هيثم كابو

نهب علي عينك يا تاجر


نهب علي عينك يا تاجر
[JUSTIFY]

* كان (الأدب الجم، والتهذيب العالي، والوقار الزائد) يقف بمتجر بيع الموبايلات في ضاحية الرياض شرق الخرطوم حيث وضع ذلكم الشاب العشريني قدميه.. شبك ذراعيه على صدره منذ لحظة دخوله، وطلب من البائع جهاز موبايل (سامسونغ “نوت ثري”)، وظل يجول سريعاً ببصره من خلف عدسات نظارته داخل المتجر الذي لم ينفتح بابه الزجاجي من بعد دخوله سوى مرة واحدة حيث دخل أحد العاملين إلى حيث لم تتمكن كاميرا المراقبة من التقاط موقع وصوله بعد إعطائه ورقة للبائع الذي يقف أمام أجهزة الموبايل التي حجزت مكانها في الأرفف القابعة في الجانب الأيسر من المتجر بجوار الباب.

* ما إن وضع بائع الموبايلات جهاز (النوت ثري) الذي يقدر ثمنه بحوالي خمسة آلاف جنيه على الطاولة حتى فك الشاب ذراعيه سريعاً، وانحنى لتناوله بسرعة البرق دافعاً الباب الذي يقف بالقرب منه، وأطلق الفتى المحتال ساقيه للريح كما يفعل أسرع (نشال محترف) بعد خطفه لموبايل أو عند رؤية الناس له عند سحبه (محفظة) من جيب موظف كادح يتصبب عرقاً أثناء تجواله في هجير (موقف جاكسون) وسط (بِرك المياه الآسنة والزحمة)، والصهد الذي يلفح الوجوه ويلسعها بلا رحمة .

* ركض بائع الموبايلات ورفيقه بالمتجر خلف الشاب الذي كانت تنتظره بالخارج عربة مستعدة للانطلاق ليدس جسده النحيف داخلها في لحظة وصول المطاردين الذين لم يظفروا بشيء سوى الضرب على باب العربة الصغيرة التي (نهبت) الموبايل (النوت الثري) قبل أن تنهب الطريق مخلفة سيلاً من اللعنات والدهشة والصراخ والتساؤلات .

* وثّقت عدسات كاميرا المراقبة المزروعة داخل المتجر للحادثة منذ دخول الشاب خاطف الموبايل الذي تقول ملامحه الخادعة إنه “ود ناس ومن أسرة محترمة”، وإن وضعتك الأقدار أمامه في مكانٍ ما فإنك من الصعب أن تُصنِفه لصاً أو يدخل عندك “دائرة الاشتباه” ناهيك أن تتخيل أنه “خاطف محترف ومعتاد، ونهّاب جريء برتبة عداء أولمبياد”..!

* شاهدت فيديو الحادثة المؤسفة التي وقعت يوم الخميس الماضي وبدأ الناس منذ يومين في تداوله عبر (الواتس آب).. زادت قناعتي بأن مشكلة السودان المستقبلية لن تكون إطلاق نيران أو تكثيف ضغوط حكومية أو إعلان عصيان.. نعم، الحكومة تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية في ما يخص إفرازات المناخ السياسي السالبة وانعكاسات الوضع الاقتصادي، ولكن التغيير المجتمعي الخطير الذي نشهده الآن وانعدام القيم وتردي الأخلاق ينبغي أن تتحمل الأسر الهشة جانبها من المسؤولية فيه، فمستقبل شباب بلادي مظلم والتفكك طال عدداً ليس بقليل من البيوت وطوفان الدمار شمل الشباب، والأزمة الآن أكبر من عنجهية المؤتمر الوطني وعبثية المعارضة، وطالما أن السوس نخر عظام الأخلاق فمن الصعب افتراض أن الأزمة ستحل بعقد مفاوضات أو إعلان اتفاق أو توقيع ميثاق!!.

* كثيرون هم الذين تفننوا في السرقة في بلادي بشتى السبل ومختلف المسميات، ولكن (ود الناس الفي الفيديو) تفوق عليهم جميعاً بالخطف “على عينك يا تاجر” مع الركض الماراثوني في الطرقات، ولعمري إن هذا الانهيار المجتمعي يمثل أُس البلاء وسدرة منتهى الأزمات !!.

* إذا أُصيب القوم في أخلاقهم، فأقم عليهم مأتماً وعويلا !!.

أنفاس متقطعة

* حسين الصادق بدأ ينتفض فنياً ويحجز مكانه إعلامياً.. عاصم البنا ظلم نفسه عندما شارك باسم السودان في مسابقة للمطربين الواعدين الهواة الذين ينبغي ألا تتجاوز أعمارهم الخمسة والثلاثين عاماً.. وأسوأ ما في إجادة أحمد البنا لكرة القدم أنها لم تمنعه من احتراف الغناء..!!

* طلاوة صوت هاجر كباشي والأداء المميز الذي تظهر به خلال مشاركاتها المتباعدة على شاشات القنوات الفضائية لن يجعلها تتسيد الساحة الفنية، فليس بـ(الصوت) وحده يحيا الفنان..!!

* قلّ الحصار على بشار الأسد في الأراضي السورية، فانخفض (توحش) رغدة على شاشات القنوات الفضائية..!!

نفس أخير

* وخلف أمير الشعراء أحمد شوقي نردد:

صلاح أمرك للأخلاق مرجعه

فقّوم النفس بالأخلاق تستقم .

[/JUSTIFY]

ضد التيار – صحيفة اليوم التالي