أبشر الماحي الصائم

“خيش” الحكومة


[JUSTIFY]
“خيش” الحكومة

كما يقع كل السودان هذه الأيام تحت خط الفاصل المداري، بحيث تكون البلاد كلها عرضة لهطول الأمطار.. ففي المقابل تكون أرض النيل والشمس والصحراء برمتها قد وقعت أيضا تحت قبضة أهزوجة (عجبوني الليلة جو ترسو البحر صددوه).. فنحن أمة تربت على مقاومة النيل ومقارعة موسم فيوضات المياه.. ومن ثم ننظر دائما إلى هذا الموسم على أنه موسم كوارث ونقمة فلا نملك إﻻ أن نقابله (باللواري والخرصان).. على أن البطولة كل البطولة هي صد هذه الفيوضات ومقاومتها، ﻻ تذليلها وتطويعها لصالح مشروعنا التاريخي الإستراتيجي الذي هو الزراعة وﻻ شيء غير الزراعة.. فننسى في لحظة ثورة حمقاء أننا تلك الأمة التي تستورد غذاءها بما يقارب الملياري دوﻻر أمريكي، حيث ﻻ دولارات أصلاً في خزانة دولة مستهلكة غير منتجة.. وخطورة هذه الثقافة العدائية المتوارثة تجاه موسم الزراعة المطري، تكمن في أننا ننفق بسخاء كل ما بيدينا من آليات وخيش وخماسة لحماية وحراسة بيوت الجالوص المشيدة أصلاً على مجاري الخيران والأنهار.. ولما يقيض الماء ونستوي على الجودي، نجد أن قوتنا وآلياتنا وخيشنا وأناشيدنا التي يفترض أننا ندخرها للزراعة، قد أنفقناها لمقاومة الموسم بسخاء.. فلا يعقل أن تكون لنا عشرات الأناشيد والأغاني التي ترسخ إلى نقمة موسم الخريف.. وﻻ نملك إلا أهزوجة يتيمة تبشر بالنيل والحياة.. اجري يا نيل الحياة لولاك ما كانت حياة.. لو كان أمر الأحلام والأشواق والإعلام بيدي لجعلتها شعارا لموسم الخريف حتى تنشأ أجيال بأكملها معافاة ومتصالحة مع نفسها وتأريخها وأرضها وزراعتها وحاضرها ومستقبلها.. وأهزوجة جماهيرية وتراثية على شاكلة (الفينا مشهودة عارفانا المكارم الحارة أنحنا بنخوضها).. التي نوظفها لصالح المقاومة.. كان بالإمكان عرضها مصحوبة بنفير الزراعة وسط المزارع والحقول حتى تكون في خدمة ثقافة التحريض للزراعة.. ولئن كانت الأمم تصمم أشعارها وأغانيها وفضائياتها لخدمة مشروعاتها الإستراتيجية الكبرى، كما أغاني الحصاد في الهند.. فيفترض أن تكون لنا عشرات البرامج على شاكلة.. أغاني وأغاني.. تعلى من قدر الزراعة التي هي قدرنا وحياتنا.. ليس هذا فحسب، بل ومنذ رحيل برنامج الحقل والعلم مع رحيل صاحبه نورالدين سيد أحمد يرحمه الله رحمة واسعة لم نستطع إنتاج برنامج زراعي ذي بال و… و…

وللذين يقرأون بتطرف، أنا لم أدع إهمال نجدة المتضررين بقدر ما رأيت أننا نضر أنفسنا لما نختار مجاري السيول وضفاف الأنهار سكننا.. ولما نهلك كل أحلامنا في ثقافة ترسو البحر صددوه.. جعلها أمطار خير وبركة ..

[/JUSTIFY]

ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي
[EMAIL]Malazat123@gmail.com[/EMAIL]