صلاح الدين عووضة

اللهم فأشقق عليها !!


[JUSTIFY]
اللهم فأشقق عليها !!

* ونحن في طريقنا إلى الكويت- قبل سنوات- حللنا بعاصمة دولة عربية ليومٍ واحد..
* وعند استلامي مفتاح الغرفة- بالفندق- سألني موظف الاستقبال مبتسماً: (أتحب أن تفرفش؟)..
* ولأنني فهمت (الفرفشة) هذه شيئاً معيناً- وقتذاك- فقد اعتذرت قائلاً باقتضاب (لا، شكراً)..
* وما أن ولجت الغرفة حتى سمعت طرقاً على الباب لأجد عاملاً واقفاً عنده يقول: (لدينا أشياء في الثلاجة نريد أخذها)..
* فإذا بـ(الأشياء) هذه زجاجات من مختلف الألوان والأحجام والأشكال تزاحمها في الثلاجة شرائح جبن وبطاطس وزيتون و (مقرمشات)..
* وبعد أن فهمت – حينها – المقصود من مفردة موظف الاستقبال تلك قلت في سري أن الذي أقام قبلي في الغرفة هذه يبدو أنه كان محباً لـ(الفرفشة)..
*ثم في صالة الطعام فوجئنا بأن الموائد تخلو من الماء ما لم (تدفع)..
* وعند وصولنا الكويت حدث شيء هو نقيض لكل الذي ذكرنا هذا تماماً..
*فالثلاجات كانت تعج بالفاكهة والعصائر والحلويات ..
* ثم طرقٌ على الباب لتلج طاولة متحركة محمّلة بكل ما لذ وطاب دونما (مُفرفِشات!)..
* ونُخطر- بعد ذلك- بأن المأكولات والمشروبات كافة داخل الفندق الفخيم على حساب الحكومة مُمثلةً في وزارة الإعلام..
* ويصرُّ صديقي الحاج وراق أن يسأل إن كان (الكرم) هذا يشمل القهوة كذلك- وهو ينافس في عشقه لها أهلنا الهدندوة- فيأتيه الرد سريعاً (أي نعم)..
* ونعلم بعد يومين من إقامتنا هناك أن (الكرم!) هذا غير مقتصر على ضيوف البلاد وحسب وإنما هو (نزوع حكومي) تجاه المقيمين على أرض الكويت أجمعين..
* ونسمع- في السياق هذا- إشارات إلى حديث نبوي يحض على الرحمة تضعه القيادة نصب أعين وزرائها..
* إنه القائل ذاك :(اللهم من ولي أمراً من أمر أمتي شيئاً فشقَّ عليهم فأشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به)..
* وللسبب هذا لم نُفاجأ بالقرار الحكومي القاضي بـ(مجانية!) المياه للمواطنين كافة..
* ثم بالقرار القاضي بتخفيض تعرفة الكهرباء..
* ثم بالقرار القاضي بإلغاء كثير من الرسوم الخدمية..
* ثم بالقرار القاضي برفع الأجور لمواجهة متطلبات المعيشة..
* ثم صدر الآن قرار قضى بإسقاط كثير من المديونيات المصرفية على المواطنين على أن تتحمّل الحكومة تكلفتها..
* وما لا يشمله القرار هذا من مديونيات يتم جدولتها بشكل ميسَّر كيما يدفعها المواطن (على أقل من مهله!)..
* ولأن حكومة الكويت (ترفق!) بشعبها فهي لا تواجه ما تسميه حكومات أخرى (تحدّيات) أو (ابتلاءات) أو (استهدافات)..
* فأمورها كلها تسير بـ(رفق) على عكس أخرى (تشق) على مواطنيها فـ(يشق الله عليها!)..
*حكومات حين يمتحنها الله بنعمة النفط – مثلاً – تسقط في اختبار (الرحمة تجاه المواطنين!) بجدارة وشعار بعض أفرادها (نفسي نفسي)..
*فهي (تشق!) عليهم – رغم النعمة – ليشق الله عليها بعد ذلك إلى حد انتظار (الرحمة) من الخارج..
*ثم لا يُلام من يصيح منهم متظلماً: (اللهم فأشقق عليها !!!).

[/JUSTIFY]

بالمنطق – صلاح الدين عووضة
صحيفة الأهرام اليوم