لن يستطيع جُلّ المواطنين السودانيين الاستمتاع بمذاقِ (زغني بلوبلو)، وذلك لسببين، أولهما بُنيوي و(ذاتي) مُتعلق بصناعةِ الزغني نفسه، إذ أنّ (الشطّةَ والبُهارات الحارقة) تُعد أهم مكوناته، وثانيهما أن معظم السودانيين مرضى بالقولون (المُصران العصبي) لذلك يتمكنوا من (أكل أصابعهم) وراء زغنيها الرهيب، وبالتالي فإنها لن تجد بُدّا من اتخاذ المثل القائل (الحلو ما يكملش) أسوة حسنة وقنديلاً مرشداً.

حسناً، قد يبدو الأمر في مقاربته بالواقعين السياسي والاقتصادي الراهن عبثياً بعض الشيء، لكنه يكن بين تضاعيفه حقائق كثيرة، تمثل دعائم ورافعات للمحاججة والمقارنة، إذ أن طيب مذاق زغني الفنانة الاستعراضية شبه المُنزوية منذ سنوات، يجعل كثيرين يتلمظونه فيسيل لعابهم، لكن يظل دونه خرط القتاد إذ يُهيج المصران وربما يودي إلى هلاك وفناء وشيكين، وهذه إلى حد لا بأس به، صورة تقترب من راهن (الوطن).

وطن مطهي بشكل جيّد، لكنه من يقوم على أمره استعراضيون (منزوون)، يضعون عليه الكثير من الشطة والبهار، فيتسببون بالمصران العصبي لمواطنيهم فيجعلونهم يتخلون مُجبرين عن تناول (طبقهم) المفضل تقرأ (وطنهم) المفضل – فلا يكون لديهم سوى خيارين، إما الهروب منه إلى (طبق) بديل، وإما معارضة صنعه داخل مطابخهم أي إقصائه.

الحال الماثل، يجعل تناول زغني السياسة أمراً باهظ الكلفة. فالوطني يضع شطته على طبق الحوار، وممثلو الأحزاب يهيج مصرانهم من (اللقمة) الأولى فينفضون أيديهم، وبعضهم ممن لا يستطيع التحكم في لعابه (يأكل) بغض النظر عن ما ينتظر أمعاءه ومعدته.

وحين تقرأ في صحف أمس، عناوين مثل: مسلحون يغلقون طريق كسلا لساعات، وإنشاء مفوضية لمكافحة وملاحقة المفسدين، والخرطوم تفتح مستشفياتها لجرحى غزة، تحتاح أنفك رائحة الزغني النفاذة والحاذقة.

[/JUSTIFY]

الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي