صلاح الدين عووضة

(حيرتونا) !!


[JUSTIFY]
(حيرتونا) !!

*حين كنا نكتب عن قضية صاحبة الـ(مس كول) مع الجزار تبرعت حكومتنا بـ(20) ألف رأس من الخراف لحكومة (أخوها في الله) مرسي ..
*والـ(مس كول) من اللحمة – للذين لا يعلمون – هو ما دون ربع الكيلو ..
*أي ما نمكن أن نطلق عليه (شمومة) لا ترقى لمستوى (الدواقة)..
*وحين كنا نكتب عن احتجاجات معلمي الولايات مطالبةً بمتأخرات أجورهم تفضلت حكومتنا بمبلغ (10) ملايين دولار لـ(اخوانهم في الله) جماعة حماس..
*وحين تكتب الآن موظفة ببنك الدم عن حالات أطفال (توجع القلب) ترسل حكومتنا (5) ألف زجاجة دم إلى غزة من جملة مساعدات طبية بملون دولار..
*ونحو مائة مريض – حسب الموظفة المذكورة – أُرجئت عملياتهم الجراحية بسبب نقص الدم هذا..
*وما بين هذا وذاك وتلك قصص (أليمة) لتبرعات تدفع بها حكومتنا نحو الخارج بعيداً عن الذين هم أحق بها في الداخل..
*بالله عليكم هل (عمركم) سمعتم بحكومة ينطبق عليها المثل القائل (أقرع ونزهي) أكثر من حكومتنا هذه ؟!..
*وفي مثل آخر – وكررناه حتى مللنا – (الزيت لو ما كفى أهل البيت يحرم على الجيران)..
*وإن قالوا أنهم (بتوع تأصيل) – قادة حكومتنا – ولا تعنيهم أمثالنا الشعبية هذه في شيء نعطيهم من (التأصيل)..
*ففي الحديث النبوي – رداً على أبي طلحة – (الأقربون أولى بالمعروف)..
*ورب العزة نفسه – لمزيد من التأصيل – يقول في كتابه الكريم (قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين)..
*اللهم إلا إن كانت الإنقاذ ترى أن أفراد شعبها ليسوا من (الأقربين) وإنما هم ضيوف ثقلاء عليها..
*يعني لا البؤساء من أهل دارفور ولا جبال النوبة ولا النيل الأزرق ولا الشمال النوبي يستحقون التوجيه النبوي هذا ..
*فقط سكان غزة و(اللي مش عاجبو من السودانيين أبواب السودان العربي المسلم تفوت جمل)..
*وقد (فوتت) الجنوبين من قبل كيما تبقى (هُوية) البلاد غير ذات (دغمسة)..
*قسماً بالله حار كاتب هذه السطور- ومثله كثيرون – في فهم عقلية جماعة الإنقاذ..
*وربما لن تزول الحيرة هذه إلا عبر تفسير نفساني علمي مثل الذي فسر به إريك فروم ظاهرة الاستكانة للطغاة لدى بعض الشعوب..
*فقد فسر عالم النفس الشهير – فروم – ظاهرة الخنوع هذه بـ(الخوف من الحرية) قائلاً أنها من صفات (العبيد)..
*يعني العبد الحقيقي هو الذي يعاني (رهاب الحرية) وليس كما يظن – وهماً – (مرضى) الاستعلاء العرقي..
*والغريبة أن النوع الثاني هذا من المرض هو الذي يمارسه تجاهنا بعض – ولا أقول كل – الذين تُغدق الإنقاذ عليهم من (حر مالنا) ..
*تغدق عليهم باعتبارهم – ربما – أقرب إليها (عرقاً) من بني جنسها الذين هم أحوج إلى التبرعات هذه منهم..
*وهنا قد تكمن العلة (النفسية) لظاهرة كرم حكومتنا المبالغ فيه تجاه (الخارج) ..
*أما تجاه (الداخل) فليس هناك سوى التهميش والتجويع والإفقار..
*و(حيرتونا بالجد) يا أهل الإنقاذ !!!
[/JUSTIFY]

بالمنطق – صلاح الدين عووضة
صحيفة الأهرام اليوم


تعليق واحد