منى ابوزيد

مشروع جريمة قتل ..!


مشروع جريمة قتل ..!
[JUSTIFY] “النظام أول قوانين السماء” .. ألكسندر بوب!

يتواصل الأهل ويتداخل الجيران في أمان الله بقلوب مفتوحة و أبواب مواربة ثم يكتشفون ـ فجأة ـ أن بين ظهرانيهم مغتصباً أو متحرشاً يتلصص بين نوافذهم المشرعة.. فمغتصب الأطفال قد لا تشوب سلوكه العام شائبة، وهو في الغالب الأعم شخصية نمطية تأكل الطعام وتمشي في الأسواق وتجامل في الأتراح و تبشِّر في الأعراس.. وهنا مكمن الخطر ..!
الملاحظ في السير الذاتية لمغتصبي الأطفال – الذين تحولوا بمرور الوقت إلى قتلة – هو تساهل المجتمع الأسري مع أفعالهم في مواقف سابقة وتسامح المجتمع المهني مع فضائحهم الأخلاقية في محيط العمل .. فيقال لك أن فلانا كان يعمل في مكان سابق وتم فصله لسوء السلوك .. وإن علاناً قد ثبتت عليه واقعة تحرش قبل أن تتم إدانته بجريمة اغتصاب .. وهكذا .. وهنا مكمن الخطورة، فغياب التدابير الرادعة وسذاجة التعاطي مع مفهوم “السترة” هو القاتل الصامت، وهو السبب الرئيس في تفاقم جرائم التحرش والاغتصاب في مجتمعاتنا ..!
لا معنى إيجابي إذن ولا فائدة يجنيها المجتمع من نفي وزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم لكون حالة مسجلة بعينها تحرشاً وليس اغتصاباً، فالفرق بين جريمة التحرش والاغتصاب هو مسألة صدفة لا أكثر .. بل ليت وزارة التربية والتعليم أعطت جريمة التحرش بالأطفال حقها من الخطورة في معض نفيها المتساهل – باعتبارها شروعاً في اغتصاب طفل مع سبق الإصرار وعظيم الترصد ..!
الفرق بين المُتحرِّش والمُغتصِب هو وقوع ظرف طارئ يحول دون اكتمال دائرة الجريمة.. والفرق بين الموت والحياة بين يدي المغتصب تحكمه تلك الشعرة التي تفصل بين السترة والفضيحة.. ومتى ما استشعر القاتل حلول الفضيحة تخلص من الطفل شاهد الجريمة، ثم عاد إلى ممارسة طقوس حياته السوية في ظاهرها دون أن يشعر به أحد ..!
المتحرشون بالأطفال هم مشاريع قتلة بامتياز، وقد ينجو الطفل المتحرش به لأنّ الظروف لم تكن مواتية لنوايا المعتدي .. لذلك نقول إن حماية المجتمع من هذه الجرائم يبدأ بوعي القائمين على أمره بأن حوادث التحرش هي أفعال إجرامية لها تكييف وتقييم مزدوجين (جريمة كاملة الأركان من جهة، وشروع مكتمل الأركان في ارتكاب جريمة أشد فظاعة من جهة أخرى) ..!
العلاقة بين انتشار الجرائم التي تقلق أمن المجتمع وتعديل مواد أو فقرات بعض القوانين طردية.. عندما تكشف بشاعة تلك الجرائم الفجوات ومواطن الضعف والقصور في بعض القوانين لا بد من فتح باب الاجتهاد بـ تعديلات متشددة، تحكم وثاق الظواهر فتحد من ارتكاب الجرائم ..!

(أرشيف الكاتبة)
[/JUSTIFY]

الكاتبة : منى أبوزيد
[email]munaabuzaid2@gmail.com[/email]